السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

عبدالناصر والدائرة الإسلامية

أول حاكم يتم فى عهده جمع القرآن الكريم

جمال عبدالناصر
جمال عبدالناصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وصل عدد المساجد فى عهده إلى 10 آلاف مسجد.. ومادة التربية الدينية كانت إجبارية.. وأنشأ مدينة البعوث الإسلامية وأعاد للأزهر هيبته

فى كتابه «فلسفة الثورة»، تناول جمال عبدالناصر الدوائر التى ستتحرك فيها السياسة المصرية ومنها الدائرة الإسلامية التى تتداخل مع الدائرة العربية والدائرة الإفريقية وتعد مصر جزءا فاعلا فيها.
كان الخليفة الراشد أبوبكر الصديق هو أول من بدأ جمع القرآن الكريم فى مصحف، وذلك بعد إلحاح من عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعد مقتل معظم حفظة القرآن فى حروب الردة، والخليفة الراشد عثمان بن عفان هو صاحب أول مصحف تم جمع وترتيب سور القرآن الكريم به، والرئيس جمال عبدالناصر هو أول حاكم مسلم فى التاريخ يتم فى عهده جمع القرآن الكريم مسموعا «مرتلا ومجودا» فى ملايين الشرائط والأسطوانات بأصوات القراء المصريين.
فى عهد جمال عبدالناصر تمت زيادة عدد المساجد فى مصر من أحد عشر ألف مسجد قبل الثورة إلى واحد وعشرين ألف مسجد عام 1970، أى أنه فى فترة حكم 18 سنة للرئيس جمال عبدالناصر تم بناء «عشرة آلاف مسجد» وهو ما يعادل عدد المساجد التى بنيت فى مصر منذ الفتح الإسلامى وحتى عهد جمال عبدالناصر.
فى عهد عبدالناصر تم جعل مادة التربية الدينية «مادة إجبارية» يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقى المواد لأول مرة فى تاريخ مصر، بينما كانت اختيارية فى النظام الملكى. 
فى عهد عبدالناصر تم تطوير الأزهر الشريف وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية المدنية بجانب العلوم الدينية، يقول الأستاذ محمد فائق فى كتابه «عبدالناصر والثورة الإفريقية» إن الرئيس عبدالناصر أمر بتطوير الأزهر بعد أن لاحظ من متابعته لأوضاع المسلمين فى إفريقيا أن قوى الاستعمار الغربى كانت حريصة على تعليم المسيحيين العلوم الطبيعية «الطب، الهندسة، والصيدلة» ومنع تعليمها للمسلمين، ما أدى لتحكم الأقليات المسيحية فى دول إفريقية غالبية سكانها من المسلمين، وكانت هذه الأقليات المسيحية تتحكم فى البلدان الإفريقية المسلمة، وتعمل كحليف يضمن مصالح قوى الاستعمار الغربى التى صنعتها، لذا صمم الرئيس عبدالناصر على كسر هذا الاحتكار للسلطة وتعليم المسلمين الأفارقة علوم العصر ليستطيعوا حكم بلدانهم لما فيه مصلحة تلك البلدان.

