السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الإقبال الجماهيري على الانتخابات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لو استخدمت عبارة شهيرة ذاعت فى العصر الناصرى لقلت بمناسبة الانتخابات النيابية- «دقت ساعة العمل الثورى»!
والعمل الثورى عبارة عامة قد تكون لها مدلولات متعددة، ولكن ما نقصده على وجه التحديد هو أن إقبال الجماهير على الذهاب إلى صناديق الانتخاب عمل ثورى بامتياز. وذلك لأن الانتخابات النيابية هى الخطوة الثالثة الحاسمة من خارطة الطريق التى أعلنها يوم ٣ يوليو «السيسى» حين كان وزيرا للدفاع- وتأتى منطقيا بعد وضع الدستور الجديد وانتخابات رئيس الجمهورية.
لماذا ينبغى اعتبار الإقبال الجماهيرى على الانتخابات النيابية عملا ثوريا؟
يرد ذلك إلى أسباب متعددة. لعل أهمها على الإطلاق الدلالة التاريخية البالغة الأهمية للثورة الشعبية التى قامت فى ٣٠ يونيو ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. فهذه الثورة التى نجحت فى عزل الرئيس السابق «محمد مرسى»- الذى سبق له أن أعلن نفسه بالإعلان الدستورى الشهير ديكتاتورا مطلق السراح- وحل الجماعة والقبض على زعمائها ومحاكمتهم فى جرائم العنف التى ارتكبوها، بالإضافة إلى جرائم التجسس والعمالة لقوى أجنبية، بدأت بخارطة الطريق التى تبنى نظاما سياسيا جديدا.
وهذا النظام السياسى الجديد تقف على رأسه الدولة، والدولة بعد ٣٠ يونيو تجددت وأصبحت كما أطلقنا عليها فى سلسلة مقالات مترابطة نشرت فى جريدة الأهرام- «دولة تنموية». والدولة التنموية بحسب التعريف- هى التى تقوم مهمتها الأساسية على أساس التخطيط الاستراتيجى للتنمية القومية المستدامة، ليس ذلك فقط بل تنفيذ الخطط التنموية عن طريق أجهزتها المتعددة، بالإضافة إلى إسهام القطاع الخاص المصرى والأجنبى. غير أن الجديد فى الموضوع أن هذا القطاع الخاص سيعمل تحت إشراف الدولة ورقابتها، ولن يترك له مجال التنمية القومية لكى ينفذ مشاريعه الهادفة إلى الربح حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة القومية، بالإضافة إلى أهمية التجدد المعرفى للنخب السياسية والثقافية.
ومن هنا تقع المسئولية على عاتق الجماهير فى دعم الأحزاب السياسية التى تقدمت بمرشحيها إلى الانتخابات، سواء عن طريق القوائم أو فى المقاعد الفردية، وينبغى على الناخبين إيلاء اختياراتهم فى الانتخابات أعظم الاهتمام.
والواقع أن المسئولية السياسية الملقاة على عاتق الناخب بعد ثورة ٣٠ يونيو جسيمة حقا، إذ عليه أن يرفض الممارسات البالية القديمة والتى كانت تعتمد على الرشاوى الانتخابية، وكذلك عليه أن يحارب ضد تأثير رأس المال على العملية الانتخابية، بالإضافة إلى تحييد الأدوار السلبية التى تلعبها العصبيات العائلية.
ولأن اختيار النائب الكفء مسئولية، لأنه لن يمثل دائرته فقط ولكنه حسب العبارة الدستورية الشهيرة هو يعد نائبا عن الأمة كلها.
بعبارة أخرى عليه ألا يركز كل اهتمامه على الخدمات المتنوعة التى يقدمها النائب إلى أبناء دائرته، وذلك واجب مشروع فى حد ذاته، ولكنه لا ينبغى أن يهمل واجبه الأهم وهو التعبير عن مطالب الجماهير العريضة، وهى فى الواقع مطالب متعددة.
ويمكن القول إن المسئولية الملقاة على عاتق الدولة التنموية بعد ٣٠ يونيو -والتى أعطاها الشعب كل ثقته من خلال التفويض الشعبى الذى لا سابقة له للرئيس «السيسى»- مسئولية جسيمة.
وذلك لأننا فى هذه اللحظة التاريخية التى يمر بها المجتمع المصرى ينجتاز مرحلة تخلف واسعة المدى فى كافة الميادين، ويكفى أن نتأمل هذه الأرقام المستقاة من واقع إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
معدل الأمية ٢٦٪، وهذه فى حد ذاتها كارثة سياسية واجتماعية وثقافية. أما عدد المواطنين تحت خط الفقر فهو ٢٦ مليون مواطن، بالإضافة إلى ١٨ مليون مواطن يقطنون فى العشوائيات. فإذا أضفنا إلى ذلك التدهور الشديد فى البنية التحتية، وتردى الخدمات العامة، وانهيار التعليم، وتهاوى الخدمات الطبية، لأدركنا أن مهمة الدولة التنموية جسيمة حقًا.
وهذه الدولة مهما كانت كفاءة وقدرات القيادة السياسية لا تستطيع بمفردها النهوض الشامل بهذه الأوضاع المتخلفة. ومن هنا فإن جهد المواطنين لا يقل إطلاقا عن جهد الدولة فى هذا المجال. ولذلك فإن للاختيار الرشيد للمواطنين لنوابهم فى البرلمان أهمية قصوى.
والبرلمان- وفقا للدستور- أعطيت له سلطات واسعة لكى يكون شريكا فاعلا مع رئيس الجمهورية سواء فى مجال صياغة رؤية استراتيجية متكاملة للبلاد، أو فى ميدان وضع خرائط تنموية وواقعية، بالإضافة إلى أهمية البرلمان فى وضع القوانين والتشريعات التى تسهل مهمة الدولة فى القيام بواجباتها التنموية، وأهم من ذلك دور البرلمان فى الرقابة والمحاسبة لأجهزة الدولة، وخصوصا فى مجال منع الفساد الذى سبق أن أهدر المليارات من أموال الشعب.
ونصل إلى خاتمة المقال والتى هى تلخيص للعبارات التى قدمنا بها الموضوع، وهى أن الإقبال الجماهيرى على الانتخابات واجب وطنى وضرورة قومية.