ودعت مصر بعد 25 يناير الانتخابات المزورة ، وانهت أسطورة الحزب الواحد ، ورفضت محاولة استنساخه في عهد حكم الجماعة الارهابية ، واصبح مشهد طوابير الناخبين على باب اللجان الانتخابية مسار استحسان العالم ودليل على التغيير العميق فى مصر ، وتحولت الانتخابات الى منافسة حقيقية شرسة لا يحسمها سوى صوت قاضى اللجنة العامة وهو يعلن اسم الفائز .
خلال العامين الماضيين دفع الشعب المصري ثمن حريته من حكم الاخوان الفاشي ، لم تصبر مصر على حكم الفاشيين القادم عبر الديمقراطية ، لتلقى مصير المانيا وايطاليا ، استعاد الشعب المصري زمام المبادرة واطاح بهم قبل تحويل مصر الى ولاية في خلافة أطلق عليها زورا اسلامية ، لم يقبل الشعب الحر ان تصدر قراراته من الدوحة أو اسطنبول ..هنا مصر .
كان في الطليعة القوات المسلحة وابطال الشرطة والقضاء الذين كتبوا بدمائهم ، اروع سجلات الفخر والاعتزاز وحب الوطن المجرد ، لم يخافوا التهديدات او يجبنوا عند المواجهة ، قدموا روحهم فداء لوطنهم دون مناقشة ، انه الحب الصافى المنزهة عن كل غرض ، اثبتوا المرة تلو الاخرى انهم الجسم الصلب والسد المنيع الذى يظللنا جميعا ، هؤلاء ضحوا بالروح والدم من اجل الوطن فهل نبخل عليهم بالنزول والوقوف بالساعات في طوابير الاقتراع من أجل اختيار نواب لبرلمان مصر تمهيدا للعودة مرة اخرى للاستقرار السياسي والاقتصادى والاجتماعى ونبدأ فى بناء دولتنا الجديدة على اسس واضحة تعكس استفادتنا من دروس الماضى واهمها تحقيق التنمية المستدامة ومكافحة الفساد ووقف نزيف المال العام وايجاد حلول سريعة وناجزة للبطالة وتكريس دولة العدل والقانون .
اعلم جيدا ان حملات الاحباط الممنهجة تمكنت من البعض ، ووصلت الى حد التشكيك فى جدوى وجود الدولة ذاتها ، ووصلت الى ان يتندر المرجفون بأن الفقراء لن يأكلوا الرفال و الميسترال وكأن حماية الوطن لا تستحق ان يتسلح الجيش المصري الباقي وحيدا في الشرق الاوسط بعد تدمير الجيشين العراقي والسوري بأحدث الاسلحة .
كلما زادت قوتنا قلت احتمالية الحرب ..قالها اوتو فون بسمارك المستشار الاول لألمانيا وهى كلمة في محلها يطبقها الرئيس السيسي بهدوء وذكاء شديدين خاصة وسط الحصار المفروض على تحركات مصر منذ ثورة 30 يونيو ، السيسي يسعى لثقه المستثمرين الاجانب بإظهار مصر القوية القادرة على حماية نفسها دون الاستعانة بجيوش أخرى أو الاعتماد على وجود قواعد أجنبية على اراضيها ،كما انها فى الوقت نفسة رسالة تحذير و إنذار لأى قوى إقليمية تهدد ثروة مصر النفطية فى البحر المتوسط .
اقتراب الدولة المصرية من انهاء حالة الفوضى والتخبط وابعاد شبح الخطر ،دفعت ادوات الجيل الرابع للحروب في الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الى اطلاق حملة مسعورة لهدم انجازات شعب مصر خلال العامين الماضيين ، ودفع الناس الى العزوف عن المشاركة بهدف هز ثقه العالم في نتائج الانتخابات ، والتمهيد للمقارنة بين انتخابات 2011 وانتخابات 2015 ، واعطاء المتربصين من اللاعبين الدوليين فرصة التشكيك في العملية الديمقراطية وتهديد وحصار مصر بعد ذلك .
مشاركتك اليوم بوعى وفهم ودراسة كافية للمرشحين تنقذ مصر من هذا المصير ، مهما كانت درجة عدم رضائك عن الاداء ، لا تترك بلدك فريسة لقوى الفوضى والجهل والتطرف ، الهزة القادمة لن تتحملها مصر ، البلد تسير على حبل رفيع معلق على فوهة البركان والنار تلسع قدميها بسبب مواقفها الداعمة للشعب السوري وبقاء دولته ، وقله الاستثمارات الاجنبية وشراسة رجال الاعمال ، وانسحاق المواطن البسيط امام وحش الاسعار ، كل ذلك سيتفاقم لأضعاف اذا ما اخترنا برلمانا ضعيفا او استعدنا ذاكرة برلمان الاخوان والسلفيين الذى لم ينتج عنه سوى قوانين تمكين الجماعة و زواج القاصرات وملاحقة الفنانين والمبدعين .
هي لحظة فارقة جديدة تنادى فيها مصر اولادها ، الدولة المصرية تقاوم بشراسة محاولات اضعافها ، وتحتاج لبرلمان مقاتل يقف معها ضد الخطر القادم سواء من الحدود الليبية او من جانب سد النهضة او من جانب التآمر الدولي الذى تقوده الجماعة الارهابية ..وانت عزيزي المواطن تملك الاختيار فأحسنه.. فما تفعله للحفاظ على الوطن هو ابسط كلمة شكر لشهدائنا جميعا .