السبت 06 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

اشمعنى هما؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد خمسة أعوام فقط من انطلاق أول إذاعة في العالم، تحديدا في عام ١٩٢٥، عرفت مصر الإذاعة، وامتلأ الأثير في سماء المحروسة بالأغنيات والمونولوجات والفقرات المفتوحة من خلال الإذاعات الأهلية التي اشتهرت في هذا الوقت.
كان الأثير المصرى مفتوحا، ما سهل على أي شخص أن ينشئ إذاعة، فالشروط هي أن يمتلك الإمكانيات التقنية لبث الراديو، وهو أمر ليس بالصعب وليس بالسهل، كانت هناك نحو إحدى عشرة إذاعة كبيرة كـ«إذاعة سابو»، «راديو القاهرة»، و«راديو الأمير فاروق»، بل ووصل مدى بث إحداهما وكانت تسمى «وادى الملوك» إلى فلسطين، قدمت تلك الإذاعات لمصر فنانين كثر كإسماعيل يس، وأنور وجدى، كانت الإذاعات الأهلية عصرية للغاية، حرة للغاية، تفاعلية للغاية، وهو في رأيى ما قد يسبب مشكلات جمة للسلطة وللكثير من المتحفظين وقتها خصوصا أن مصر وقتها كانت تحت الاحتلال البريطانى، ونظرا لأن آلية إنشاء الإذاعات الأهلية كانت بسيطة فقد كانت هناك بعض الإذاعات التي كانت مدى تغطيتها لا يتعدى الحارة أو المنطقة، فتمت إساءة استخدامها من قبل التجار أو العشاق، لتستغل بعدها السلطات المصرية هذه الإذاعات الصغيرة كذريعة لإنهاء تراخيص الإذاعات الأهلية ومنعها من البث في ٢٩ مايو ١٩٣٤، ليحل محلها الإذاعة المصرية -وكانت إذاعة واحدة باللغة العربية وأخرى بالإنجليزية- أخذت امتياز إدارتها وإنشائها «شركة ماركونى للراديو»، ومن بعدها الإذاعات المصرية بشكلها الحالى، لتقضى على أحلام الإذاعات الأهلية وتطوى صفحتها، بل وصفحة حرية البث الإذاعى الخاص حتى الآن.
هل تعلم عزيزى القارئ أنه لا توجد في مصر إلا ثلاث إذاعات خاصة فقط؟ بل وحاولت الحكومة إغلاق إذاعة نجوم «إف إم» في ٢٠١٢ بعد انتهاء مدة الترخيص الخاصة بتأجير الموجة الإذاعية، إلى أن انتهت الأزمة بعقد جديد مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون قيل وقتها إن الاتحاد سيحصل على أكثر من ٧٠٪ من أرباح الإذاعة. ولم تسمح الحكومة المصرية بإنشاء أية إذاعة خاصة جديدة، باستثناء مرة واحدة بعد ٣٠ يونيو في ٢٠١٣، فتحت حكومة الدكتور حازم الببلاوى باب المزايدات على بيع ترددات لإذاعات خاصة جديدة، كوسيلة لضخ أموال جديدة في خزينة ماسبيرو، وبالفعل دخلت أكثر من شركة لشراء الترددات، ووصلت أحد العروض وقتها إلى ٣٠ مليون جنيه -وهو رقم كبير-تخيل معى لو أن هناك ١٠ إذاعات أخرى بنفس الرقم أو أعلى، وقيل وقتها إن بعض الشركات حصلت على تراخيص وشهدت أنا ذلك بنفسى، وظلت الأمور معلقة لفترة من الزمن إلى أن جاءت حكومة المهندس إبراهيم محلب وتخلت عن الفكرة برمتها أو أرجأتها لحين الانتهاء من خارطة الطريق، لتنهى بذلك الأمل مرة أخرى في دخول محطات إذاعية جديدة.
والسؤال الحقيقى هنا لماذا تصر الحكومة المصرية على إغلاق موجات الراديو على عدد محدود من الإذاعات؟ لماذا تكون مصر رائدة الإذاعة في الشرق الأوسط هي الأقل حظا في عدد الإذاعات؟ ما المشكلة تحديدا؟ ما الذي يمنع الحكومة المصرية من إنشاء هيئة مخصصة يتم التقدم إليها لإنشاء إذاعة خاصة؟ فحتى الآن لا توجد جهة محددة تسمح بإنشاء ومتابعة إذاعة خاصة، فالأمر متفرق بين أكثر من جهة، اتحاد الإذاعة والتليفزيون تمثله شركة «راديو النيل» المنشأة حديثا لإدارة ترددات الراديو تجاريا، والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، وهيئة الاستثمار، وهيئة الرقابة على المصنفات الفنية، وبالطبع الأجهزة الأمنية.
مصر الجديدة يجب أن تفتح أثيرها لموجات الإبداع، لن أقول اسمحوا بالإذاعات الأهلية التي لا يمكن السيطرة عليها في ظل الظروف الحالية، ولكن على الأقل ليقوم البرلمان القادم بإصدار تشريعات تنظم هذا الأمر تسمح بحرية الإبداع والمنافسة، وفى نفس الوقت تضع ضوابط، خصوصا مع نصوص الدستور الجديد الخاصة بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الذي يعد هذا الأمر من صميم اختصاصاته، زيادة مساحة الراديو وفتح الأثير سيعود على مصر والاقتصاد بالكثير من المزايا، كما أنه سيفرز وجوها جديدة للساحة الإعلامية، ولنا في البلدان المجاورة أسوة فلبنان به أكثر من ١٧ إذاعة خاصة، والإمارات أكثر من ٣٠ إذاعة، وتونس أكثر من ١٠ إذاعات، اشمعنى هما؟.