تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
طالعتنا صحيفة "الاندبندنت" البريطانية، الأسبوع الماضي بموضوع نقلته عن جنرال بارز "لم تذكر اسمه"، حذر من أن حكومة الزعيم العمالي الجديد "جيرمي كوربين" قد تواجه تمردًا من الجيش البريطاني، إذا حاولت التقليل منهم أو الانسحاب من حلف "الناتو" أو إذا أعلن عن أي خطط تهدف إلى إضعاف وتقليص حجم القوات المسلحة.
ونقلت الصحيفة عن "الجنرال البارز" تصريحات أدلى بها لصحيفة "صنداي تايمز"، قال فيها، إن الجيش لن يقف يشاهد الأمر من بعيد، ولن يسمح لرئيس الوزراء القيام بما قد يهدد أمن البلاد، فلا يمكن السماح لـ"سياسي"، أن يتولى مسئولية أمن البلاد، أو يتخذ قرارا يعرض البلاد لخطر.
التهديد بالتمرد العسكري جديد على أقدم الديمقراطيات الغربية، فلم نعرف من قبل أن هدد الجيش البريطاني السياسيين أو وضع لهم خطوطا حمراء، لكن من الواضح ان حالة كوربين استعصت عليهم لدرجة التفكير في استخدام أسلوب المواجهة الساخنة وتهديد الناخبين قبل الذهاب لصناديق الاقتراع في ظل تنامى التهديدات ضد بريطانيا سواء من إرهاب الخارجي أو الداخلي.
وبغض النظر عن صحة ذلك أو عدم صحة، هناك متغيرات جديدة في العالم تدفع السياسيين إلى التفاهم مع العسكريين، فالديمقراطية لا يمكن أن تسير بجناح دون الآخر، وتحدى تقديرات المؤسسات العسكرية في الدول الغربية لم يعد ترفا في عالم ينزلق نحو حرب عالمية جديدة، قد تتسبب في اشعالها سياسيات إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما التي تتعالى يوما بعد يوم كلفه فاتورة تهاونها في مواجهة خطر الإرهاب والتطرف.
أما العسكريون فمن الواضح أنهم لا يمكن أن يستمروا بلا رأى في مواجهة سياسيات خرقاء قد يدفعون هم ثمنها في حاله حدوث مواجهة أو تهديد لأنهم المعنيون بما يهدد الأمن القومي.
ما يحدث في اروقه الجيش البريطاني وبدرجة اخرى في البنتاجون يقول: إن الجيوش الغربية لا تريد الاستمرار في لعب دور الدمية، وتريد ان يكون لها صوت مسموع لدى السياسيين المتكبرين، كيف سيواجه السياسيين ذلك، سنرى؟
لكن المؤكد أن التهديدات الأمنية غيرت شكل العلاقة بين العسكريين والسياسيين، وأصبح للعسكريين كلمة مسموعة وتأثير على صانع القرار بينما السياسي الذى يسعى لكسب الأصوات في الانتخابات لا ينتبه كثيرا لموضع أقدامه ومع من يتحالف وما تأثير تحالفاته السياسية على الأمن القومي لدولته، حتى في أعتى الديمقراطيات الغربية، لم يعد هناك ترف الجدال الصاخب أو التلاعب في ميزانيات أو الخروج من أحلاف عسكرية خاصة في أوروبا التي تشعر بالرعب من أزمات اللاجئين أو التهديدات الإرهابية الداخلية، أو التمدد الروسي.
الترسانة النووية البريطانية، أنظمة التسليح والدفاع المتطورة، حروب المعلومات، الأحلاف العسكرية كلها موضوعات عبر كوربين عن كراهيته لها وعمله على التخلص منها، كما ظهر على شاشة الجزيرة مع المذيع الإخوانى أحمد منصور ليهاجم مصر30 يونيو والرئيس عبدالفتاح السيسي ويعلن تصميمه على اتخاذ إجراءات صارمة ضد مصر في حال وصوله للسلطة!
هل هذا الكلام يدعم الديمقراطية، وهل تعاقب مصر على اختيارها لطريق الثورة في التخلص من الرئيس الإخوانى مرسى على غرار ما حدث مع مبارك ثم الانتخابات الديمقراطي للرئيس السيسي الذى خاض معركة مع مرشح آخر يعبر عن قوى اليسار وقوى 25 يناير هو حمدين صباحى؟!
الرجل لم يخف حرصه على أصوات الإسلاميين المتواجدين بكثافة في بريطانيا، ولذلك ينسق مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذى يحاول إظهاره بمظهر المدافع عن الإسلام والساعي للسلام في الأرض المحتلة وحقوق الفلسطينيين، وهو أمر يشبه كثيرا الهتاف الأثير للجماعة الإرهابية" على القدس رايحين شهداء بالملايين ثم اتضح للعامة أن "كرسي السلطة" هو الذى يسقط من أجله شباب الجماعة وليس المسجد الأقصى.
"موت حزب العمال الجديد" كان هذا عنوان الصنداي تلغراف، يوم فوز كوربن فالرجل يستمد أفكاره من تيار اقتران معقد " بين "قدامى محاربي اليسار" و"الناشطين الجدد المثاليين"، التي تقترب أفكارهم من الأناركيين الذين يتعاونون بشكل كبير مع التيار الإسلامي، وهو ما يمكن أن نراه في مصر بشكل جلى في التحالف القائم بين الاشتراكيين الثوريين والإخوان منذ عزل مرسى، فالتيار الأناركى يرى أن الإخوان أداه مثالية لتحطيم الدولة ومؤسساتها، بينما يرى الإخوان التيار الأناركى والنشطاء المثاليون جسر مناسب للعبور نحو السلطة.
اختيارات كوربين أشعلت أجراس إنذار عديده داخل حزب العمال خاصة تيار تونى بلير بعد الحزب ويتوقع أن يلقى رئيس الحزب الجديد مقاومة قوية من البرلمانيين العماليين، والاستفتاء حول الانتماء إلى الاتحاد الاوروبي، حيث لا يحظى في صفوفهم سوى بدعم محدود.
النائب العمالي سايمن دانزوك قال لـصحيفة ميل اون صنداي "على كوربن الآن اجتياز سلسلة تجارب حاسمة لإقناع البرلمانيين أن الهدف هو فعلا الفوز في الانتخابات المقبلة (في 2020)، وليس خوض تجربة ايديولوجية ما".. أفلح إن صدق!