السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"الفكر الشيطاني" وحروب القرن الـ"21"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعبير سياسى وعسكرى ظهر فى الكتابات الأمريكية تحديدًا منذ عام 1989 مع انهيار الاتحاد السوفيتى حروب الجيل الرابع أو 4GW، ويقصد بها الحروب غير التقليدية التى تدور رحاها دون مشاركة من الجيوش النظامية ويسميها البعض «الحروب غير المتماثلة».
وعاد المفهوم ينتشر بقوة بعد ما عرف بـ«ثورات الربيع العربى» وتزامن طرحه مع نظرية كونداليزا رايس، «الفوضى الخلاقة» التى تبنت تطبيقها فى منطقة الشرق الأوسط الولايات المتحدة وهذا النوع من الحروب أقرب ما يكون إلى الأدوات الاستخباراتية منها إلى الأدوات العسكرية بل يمكن القول إن لها أبعادا دعائية وإعلامية تستهدف خلق جملة من التأثيرات السلبية على اتجاهات الرأى العام من أجل نشوء حالة من الاستياء العام ضد الأنظمة الموجوده وتتدرج إلى مستويات أكثر خطورة بشكل يهدد الأمن القومى وتستغل المشكلات الحياتية للمواطن لتحولها إلى نقمة ورفض ومناهضة لأنظمة الحكم كما يستغل الإرهاب وسيلة لصب الزيت على النار. 
وتساهم عوامل قد يراها البعض عادية لكنها فى منتهى الخطورة مثل مواقع التواصل الاجتماعى كالفيسبوك وتويتر فى بث الشائعات وانتشار الأفكار المغلوطة، وعلى المستوى السياسى تعمل حروب الجيل الرابع على تغذية النعرات العرقية والطائفية وتزرع أسافين بين الأقليات القومية بغرض تفتيت الدولة وتحويلها إلى دويلات صغيرة تضيع معها حقوق السيادة الوطنية التى تعد من مكونات القوة القومية لأى أمة وهذا يذكرنا باتفاقية (سايكس بيكو) عام ١٩١٦، وكانت الاتفاقية تفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ فى غرب آسيا بعد تهاوي الإمبراطورية العثمانية المسيطرة على هذه المنطقة، فى الحرب العالمية الأولى.
ولكن هذه الاتفاقية عكست آنذاك فكرا استعماريا فى حين نظرية التقسيم الحديثة تستند إلى فكرة التجزئة الإقليمية دون السيطرة العسكرية أو الاحتلال بمعناه القديم وتعمل على نشر الفكر الانعزالى بشكل يحول الدول إلى دويلات ضعيفة تكون فى حاجة دائمة إلى حماية دول أقوى وفى تقديرى أن هذا «فكر شيطانى» وبمثابة مؤامرة كبرى تطيح بفكرة الدولة القومية وتعيد إلى الأذهان نظرية انهيار العالم المتحضر أو على الأقل إخراج دول العالم العربى والإسلامى من دائرة الحضارة الحديثة على مختلف الأصعدة ومن ثم العودة إلى عصور الانحطاط والتخلف. 
وقد يتساءل البعض ما الذى سيستفيده مروجو نظرية حروب الجيل الرابع؟ 
هناك استفادة فى منع دول بعينها فى الشرق الأوسط من أن يكون لها كيان وقرار بالمنطقة وإبراز إسرائيل كدولة قوية تفرض نفوذها على بقية الشعوب المحيطة بها، وفى الوقت نفسه منع المد الإسلامى الوسطى المستنير من الانتشار والحفاظ على فكرة ربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين وهناك استفادة تتمثل فى السيطرة الاقتصادية ونهب ثروات المنطقة وتحويل كل الدويلات العربية الى أسواق استهلاكية فقط بعد أن تتعرض شعوبها لعملية تكسير عظام من الناحية الاقتصادية وتعتبر مصر والسعودية من أكثر الدول العربية المستهدفة بإثارة القلاقل فى دول الجوار حولها مثل ما يحدث فى اليمن المتاخمة للحدود السعودية الجنوبية وفى ليبيا المتاخمة للحدود الغربية المصرية وإثارة عوامل عدم الاستقرار فى سيناء المتاخمة لغزة وإسرائيل على الحدود الشرقية. 
إن كثيرا من الدول العربية ستكون مستهدفة اقتصاديا مع محاولة إثارة النزاعات القبلية الكامنة بين سكانها ونلاحظ أن بعض دول المغرب العربى مستهدفة سياسيا واقتصاديا فى آن واحد وفى الوقت نفسه تتم عملية تكريس لحالة الفوضى فى دولتى العراق والشام بخلق بؤر صراعية على غرار النموذج الصومالى، إن هذا هو الواقع العربى الذى يريده هذا الفكر الشيطانى والذى لا نتمنى أن نصل إليه ليطرح سؤال نفسه ما العمل؟ 
تتلحص الإجابة فى أن استراداد القوة القومية وإحياء مايمكن تسميته عوامل الاحتشاد العربى الكامنة فى الشخصية العربية الموجودة فى الحضارة والتراث العربى والإسلامى اعتقد أنها بداية لطريق قد يكون طويلًا لكنه ليس صعبا للرد على مؤامرات تحاك هنا أو هناك لتركيع العرب مع الأخذ فى الاعتبار أن كل المؤامرات التى تابعناها فى السنوات الأخيرة قد نحت إسرائيل جانبا حتى تبتعد عن الفكر والعقل العربى باعتبارها العدو الأساسى والتقليدى للشعوب العربية ولكن الواقع يؤكد أن إسرائيل هى المستفيد الأول من حالة التشتت العربى خاصة أن التنظيمات الإرهابية فى المنطقة لم نجد فى مفرداتها أو أجنداتها مواجهة إسرائيل ما يقودنا إلى سيناريوهات تعاون تتم فى الخفاء بين هذه التنظيمات والدولة العبرية وعليه تصبح إسرائيل أحد اللاعبين الإقليميين وراء كل ماحدث منذ عام ٢٠١١، حتى الآن، ولهذا آن الآوان لإعادة الحسابات العربية من جديد عند صياغة خريطة مواجهة أعداء الأمة العربية والإسلامية حتى ولو كان بأسلوب ما يسمى حروب الجيل الرابع!!