الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مركز القاهرة يبيع سيناء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في أكتوبر 73 استعادت مصر سيناء بدماء أولادها جنود وضباط القوات المسلحة، وفى أكتوبر 2015 كانت سيناء تباع في سوق النخاسة الأمريكي بحفنة دولارات، والقائم بالبيع واحد من مراكز المجتمع المدني المصري، والذى يطلق على نفسه للأسف مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، المركز الذى خرج مديره بهى الدين حسن، من مصر على خلفية ما ادعى أنه تهديد بالقتل من قبل جهات أمنية لم يسمها، عقد في نيويورك ورشة عمل تحت شعار "أوقفوا التطرف، بدعم حقوق الإنسان"، على هامش اجتماعات قمة مكافحة التطرف العنيف التي انعقدت بمقر الأمم المتحدة، وحضرها زاخ سيلفر ستين نائب مدير منظمة "حقوق الإنسان أولًا"، وستيفن فيلد ستين نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان، و مايكل بوزنر مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق للديمقراطية وحقوق الإنسان ونيل هيكس مدير منظمة حقوق الإنسان أولًا المقربة من الخارجية الامريكية وجاءت التوصيات لتقول بالنص "أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان هي جزء من مشكلة الإرهاب في العالم العربي. احترام وتعزيز حقوق الإنسان هو خطوة أساسية للتغلب على المشكلة، وخاصةً حقوق "السنة" في العراق وسوريا والبدو في مصر".
الإشارة للبدو تتجه مباشرة إلى سيناء والمنطقة الغربية، وإن كانت سيناء هي المستهدف الرئيسي فالبدو هم أهم مكون للتركيبة السكانية في سيناء، حيث تتمركز النسبة الأكبر منهم في شمالها وجنوبها ويبلغ تعدادهم نحو 600 ألف نسمة.
لم يكتف المركز بذلك فقط بل طالب الدول المصدرة للسلاح إلى التوقف عن ذلك حتى تتبين ضد من يستخدم وهو ما يمس الحرب التي تخوضها القوات المسلحة ضد الإرهاب في سيناء والصحراء الغربية أيضا لأنه في حالة الاستجابة لذلك ستتوقف العلميات بينما يتخذ المتطرفون مواقع جديدة أكبر . 
ما يمكن قراءته بين السطور أن مركز القاهرة يسعى لتحويل سيناء الى دارفور جديدة مثلما فعل في السابق لتنتهي القصة بتصويت على انفصال سيناء برعاية أمريكية أو جر الدولة المصرية إلى المحكمة الجنائية الدولية وهو ما يجرى طبخه على نار هادئة، لأن ما يجرى في الغرف المغلقة البعيدة ويصدر في بيانات يتحول إلى قرارات دولية تدعمها الدول الكبرى لتحقيق مصالحها . 
نحن أمام سيناريو يتطابق مع محاولة مركز ابن خلدون مع الأقباط قبل سنوات حينما فتحت جبهة ضغط دولية جديدة على مصر بقضايا المسيحيين الذين هم جزء أصيل من نسيج المجتمع، وعقب موقفهم الداعم لثورة 30 يونيو تحول الأقباط من ورقة ضغط لورقة دعم للدولة المصرية، وهو ما تبلور في زيارة الرئيس السيسي للكاتدرائية للتهنئة بعيد الميلاد كأول حاكم للبلاد يقوم بذلك، ثم تيقن حينما قامت الطائرات المصرية بقصف مواقع "داعش" في ليبيا انتقاما لقتل المصريين الأقباط، وخلال كل المعارك الدولية التي خاضتها الدولة، تأكد للجميع فى الداخل والخارج أن ولاء الأقباط للوطن أكبر وأعز وأجل من أي تجارة دولية بقضاياهم، وأغلق باب الأقباط حتى إشعار أخر .
يمكن أن نذكر مركز القاهرة بما حدث في عام 1968 حينما وقف الشيخ سالم الهرش ابن قبيلة البياضة مركز بير العبد أمام موشي ديان في مؤتمر الحسنة، وقال أنتم تريدون سيناء دولية يعنى أنا الآن لو أعلنت سيناء كدولة ستضعون صورتي على الجنية السيناوى فابتسم ديان، وقال بالطبع فرد الشيخ سالم : سيناء مصرية 100%، ولا يملك الحديث عنها سوى الزعيم جمال عبد الناصر .
منذ خروج اسرائيل من سيناء وهى تسعى إلى تعطيل الحياة فيها، بل وساعدت في توطين الإرهاب للتدخل مرة أخرى بذريعة الحرب على الإرهاب، وساعدتهم جماعة الإخوان بعد 25 يناير بتوطين التكفيرين شديدي الخطورة المنتمين لذراعها العسكري حماس، وتحقق ذلك عبر الأنفاق التي نجحت القوات المسلحة في شل فاعليتها ، وهو ما قابله الإخوان بتغيير استراتيجية التحرك بالمتاجرة بما يحدث في سيناء ، والحديث عن مأسي إنسانية تسعى لتأجيج الأوضاع وتهديد وجود الدولة .
لا غبار على الدولة المصرية إذا اعترفت بالتقصير في ملف تعمير سيناء خلال عصور سابقة، لأنها بدأت بالفعل في عمليات جبر الضرر لسكان سيناء عبر مرحلتين، الأولى تنظيف سيناء من الإرهاب، ثم البدأ في علميات تنمية شاملة بدأت بقناة السويس الجديدة، وهو تحرك استراتيجي يواجه محاولات إسرائيل للتمدد خارج حدودها مرة أخرى عبر سيناء ، خاصة وأن العديد من الدراسات الأمريكية رشحت سيناء لتكون المكان البديل للاجئين الفلسطينيين، في ظل حالة ندرة الأراضي التي تعانى منها إسرائيل .
ما يفعله مركز القاهرة يهدد الأمن القومي في الصميم، ويفتح المجال أمام ضغوط دولية جديدة على الدولة المصرية، وهو أمر يجب أن يضعه مسئولي المركز في الاعتبار عند مناقشة مثل هذه القضايا، لأنه من زاوية أخرى يؤكد ما يروج حول تبعية بعض المراكز الحقوقية المصرية لأجهزة استخبارات أجنبية أو مشاركتها في مخططات تقسيم المنطقة الجارية على قدم وساق، ونراها بأعيننا تجرى على الارض في سوريا والعراق واليمن وليبيا ، و التي طالب المركز أيضا بوضعها تحت وصاية الأمم المتحدة مثل "ناميبيا"، وهو ما يعنى تقسيمها مرة أخرى على هوى القوى العظمى المسيطرة على الأمم المتحدة نفسها .
إن مصداقية عدد من النشطاء ومؤسساتهم أصبحت على المحك، فلا يصح أبدا أن يسبقوا دبابات الاحتلال ليضعوا على صواريخه الموجهة عبارة " من أجل حقوق الإنسان".