الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأجهزة الرقابية.. هل هي مراكز قوى جديدة؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- فى ضوء توجهات الدولة المصرية الجديدة فى محاربة الفساد، وإصرار الرئيس عبدالفتاح السيسى على ضرورة فتح كل ملفات الفساد الموجودة لدى الأجهزة الرقابية بلا استثناء قرأت مقالاً فى جريدة «المقال» بتاريخ ١١ أكتوبر ٢٠١٥ للأستاذ ياسر فتحى المحامى بالنقض أجاب فيه عن سؤالى فى عنوان مقالي: «الأجهزة الرقابية.. هل هى مراكز قوى جديدة؟!»، والحقيقة أن مقال الرجل فى غاية الأهمية وشديد الخطورة، ولأنه - كما يقول- رجل قانون، فإنه يملك الأوراق فى كتابة المقال بما لا يخرج على النص أو القانون.
- فهو فى البداية يقر بأهمية فكرة الرقابة والمراجعة وتحديدًا: الجهاز المركزى للمحاسبات وجهاز الرقابة الإدارية وأهميتهما فى متابعة وضبط الجهاز الإدارى للدولة.. وأشار المحامى بالنقض إلى استحالة التنمية فى ظل الفساد والفوضى الإدارية والجهل بقواعد العمل الإدارى والفنى لدى الموظفين، وهذا الوضع يستدعى جهدًا أكبر من الجهازين لاستعادة القواعد والنظام أو لحماية المال العام وردع المعتدين والمخربين والموتورين من الحالمين بالسيطرة ومواقع القيادة دون أن يكونوا أهلاً لها.
- وطرح كاتب المقال الأستاذ ياسر فتحى المحامى بالنقض سؤالين للإجابة عن السؤال المهم: ما دور الجهاز المركزى للمحاسبات وجهاز الرقابة الإدارية؟!
- السؤال الأول: هل هناك مهام محددة للجهاز المركزى والرقابة الإدارية؟!
- وأجاب: نعم، القوانين حددت دور كل منهما.
- والسؤال الثانى والمهم: هل يلتزم الجهازان بالمهام المحددة لهما فى القانون؟
- وأجاب: لا، هذه الأجهزة لا تلتزم بحدود الأدوار المنوطة بها، بل: تتغول على أدوار واختصاصات غيرها، وتتجاوز الحدود والقانون، واستشهد الكاتب على ذلك بخمس ظواهر هي:
١- الشلل الإداري، حيث يمتنع المسئولون عن توقيع العديد من الأوراق والقرارات التى هى من صميم اختصاصهم.
٢- التصعيد غير المبرر بعرض كل كبيرة وصغيرة على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية للجهات والشركات «الحكومية والمملوكة للمال العام» على الرغم من أن هذه الأمور هى من صميم أعمال الإدارة التنفيذية للجهة.
٣- الكم الهائل من اللجان التى تتشكل لممارسة مهام وتكليفات هى بطبيعتها من صميم أعمال الإدارات المتخصصة بالجهة.
٤- التأخر الشديد فى اعتماد نتائج التوصيات والقرارات وإعادة العرض أكثر من مرة على ذات الإدارات وذات القيادة.
٥- الإحجام عن اتخاذ القرارات مهما بدا واضحًا فيها المصلحة العامة لعدم مخالفة المعتاد من القواعد البيروقراطية.
- وأكد الكاتب أن هذه الظواهر جميعها يمارسها الشريف والفاسد والجاهل بذات الدرجة لأنهم لا يرغبون فى أن توجه إليهم تهمة الفساد أو شبهة تسهيل عمل دون غيره أو سرعة إنجاز عمل.
- ويرى الكاتب أن هذه المخاوف موجودة لدى جهاز الرقابة الإدارية، وأيضا لدى الجهاز المركزى للمحاسبات، لأن صور المراجعة التى نراها فى الجهاز المركزى للمحاسبات تتمثل فى تقارير تتضمن كمًا هائلاً من الملاحظات التى يستخدمها عضو الجهاز كمذكرة اتهام للشركة أو الجهة، ثم تقوم الشركة بالرد والإيضاح، فى حين أن عضو الجهاز فى الغالب يكون له مكتب دائم بالجهة التى يراقبها، وكان يستطيع أن يصل لكل الردود والإيضاحات قبل إصدار تقريره، ولكن أعضاء الجهاز يصرون على أن تتضمن تقاريرهم العدد الهائل من الملاحظات التى تعبر عن قيامه بعمل عظيم وجهد فائق «شكليًا طبعًا».
- ويفجر الكاتب الأستاذ ياسر فتحى المحامى بالنقض المفاجأة عندما قال: يجب النظر لفساد أعضاء الجهات الرقابية وهو موجود وفى صور مختلفة، لأن الفساد لا تقتصر صوره على تلقى عضو الجهاز أموالاً فقط، بل هناك صور مختلفة للفساد، فكم من حالات تدخل فيها عضو الجهاز لتوجيه أو ترسية مشروع على شركة بعينها، وكم من حالات طلب فيها عضو الجهاز تعيين قريب أو عزيز فى الجهة التى يراقب عليها، وكم من عضو جهاز تم تعيينه هو شخصيًا فى الجهة التى كان يراقب عليها، سواء بإجازة بدون مرتب أو بوصفه موظفًا أو مستشارًا بعد نهاية خدمته أو بمكافأة أو تحت أى وصف تحايلى لا يعنى ولا يمنع من أن يكون عضو الجهاز مستفيدًا بصورة ما، فى مقابل تقديم خدمة ما لهذه الجهة، وهذا هو وصف الفعل المعاقب عليه فى جريمة الرشوة، وأضاف الكاتب: إن جميع هذه الحالات وغيرها هى حالات فساد واضحة وحقيقية.
واختتم الأستاذ ياسر فتحى المحامى بالنقض مقاله بالنتائج المترتبة على هذه الجرائم قائلاً: لماذا لا يتم التصدى لهذه الحالات الأكثر وضوحًا وفجاجة وجميعها موجودة بالفعل؟!، وكيف تطمئن الدولة لرقابة يقوم بها من تحصل على خدمة أو مصلحة من الجهة التى يراقبها؟! وكيف يقوم الرقيب بعمله بقوة بعد تلقيه ميزة أو خدمة أو مجاملة هو يعلم قيمتها؟!.
- وبعد.. هذا المقال وهذا التحليل أقدمه للرئيس السيسى أولاً لأنه الرجل الشريف والعفيف الذى أخذ على عاتقه محاربة الفساد والمندسين، ثم أوجهه لرئيس جهاز الرقابة الإدارية ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وأسألهما: من يراقب أو يحاسب الرقيب فى هذين الجهازين الخطيرين حفاظًا على سمعتهما ومصداقيتهما وحفاظًا على المال العام والوطن؟! هل النزاهة والموضوعية والحيدة والشفافية تتوافر فى الرقيب على هذين الجهازين الوطنيين؟!
- أتمنى ذلك.