تتعرض مصرنا لمشكلة شديدة التعقيد فى اقتصادها، وذلك بسبب قلة الإنتاج والتكاسل الذى طال العديد من أبناء الوطن، وأصاب العملة بالتضخم وانخفاض شديد فى الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية وخاصة مع تراجع السياحة التى تعد مصدرا رئيسيا لجلب العملة الصعبة بسبب الانفلات الأمنى والتظاهرات والعناصر الإرهابية التى تدمر وتشعل النيران فى مقدرات الوطن بأيديهم الملعونة.. ولن تعود السياحة إلى سابق عصرها إلا بالأمان، وكنا وصلنا إلى تحقيق ١٤ مليار دولار لينخفض إلى ٦ مليارات، بجانب انخفاض صادراتنا!!..ولم نكتف كشعب يفترض إدراكه للخطر، بل قامت المظاهرات بمطالبات فئوية أجبرت الحكومات المتعاقبة على رفع أجور العاملين لتصل إلى ٢٠٨ مليارات بدلًا من ٨٠ مليارًا، وما زلنا نعمل على استنزاف الدولة، وكأننا مستعمرون ولسنا مالكيها..وبدلا من أن يقوم الإعلام بالدور الذى خلق من أجله، وجدنا الأغلب منه إعلاما شديد التضليل يفرق ولا يجمع، ويحرص على الأخذ ولا يعلم لغة العطاء لقد فرغنا عقولنا وسلمناها طواعية لبرامج تحريضية أو برامج مسابقات تافهة تدر الملايين لأصحاب القنوات على حساب السذج من المشاهدين أو برامج إباحية فاجرة تحت مسمى برامج ترفيهية..ماذا حدث للمصريين..!!وكيف هانت عليهم أم الدنيا وتجعلونها تبكى دمًا مما يجرى.. لماذا الإصرار على عدم العمل وبدلًا من الاستماتة لتحقيق الإنتاج، وفتح ما أغلق من مصانع ونشر الصناعات الصغيرة فى كل الطرقات، تحولنا إلى مجتمع استهلاكى من طراز فريد..مما يجعلنى أتساءل من أين هذا البذخ والإسراف غير المنطقى فى الكافيهات والمولات والمحلات القائمة على أطعمة تمرضنا ولا تقوينا؟!..وما هذه العادات التى سادت المجتمع من تدخين السجائر والشيشة بين أنامل النساء والرجال والنهم فى الجرى وراء الموضات فى الملابس والأماكن، وحتى الأطعمة من أم فلان وعلان، هل هذه سلوكيات مجتمع فقير تعانى حكومته لتوفير ضرورات الحياة؟.. ولا أتكلم عن طبقة معينة فحتى الفقراء مسرفون ومتمردون ولا يسعون إلى العمل واكتفوا بتلميع السيارات أو التسول، فنرى عائل الأسرة لا يترك السيجارة من فمه، وهو وأولاده حاملون الموبايل، ومع كل اتصال تتغير الأغنية المدفوعة الثمن!!..فعلى الحكومة أخذ قرارات حازمة لوقف استيراد السلع الترفيهية وكل ما له بديل من إنتاج أرضنا ومصانعنا وكل تأخير فى اتخاذ هذه القرارات، هو تمزيق لشرايين قلب أم الدنيا.. فكيف تشتكى عقوقنا وغياب عقولنا؟!!..فلم نأخذ من العولمة إلا تحويلنا إلى مجتمع استهلاكى لا يعى قيمة المال ولا طريقة الحصول عليه، علينا أن نتقى الله فى أنفسنا ومصرنا ونعيد النظر فى تصرفاتنا ومشترواتنا ولا نشترى إلا ما هو ضرورى، وأن نترك الماركات العالمية مستكينة على الأرفف بداية من الحلويات إلى السلع المعمرة والسيارات، ونستبدلها بالماركات المصرية، وإن كانت أقل جودة ولكن حنانًا - على أم الدنيا..لماذا استيراد كل شىء حتى الخضراوات والفاكهة لنأكلها فى غير أوانها، ونترك حكمة الله فى اختياره أنواعا معينة فى توقيتات محددة، ولن يفيدنا إلا نتاج أرضنا..لماذا تحولت بيوتنا إلى مخازن مكدسة من أشياء حصلنا عليها لشهوة الشراء التى أصابتنا نتيجة حالة الإبهار داخل المولات والمحلات بالرؤية وسماع الموسيقى المدروسة والمحفزة على الشراء، ولا نكف أو نكتفي لأن أعداءنا نجحوا فى العبث بعقولنا لعقود بخديعة الماركات العالمية والموضات المتلاحقة، ولكن آن الأوان أن نستفيق بعد سقوط البلدان العربية التى رأيناها واستمتعنا بجمالها، بلاد الحضارة والهدوء والمستوى الاقتصادى المزدهر تضيع وتسرق أرضها من تحت أقدام شعوبها..ونرى النساء سبايا والأطفال موتى أو مشردين خلف الأسلاك الشائكة ورجال العرب أصحاب الشهامة والنخوة والكبرياء قد انحنت ظهورهم يبكون بكاء الولايا!!.. هؤلاء أهلنا نعيش قهرهم ولكن بأيدينا جميعا فقدنا السيطرة!!.. ورغم إنقاذ العلى القدير لمصرنا ولكن المتآمرين لم يكفوا عن التخطيط والتدبير، فأشعلوا اليمن لتغرق السعودية والإمارات ودول الخليج، وينكفئ كل منهم على حاله إزاء حرب تلهيهم عن الوقوف مع مصر أو الانتباه إلى ضرورة الوحدة العربية والجيش العربى الذى حلمنا به، ولكن علينا أن ندرك ما يحاك لنا وأننا ما زلنا وسط نيران أشرس حروب التاريخ، علينا ترك التواكل الذى نحياه، وأن نربط الأحزمة على البطون ونتقشف ونرتمى تحت أقدام أم الدنيا وإلا سنبكى وقت لا ينفع الندم.. علينا أن نستمع بإمعان إلى حكايات ضباطنا وجنودنا وقت الثغرة ١٩٧٣ التى استمرت ١٣٤ يوما وكانت شربة الماء بمعاناة، ألا نستطيع أن نعتبر أنفسنا جنودا لعام أو اثنين حتى نستطيع أن نبنى بلدنا وننعم بالأمن والرخاء؟!!.. هل كثير على مصر؟!! لا والله تهون الأرواح والأنفس ولا تضيع من أجل الإلهاء والإسراف.. فيا معالى رئيس الوزراء أوقف الاستيراد إلا لضرورات الحياة ومن لا يريد أن يشاركنا عناء التقشف لتجفيف دموع أم الدنيا وعودتها قوية أبية عصية على المعتدين، فليتركنا ويرحل حتى نقويها ويعود ليستمتع بها معنا، علينا أن نتغير ونغير سلوكياتنا، فلن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
آراء حرة
مصر باكية: تقشفوا لحماية عيشكم وجيشكم
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق