نحتفل اليوم بذكرى انتصار حرب أكتوبر ١٩٧٣، والتى يحاول الصهاينة وأتباعهم التشكيك فيها وتصويرها بأنها لم تكن انتصارا لمصر وإنما انتصار لإسرائيل وإثبات لتفوقها.. وهو ما يتعارض مع الواقع الذى فرضته هذه الحرب.. فكما تعلمت من أكاديمية ناصر العسكرية العليا أن الانتصار يعنى «فرض الإرادة».. فالمنتصر دائما يملى إرادته ويحقق مصلحته، وهو ما حدث فى حرب أكتوبر التى باغتنا بها العدو وإن كنا قد بدأناها فعليًا بعد أيام من نكسة ١٩٦٧، فبدأت بمرحلة الصمود والتى حاولنا فيها الوقوف من جديد بعد الكبوة التى أصابت الروح المعنوية للشعب المصرى بأكمله، وتلاها مرحلة الدفاع النشط التى بدأ الجيش فيها يسترد عافيته تدريجيا ويحاول تكبيد العدو أى خسائر ولو محدودة، وأخيرا حرب الاستنزاف التى شهدت بسالة لا حدود لها فى تكبيد العدو خسائر طائلة، حتى وصلنا لمعركة الحسم التى لقنّا فيها إسرائيل درسا قاسيا رغم تفوقهم علينا فى القدرات العسكرية بشكل لا يقارن، ولكن الإحساس الوطنى والروح السائدة بين صفوف القوات المسلحة، والتى أرادوا بها استرداد الأرض والكرامة، وبالاستعانة بالله حققنا المعجزة، وسطرنا فى التاريخ بطولات يجب أن نتذكرها دائما ونعلمها للأجيال الجديدة، ونعلمهم أنه لولا الوحدة التى تحققت بين الدول العربية فى هذه الحرب لما كان باستطاعتنا تحقيق هذا الانتصار..ولكن لأننا مازلنا لا نتعلم من التاريخ جيدا، لذلك تدفع أمتنا العربية ثمنا غاليا لانتصارها فى أكتوبر، تدفع ثمن الإرادة العربية الموحدة ووحدة الكلمة والصف.. فقد كان الدرس قاسيا على أعدائنا، ولكنهم ليسوا من يبتلعون الهزيمة صامتين، بل عكفوا على الدراسة والبحث للوصول إلى كيفية تفتيت الأمة العربية حتى لا يتكرر ما حدث فى أكتوبر يوما من الأيام، وكانت البداية باغتيال قائد الحرب والسلام الرئيس الشهيد السادات، وتم اختيار المكان والزمان والأداة بمنتهى الدقة، وهو فى حصن وحضن القوات المسلحة، وفى نفس يوم الانتصار لطمس هذه الذكرى بأخرى مؤلمة، مستغلين أحد أبناء القوات المسلحة الذى لم ينتم لها سوى بجسده فقط وكان انتماؤه الحقيقى للجماعات المتطرفة التى بثت فى عقله التطرف والتشدد والتكفير البعيدين كل البعد عن الإسلام.. ليرحل البطل مرتديا زيه العسكرى مبتهجا برؤية الطائرات المصرية محلقة فى السماء لتزف روحه الطاهرة.. ولم يكتف الأعداء بذلك بل تم الاستحواذ على العديد من الوسائل الإعلامية العربية للسيطرة على عقول الجموع العربية بالتشكيك والسخرية من الحكام العرب وإحداث الفتن والمؤامرات والأحداث الإرهابية لتهيئة المناخ لفوضى تعم المنطقة وينال الزعماء العرب ما يستحقونه فى رأى الغرب لمشاركتهم فى حرب أكتوبر.. وكان من أهدافهم الواضحة تشويه الرئيس مبارك والسخرية والتهكم على فترة حكمه، ومحاولة طمس كل إنجازاته والنيل منه بالتشكيك فى ذمته المالية حتى تتبدل صورة القائد البطل الذى حمل روحه على كفه طوال حياته إلى رجل مطارد من شعبه حتى يغتاله الشعب بيديه، وسعوا ليتحقق حلمهم برؤية الرئيس مبارك بالصورة التى رأينا بها الشهيد القذافى، ولكن لأن لمصر رجالًا يعلمون ويدركون ما يريده أعداء البشرية أعلنوا أن مصر دولة قانون وسوف نحتكم له، لنرى قائد أكتوبر سجينا!! ولكن إرادة الله ورحمته أن أبقى الرئيس مبارك حتى يرى براءته ويرى عودة حب واحترام الكثير من أبناء الشعب الذين انساقوا وراء التضليل الذى يحاول تحويل كل انتصاراتنا وبطولاتنا إلى هزائم !!.. ولكن رغم كل ما قيل وحتى تثبت الحقائق أمام القضاء لا يمكن أن نتناسى دور هذا الرجل وإنجازاته حين نتحدث عن انتصار أكتوبر وما تلاه من انتصارات استطعنا من خلالها استعادة آخر كيلومتر من العدو وهى أرض طابا.. فإذا كان من حق كل فرد نقد ما يشاء ومن يشاء، ولكن ليس من حق أحد تزييف التاريخ، فما يحدث من تجاهل للرجل الذى ظل طوال ثلاثين عاما رمزا لمصر وقبلها عاش كأحد قادة وأبطال هذا الجيش العظيم يعد خيانة للتاريخ وللمستقبل، وإذا كنا نريد أن نستحضر روح النصر والبطولة، فعلينا أن نسترد ذاكرتنا ونستعيد بطولاتنا، ونكرم كل من يعيشون بيننا من أبطال شاركوا فى هذا الانتصار، ونحاول أن نتعلم من خبرتهم وتجاربهم وننقل جميع التفاصيل التى يذكرونها للأجيال الجديدة من خلال إنتاج أفلام سينمائية ضخمة تخلد هذه الذكرى، وترفع الروح المعنوية البائسة التى أصبنا بها من الضربات والسقطات المتوالية للدول العربية، لنتذكر أنه رغم كل الفتن والمؤامرات يمكننا أن نتغلب وننتصر وكما قال الله سبحانه وتعالى فى سورة البقرة : « فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وجُنُودِهِ قَالَ الَذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ».
آراء حرة
استُشهد السادات وأُسقط مبارك.. ضريبة الانتصار
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق