الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الدستور لا يقود إلى الجنة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
“,” الجنون هو أن تفعل نفس الشيء مرة بعد أخرى وتتوقع نتائج مختلفة“,”. أينشتاين
الدستور هو أبو القوانين، ولا بد أن تتوافق كل القوانين مع الدستور، بل تنبع أهمية القوانين من عدم تناقضها مع الدستور لذلك يعتبر الدستور- وبحق- عماد الدولة وقوامها الدائم .
الدستور ليس منظمًا للعلاقات بين مؤسسات الدولة فقط، بل أيضًا فاصل بين السطات المختلفة وهذا ينعكس على المواطن البسيط فعلى سبيل المثال، إن لم يتم الفصل بين السلطات واتحدت السلطات في يد سلطة ما، تحولت إلى دولة شمولية، مثلما فعل المعزول مرسى العياط سابقا، وهدد حياة المواطنين وعاش المجتمع غير آمن .
ومن ثم لا بد من وضع دستور توافقي، أي تتوافق عليه كل أطياف المجتمع مع اختلاف الأديان والعقائد والمذاهب والأعراق .
لذلك حين يوضع أي دستور تظهر الصراعات المختلفة، سعيًا لتغلب فئة على أخرى، أو عرق على آخر، خاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث تتنوع المذاهب والعقائد والأعراق .
ولتجنب المشكلات والصراعات في إعداد دستور مصر المرتقب الذي عانى من الترقيع على يد رؤساء مصر السابقين بمواد كرست دائما للطائفية، وأخرى للهيمنة الدينية أو في إصدار دستور معيب رجعي تم إعداده بواسطة جماعات إقصائية بل ورجعية أيضًا فشارك في إعداد الدستور السابق إرهابيين وعتاة إجرام أيضًا .
لقد عانى المصريون من دساتير هضمت حقوق الأقليات الدينية، والإثنية، والعرقية، وتأسَّدَت التيارات المنحرفة والمتطرفة، وبعد ثورة 30 يونيو العظيمة، وخروج أكثر من 33 مليون مصري ينادون بالعيش الكريم، وجب على واضعي الدستور تجنب الأخطاء السابقة وإخراج دستور يضمن الحريات والحقوق لجميع المواطنين ويمكن الرجوع في إعداد دستور مصر لمواثيق حقوق الإنسان العالمية الضامنة لحقوق الإنسان، أما في حالة الاستناد إلى العقائد والأديان فنكرر نفس الأخطاء !
لابد لواضعي الدستور أن يضعوا نصب أعينهم: الفصل التام بين السلطات، وحقوق وواجبات المواطنين، بدون الرجوع لنصوص دينية. ولابد من فهم أن أهم وظيفة للدستور توفير الحياة الآمنة والمستقرة للمواطنين، والحفاظ على شكل الدولة وكيانها وحدودها أيضًا .
ليس من وظائف الدستور قيادة البشر إلى الجنة، أو تقريب الناس إلى الله عز وجل، لأن الدستور يعيش به مختلفو الديانات والعقائد فقيادة البشر إلى الله هو دور المؤسسات الدينية المختلفة .
شكل الدولة الذي نتمناه، هو دولة مدنية متحضرة، عقيدتها السمو بالإنسان وتحقيق متطلباته في حياة كريمة هادئة آمنة. دستور يحمى حرية العقيدة فالمسيحي والمسلم والبهائي واللاديني، جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات، وحاميهم الدستور .
الدولة شخصية اعتبارية ولا تؤدي فرائض دينية بعينيها، سبب انحراف دساتير مصر السابقة لأنها سعت لإرضاء جماعات دينية فربطوا القوانين بالدين، فشاعت التفرقة بين البشر، وأدى هذا الأسلوب إلى عدم قبول شهادة المسيحي على المسلم، بذريعة لا ولاية على مسلم لغير مسلم، والشهادة هي نوع من أنواع الولاية، ماجعل المواطن المسيحي يشعر بالانتقاص من شخصيته التي أصبحت بفعل القانون لا وجود لها على خريطة الوطن، وتحولت من دولة للعدل إلى دولة للظلم، بسبب تفسيرات فقهية ودينية .
الدين مكانه وتقديسه في بيوت الله، مسجد وكنيسة ومعبد، ولكن خلط الدين بالسياسة يفسد الاثنين معًا، فرأينا كيف تحولت المساجد من منابر لزرع قيم الدين والسماحة، إلى مخازن للأسلحة الثقيلة والخفيفة، وحاضنة لتيارات إرهابية قاتلة .
وما نراه اليوم من تهديد حزب “,”النور“,” بشأن مواد دستورية، يؤكد أنهم لم يفهموا بعد وظيفة الدستور بأنه ضامن للحريات والحقوق والواجبات لكل البشر على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم. وخلط الدين في الدستور أو في كيان وشكل الدولة يهدد آمال المصريين ويحطم أحلامهم. ويكرر مآسي الماضي اللعين .