أنشأ عبدالناصر مدينة البعوث الإسلامية التى كانت وما زالت يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين على مساحة ثلاثين فدانا تضم طلابا قادمين من سبعين دولة إسلامية، يتعلمون فى الأزهر مجانا ويقيمون فى مصر إقامة كاملة مجانا أيضا، وقد زودت الدولة المصرية بأوامر من الرئيس عبدالناصر المدينة بكل الإمكانيات الحديثة، وقفز عدد الطلاب المسلمين فى الأزهر من خارج مصر إلى عشرات الأضعاف بسبب ذلك.
وأنشأ عبدالناصر منظمة المؤتمر الإسلامى التى جمعت كل الشعوب الإسلامية. 
فى عهده تمت ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم، وتم إنشاء إذاعة القرآن الكريم التى تذيع القرآن على مدار اليوم، كما تم تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى فى التاريخ، وتم توزيع القرآن مسجلا فى كل أنحاء العالم، وتم تنظيم مسابقات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية، والعالم العربى، والعالم الإسلامى، وكان الرئيس عبدالناصر يوزع بنفسه الجوائز على حفظة القرآن، وتم وضع موسوعة جمال عبدالناصر للفقه الإسلامى، والتى ضمت كل علوم وفقه الدين الحنيف فى عشرات المجلدات، وتم توزيعها فى العالم كله.
وفى عهده أيضا بُنيت آلاف المعاهد الأزهرية والدينية فى مصر، وتم افتتاح فروع لجامعة الأزهر فى العديد من الدول الإسلامية، وساند عبدالناصر كل الدول العربية والإسلامية فى كفاحها ضد الاستعمار،
وكان أكثر حاكم عربى ومسلم حريص على الإسلام ونشر روح الدين الحنيف فى العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس، وسجلت بعثات نشر الإسلام فى إفريقيا وآسيا فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر أعلى نسب دخول فى الدين الإسلامى فى التاريخ، حيث بلغ عدد الذين اختاروا الإسلام دينا بفضل بعثات الأزهر فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر 7 أشخاص من كل 10 أشخاص، وهى نسب غير مسبوقة وغير ملحوقة فى التاريخ حسب إحصائيات مجلس الكنائس العالمى.
وفى عهد عبدالناصر صدر قانون بتحريم القمار ومنعه، كما أصدر عبدالناصر قرارات بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادى الروتارى والمحافل البهائية، كما تم إلغاء تراخيص العمل الممنوحة للنسوة العاملات بالدعارة التى كانت مقننة فى العهد الملكى وتدفع العاهرات عنها ضرائب للحكومة مقابل الحصول على رخصة العمل والكشف الطبى.
فى عهد عبدالناصر وصلت الفتاة لأول مرة إلى التعليم الدينى، كما تم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات وكان الهدف هو تمكين الأم المسلمة من المشاركة فى بناء المجتمع المصرى والعربى والإسلامى عملا بقاعدة «أن الأم مدرسة».
وأقيمت مسابقات عديدة فى كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن الكريم، وأهديت إلى البلاد الإسلامية وأوفدت البعثات للتعريف بالإسلام فى كل إفريقيا وآسيا، كما تمت طباعة كل كتب التراث الإسلامى فى مطابع الدولة طبعات شعبية لتكون فى متناول الجميع، فيما تم تسجيل المصحف المرتل لأول مرة بأصوات كبار المقرئين وتم توزيعه على أوسع نطاق فى كل أنحاء العالم، كان جمال عبدالناصر دائم الحرص على أداء فريضة الصلاة يوميا، كما كان حريصا أيضا على أداء فريضة صلاة الجمعة مع المواطنين فى المساجد.
تُوفى الرئيس جمال عبدالناصر يوم الإثنين 28 سبتمبر 1970 والذى يوافق هجريا يوم 27 رجب 1390، صعدت روح الرئيس جمال عبدالناصر الطاهرة إلى بارئها فى ذكرى يوم الإسراء والمعراج، وهو يوم فضله الدينى عظيم ومعروف للجميع.
وبخصوص الدين المسيحى كانت علاقة الرئيس عبدالناصر ممتازة بالبابا كيرلس السادس، وكان جمال عبدالناصر هو الذى سأل البابا كيرلس السادس عن عدد الكنائس التى يرى من المناسب بناءها سنويا، وكان رد البابا «من عشرين إلى ثلاثين»، وكان الرئيس عبدالناصر هو الذى أمر بأن يكون عدد الكنائس المبنية سنويا خمسا وعشرين كنيسة، وأن يكون التصريح بها بتوجيه من البابا نفسه إلى الجهات الرسمية. 
وعندما طلب البابا كيرلس السادس من الرئيس عبدالناصر مساعدته فى بناء كاتدرائية جديدة تليق بمصر، واشتكى له من عدم وجود الأموال الكافية لبنائها كما يحلم بها، قرر الرئيس عبدالناصر على الفور أن تساهم الدولة بمبلغ 167 ألف جنيه فى بناء الكاتدرائية الجديدة، وأن تقوم شركات المقاولات العامة التابعة للقطاع العام بعملية البناء للكاتدرائية الجديدة، وكلف سامى شرف مع المهندس عدلى أيوب بالتوجه للكاتدرائية وتسليم البابا كيرلس الشيك وبدأت عملية البناء فى نفس اليوم.
وبناء على أوامره كان يعقد اجتماع أسبوعى كل يوم إثنين بين سامى شرف - وزير شئون رئاسة الجمهورية - والأنبا صمويل - أسقف الخدمات - لبحث وحل أى مشاكل تطرأ للمسيحيين.
كما أولى الرئيس عبدالناصر اهتماما شديدا بتوثيق العلاقات بينه وبين الإمبراطور هيلاسيلاسى حاكم الحبشة «إثيوبيا» مستغلا فى ذلك كون مسيحيو إثيوبيا من الطائفة الأرثوذكسية، ودعا الإمبراطور هيلاسيلاسى لحضور حفل افتتاح الكاتدرائية المرقصية فى العباسية عام 1965، كما دعم توحيد الكنيستين المصرية والإثيوبية تحت الرئاسة الروحية للبابا كيرلس السادس.
كان الرئيس عبدالناصر كعادته بعيد النظر فى ذلك، فقد أدرك أن توثيق الروابط بين مصر وإثيوبيا يضمن حماية الأمن القومى المصرى لأن هضبة الحبشة تأتى منها نسبة حوالى 85% من المياه التى تصل مصر، للأسف الشديد بعد وفاة الرئيس عبدالناصر والانقلاب على الثورة فى 13 مايو 1971 وما أعقب حرب أكتوبر 1973 من ردة شاملة على سياسات عبدالناصر، تدهورت العلاقات المصرية الإثيوبية وكذلك الإفريقية، وقد انفصلت الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية عن الكنيسة المصرية، واستطاعت إسرائيل أن تحتل مكانة مصر فى إثيوبيا، وفى إفريقيا كلها.
وأخيرا فى عهد جمال عبدالناصر لم تقع حادثة طائفية واحدة بين المسلمين والمسيحيين، ولم تنتشر دعاوى تكفير الآخر ومعاداته.
من مذكرات سامي شرف وزير الدولة لشئون الرئاسة في عهد عبدالناصر.