الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الانتخابات بين الفوز والفشل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أبدأ مقالى بأن أوجه تهنئة خالصة للصديق العزيز عبدالرحيم على الذى نجح نجاحا ساحقا من الدورة الأولى.
وشاءت الصدف أن أكون كالعادة بمبنى وزارة الزراعة للتصويت، وأن أتشرف كالعادة بأن أكون بجانب سيدة أعلت قدر الوطن، وأعطت الكثير لرجال قواتنا المسلحة أثناء حرب أكتوبر وهى السيدة المحترمة جيهان السادات، وكانت بصفة دائمة بجانب جرحى الحرب وقدمت لهم الكثير.وجاء ابنها العزيز جمال السادات الذى يصر دائما على أن يكون مع الجماهير فى «الطابور» مثلهم.
أما جيهان السادات فكانت دائما أول من يصل للتصويت قبل التاسعة صباحا وكانت قائمة المرشحين مليئة بالأسماء ولم نكن نعرف معظمهم وسألتنى ببساطة: لمن ستصوت؟ قلت لها «عبدالرحيم على». وردت علىّ بتلقائية: «طبعا...».
وعلى مستوى آخر سمعت أن اللواء أحمد فهمى الذى كان مسئولا عن إدارة الجوازات والجنسية بنجاح متميز خلال أعوام طويلة، قبل أن يصبح رئيس اتحاد الملاك لعمارة أبوالفتوح بالجيزة التى أقطن فيها، وهو يعتبر نموذجا نادرا لمن يمارسون نفس المسئولية، وعند نزوله فى الصباح للتصويت طلب منه العاملون بالمبنى: من تنصحنا بإعطائه صوتنا فأجاب «لعبدالرحيم على لأنه شخصية وطنية».
إذن تحيه تقدير وتهنئة للزميل العزيز عبدالرحيم على لنجاح استحقه واستحق معه تقدير شخصيات لها قدرها.
وعودة إلى الانتخابات لأقول إن ما أدهشنى هو القدر الكبير من الناخبات السيدات المتقدمات فى العمر وهن يبذلن الجهد وأحيانا على عربات يساعدهن فى حركتهن الرجال وبعض الشباب.
وبقى سؤال كبير حول إحجام كثير من الشباب عن التصويت وقد يكون السبب قلة معرفتهم بالمرشحين، وأيضا أن حملة التوعية حول الانتخابات بصفة عامة كانت محدودة.
ولكن بصفة عامة حتى ولو كان قدر المصوتين متواضعا إلا أن نسبة٢٠٪ أو ٢٥٪ تعتبر نسبة معقولة.
أما إحجام الشباب فهو موضوع فى احتياج إلى بحث ودراسة لأن له أخطاره على مستوى الأمة، هل هو فقط ما قلناه فى بداية المقال من أن حملة التوعية كانت محدودة، أم أن الشباب بصفة عامة أصبح قليل الاهتمام بمشاكلنا القومية والوطنية، وحينئذ لأبد من صحوة لدى قيادات الرأى العام لعمل خطة واعية ترتفع بمستوى المعرفة لدى الشباب فضلا عن لقاءات بين الأجيال لينتقل العلم بالشىء من جيل إلى جيل.
وبمناسبة الانتخابات فهى موضوع لا ينفصل عن الدستور، وهنا نحن فى احتياج إلى وقفة مع نقد ذاتى للدستور ونصوصه والأفكار التى تمثل خلفيته، وهنا أتذكر حوارا بينى وبين رجل الدولة والمفكر عمرو موسى الذى تولى مهمة عمل الدستور والإشراف على نصوصه، والذى يربطنى به قدر كبير من المودة والاحترام.
قلت للسيد عمرو موسى بعد الانتهاء من عمل الدستور: «أعتقد أن الدستور بشكله الحالى سيعطى البرلمان سلطة أعلى من السلطة التنفيذية فى حين أننا فى المرحلة الحالية فى احتياج إلى سلطة تنفيذية قوية.
فأجاب السيد عمرو موسى على كلماتى قائلا: هل تريدون دستورا ديمقراطيا أم لا..؟ فرددت عليه بنوع من الدعابة أنا لا أدرى أن النظام المصرى أصبح إسكندنافيا..؟ أى أن مصر أصبحت مثل الدنمارك..!!.
وأنا هنا لم أكن أقصد أن أستهين بقدر احتياجنا للديمقراطية ولكن كان تفكيرى يتجه إلى نظرية «النسبة» بمعنى أن المرحلة الحالية ليست فى احتياج إلى سلطة برلمانية مسيطرة ولكن إلى سلطة تنفيذية فعالة تتصدى للفوضى وتحدى الاستقرار. وهذا ما جعل البعض يعتقد أن مدة حياة البرلمان ستكون قصيرة.
وقبل أن نختم المقال لا يمكن أن نهمل أهم حدث حول الانتخابات وهو هزيمة الإخوان المسلمين وكذلك السلفيون، ووراء ذلك معان كبيرة أولها وعى هذا الشعب العظيم الذى كشف مناورات ومؤامرات وأخطار هذه الجماعات، بل أكثر من ذلك أن شعبنا المسلم والمؤمن اكتشف أيضا أن هذه الجماعات قد ساهمت بقدر كبير فى الإساءة لصورة الإسلام السمح الوسطى وأعطت صورة ظالمة تتهم ديننا بالتطرف.
على هذا المستوى وأمام هذه النقطة الجوهرية بالذات حول صورة الإسلام الصحيح نستطيع القول إن الانتخابات تمثل نموذج فوز لا شك فيه، ساهمنا جميعا فى الدفاع عن ديننا قال الله تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا».