الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مبادرة: سأبني دائرتي وشبابها بدون البرلمان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تجتاز مصر الآن الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق والتى تم الإعلان عنها عقب إسقاط الشعب لنظام الإخوان، ورغم التحديات التى تواجه مجلس النواب القادم بصلاحياته الواسعة التى حددها الدستور فى ظل محاولات اختراقه من جماعة الإخوان الذين يتخذون أقنعة مختلفة من خلال الوجوه الجديدة أو من خلال حزب النور الذى لا يختلف عنهم، إلا أن الدولة أصرت على تنفيذ وعودها واستكمال خارطة المستقبل التى تم وضعها رغم محاولات إفشال هذه الخطوة، لتظل مصر فى مرحلة انتقالية بدون مجلس للنواب فى يديه السلطة التشريعية، فحاولوا حث الشعب على عدم الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات، ووجدنا كثيرا من القنوات الخاصة تحاول بشكل غير مباشر ترسيخ فكرة عدم نزول المواطنين للانتخابات من خلال توقعات بعدم نزولهم، وحتى من خلال الحملة الإعلامية التى تتخذ فى ظاهرها الترويج للانتخابات بينما تبطن المحاولة لزيادة المشهد ضبابية وتصوير الجمهور بكل فئاته، وكأنه لا يعلم أو يفهم شيئا عن العملية الانتخابية!!.. أو من خلال التركيز على التهديدات العبثية التى تلقاها عدد قليل من القضاة من بعض الأشخاص المجهولين لمحاولة إثنائهم عن مراقبة الانتخابات، وتسليط الضوء على ذلك والتهويل منه، مما يعطى لهؤلاء المجهولين حجمًا أكبر كثيرا مما يستحقون، ويحقق لهم أقصى ما يتمنونه بالدعاية لمحاولاتهم التى يريدون بها تخويف المواطنين من المشاركة فى الانتخابات.
ولكن على كل الأحوال لم يستطيعوا إثناء الحكومة عن موقفها بالمضى قدمًا نحو خارطة المستقبل التى رسمتها، ولم يتبق سوى أن نحاول استخلاص الدروس المستفادة، بدءًا من الجدل الذى كان يثار عند ذكر بعض الأسماء التى أرادت خوض الانتخابات ثم حسم القضاء للموقف، فقد كنت أتعجب من اعتراض البعض على بعض من يريدون الترشح أيًا من كانوا، فقد ارتأينا الاحتكام إلى الانتخابات، والقانون فقط هو من يحدد من له حق الترشح من عدمه، كما أن الشعب من حقه انتخاب من يرتضيه دون وصاية من أحد، وليس علينا سوى دور وحيد وهو التوعية، ولكن الاعتراض والتهكم والظواهر الحنجورية التى هبطت علينا فى السنوات الأخيرة ظواهر مقيتة، علينا أن نسعى إلى القضاء عليها، وعلينا أن نكون أكثر تجردًا فى خصوماتنا ومشاعرنا، ولنضع مصرنا فوق أرواحنا ولنعد إلى روح التسامح والتراضى، فها هى الانتخابات قد تمت وترشح من ترشح وخسر من خسر، ولكن يجب أن نسأل أنفسنا: هل كل من فازوا لديهم ثقافة سياسية تمكنهم من أداء عملهم كنواب للبرلمان؟! وهل ستظل مواقفنا دائما قائمة على رد الفعل تبعًا للمواقف، أم أننا يجب أن نهيئ الشعب بكل طوائفه لكيفية ممارسة الحقوق السياسية والتوعية بأهمية ذلك طالما اخترنا طريق الديمقراطية، ويجب من الآن أن نبدأ العمل على الأرض فى كل القرى والنجوع للتوعية، وفى نفس الوقت تقديم خدمات حقيقية بدلًا من أن نستمر فى خشيتنا من الجماعات الممولة التى تتخذ الإسلام كستار ولكنها استطاعت الوصول إلى قطاعات كبيرة من خلال العمل المنظم منذ سنوات.. لذلك أقترح مبادرة «سأبنى دائرتى وشبابها» لكل من لم يحالفه الحظ فى الترشح أو الفوز ممن يملكون النوايا الصادقة لخدمة الدولة واكتساب ثقة أهالى دوائرهم، وخاصة ممن يملكون الأموال مثل المهندس أحمد عز، بأن يسخروا طاقاتهم فى تأهيل شباب الدائرة لكيفية ممارسة السياسة ودراستها دراسة حقيقية، بتوفير أعلى الكوادر للتدريس لهم، كذلك جذب المتفوقين دراسيًا ومساعدتهم ماديًا، وإرسالهم إلى بعثات خارجية للحصول على أعلى الدرجات العلمية وتأهيلهم وتدريبهم للعمل مع الدولة وليس ضدها، كذلك عمل مسابقات لأهل الدائرة لأنظف حى وأجمل منزل أو محل تجارى، كذلك عمل مستشفيات صغيرة أو متنقلة لخدمة أهالى الحى والضعفاء منهم، وينظر إلى مدارس الدائرة لتصبح مدارس حقيقية، ويحرص على عمل ملاعب رياضية، وأن يمدها بالأدوات والأجهزة والإنشاءات، والنظر إلى أصحاب الحرف اليدوية والعمل على تأهيلهم وتقويتهم إلى أعلى درجات الحرفية، لأننا أصبحنا نعانى من ضعف أصحاب المهن وندرتهم، كذلك توفير مدربين على الصناعات اليدوية الصغيرة والتشجيع عليها لسيدات البيوت والمرأة المعيلة وغيرهن، كما يمكن اجتذاب أصحاب الابتلاءات من المعاقين جسديًا أو ذهنيًا، ومدهم بما يسهل عليهم الحياة، وجذبهم إلى ميادين العمل كل حسب قدرته وإمكانياته وعلينا أن نراهم بعين أخرى، فداخل هؤلاء إرادة وتصميم يفوق الأصحاء آلاف المرات وهو ما شهدته من خلال الاحتكاك المباشر بهم.. كما يمكن لمن يملكون خبرة برلمانية سابقة أن ينشئوا برلمانًا مصغرًا أو تمهيديًا يعلم الملتحقين به الحياة البرلمانية وكيفية ممارستها.. فمن يريد خدمة وطنه ولا ينتظر عائدا لنفسه مقابل ترشحه يمكن أن يخلق لنفسه دورًا بناء ورسالة حقيقية، ويمكن أن يصبح مصنعًا للإنسان بالتربية والتعليم والتأهيل، وإتاحة الفرص، فكم من نواب برلمان نالوا لعنات منتخبيهم بعد أن خيبوا آمالهم وأعطوا ظهورهم لدوائرهم، وكم من أصحاب الأيادى المعطاءة يحيا بين الناس رغم زوال الجسد بسيرته وعطائه.