دار بيني وبين عدد من الشباب حوار مطول استغرق ساعتين ونصف الساعة، داخل أحد المبانى الخدمية التابعة للكنيسة، الحوار كانت بدايته عن أحوال الخدمة فى الكنيسة، إلا أن السياسة داعبتنا، وشدت من انتباهنا لأننا على أعتاب خطوة خطيرة فى الحياة المصرية، وهى انتخابات مجلس النواب.
وفى مستهل الحديث وجه أحد الشباب تساؤلا أثار استعجابى قائلا: «انتو متخيلين ومصدقين إن المسيحيين هيبقى ليهم عدد فى البرلمان؟!»، لم أرد عن قصد، حتى أعرف رأى من حولى، فوجئت بأن أغلبية الموجودين لديهم ثقة كبيرة بأن برلمان هذا العصر سيشهد وجودا قبطيا ملحوظا، قلت: «صدقونى، فيه مرشحين مسلمين أفضل من مرشحين مسيحيين، وبيدافعوا عن قضايا الأقباط أكثر من أصحاب المشكلة».
وبعد التطرق إلى بعض الأسماء المرشحة للانتخابات، سأل أحد الشباب، فوجئت بعدها أنه من أرض اللواء، قال: «إيه اللى هيخلينى انتخب عبدالرحيم على؟! بالطبع هذا الشاب يعلم جيدا علاقتى بمرشح دائرته الدقى والعجوزة».
بصراحة شديدة.. انتابنى شعور بالتحفظ بعدم الحديث عن الدكتور عبدالرحيم علي بشكل مستفيض حتى لا يتهمنى أحد منهم أن هدفى التأثير عليهم، رغم تحيزى له فى كلامى.
نعود إلى السؤال: «إيه اللى هيخلينى أنتخب عبدالرحيم على؟!».
معروف لدى قيادات الكنيسة والأقباط أن عبدالرحيم على رجل يدافع عن قضاياهم من زمن بعيد، بداية من عمله كصحفى، وله من الكتابات التى يهاجم فيها حكومات وأحزاب وأفراد حاولوا النيل من وطنية الأقباط وحقوقهم السياسية والدينية، لدرجة أنه قال لى فى أحد لقاءاتى معه: «أنا أعتقد أن الأقباط أشجع وأنزه وأكثر وطنية، وسيخرجون عن بكرة أبيهم، ليعطوا أصواتهم لمن يستحق، لأنهم يخافون على وطنهم، والقادم سيؤثر عليهم، فإن لم يخرجوا سيؤثر بشكل سلبى عليهم، وإن خرجوا للتصويت فسيؤثر عليهم بشكل إيجابى».
وبعد أزمة تهجير الأقباط، أرسل عبدالرحيم رسالة إلى الرئيس ينتقد فيها هذا الأمر، ويدعوه إلى القضاء على هذه الظاهرة، بل طالب فى أكثر من مناسبة بتحقيق وتنفيذ مطالب الأقباط التى هى من حقهم، والتى تعانى من حبيسة الأدراج.
قال «علي»: إن الأقباط مطالبهم محددة وواضحة، وقد كشفت عنها جميع الأحداث والمشكلات التى مرت بالبلاد طوال العقود الخمسة الماضية وهى: إيجاد حل سهل، ومريح، لبناء دور العبادة الخاصة بهم، والبحث عن حلول عملية لمشكلة تمثيلهم السياسى، وإزالة الاحتقان الطائفى بإيجاد قانون ينص على احترام المعتقدات وتحريم إثارة الفتنة والتحريض عليها، وأخيرًا إعمال القانون، وحماية نساء الأقباط، والقاصرات منهم، خصوصًا من عمليات الخطف المنظم، التى تتم تحت ستار «غرام الأفاعى» بين مسلم ومسيحية، ذلك «الغرام» الذى لا يسمح سوى أن يكون طرفاه فتاة مسيحية وشابًا مسلمًا، ولا يسمح بالعكس أبدًا، وأخيرًا إلغاء ومحو كلمة «التهجير القصرى» للأقباط نهائيًا من قاموسنا، لأنها عار يطالنا جميعًا.
دعم عبدالرحيم موقف البابا الرافض لترشح أقباط على قوائم حزب السلفيين، وأكد أن مطالبة البابا تواضروس للأقباط المنضمين إلى حزب النور بمراجعة أنفسهم صحيحة.
عزيزى القبطى، لا يهمنى أن يكون بداخل البرلمان رجل يحمل خانة الديانة المسيحية، لكنه يحمل خانة الجنسية المصرية، رجل يشعر بك ويقتنع بوجود مشاكل تحاصرك، ويحاول جاهدا أن يعرضها على المجلس القادم وإيجاد حل لها.