يبدو من اللافت، المثير للانتباه، اللحظة الراهنة، ذلك التطور الخطير فى ملف امتلاك رجال الأعمال لوسائل الإعلام، إذ إنتقل الأمر من تملك وسيلة مطبوعة أو مبثوثة، أو الوسيلتين معًا مضافًا إليهما أحيانًا موقع إلكترونى، إلى السعى لاقتفاء فصيلة كاملة من وسائل الإعلام فيها أكثر من جريدة، وأكثر من فضائية، ومنظومة إلكترونية معقدة وكبيرة، ثم انتقل الأمر إلى الجمع بين وسائل الإعلام المحلية والشراكة فى وسائل إعلام أجنبية، أو شرائها على بعضها ومن بابها.
ولو ناقشنا الموضوع من زاوية أن كل رجل أعمال يريد عبر امتلاكه أداة إعلامية أن يحمى مصالحه ويصون حدود إمبراطوريته المالية الصغيرة أو الكبيرة، التى كونها- كالعادة- من مصادر غامضة ومجهولة، فإن امتلاك جريدة واحدة يكفى، وامتلاك فضائية يفيض.. ثم إنه لو امتلك وسيلة إعلام لخدمة مصالح دولة أجنبية أو شراكة متعددة الجنسيات وراء البحار يرتبط بهما ويعمل فى خدمتهما، فإن جريدة واحدة تكفى وفضائية تفيض، وقد ثبت ذلك من اشتراك الصحف التى أنشئت وفقًا لبرنامج الشراكة من أجل الديمقراطية الذى أعلنه كولن باول وزير الخارجية الأمريكى الأسبق فى معهد «هيرتدج» اليمينى يوم ١٤ سبتمبر ٢٠٠٢، فى تمهيد الساحة لعملية يناير ٢٠١١، واختراع فضاءات أو مراغات يمرح فيها العملاء والجواسيس ويسرحون ممارسين أدوارًا معلومة لهم فى عملية هدم مؤسسات الدولة المصرية، وبالإضافة فإن خطابًا أو رطانًا جديدًا ابتكرته تلك الوسائط الإعلامية وظل يهيمن على البلد كله حتى الآن، يرفض الارتباط بمشروع وطنى للدولة، وربما يرفض الدولة ذاتها، ويقبل- بنحو هبيل- على الارتباط بمشاريع أفراد لا يعرف من الذى يحركهم وإلى أين يقودون صحفهم وفضائياتهم ومواقعم الإلكترونية.
■ ■ ■
ولكن كل ذلك كوم، وذلك النموذج الجديد بامتلاك مجموعة ضخمة من الوسائط الإعلامية فى الداخل والخارج كوم آخر.
إذ إن السؤال الذى يتبادر إلى ذهن أى ربع سياسى أو نصف مثقف سيكون: (ما هو المشروع السياسى الذى ستخدمه وسائل الإعلام الكثيرة التى يقتنيها رجل أعمال أو آخر؟).
لو كان مشروعًا سياسيًا لفرد فإن قناة تليفزيونية أو جريدة ورقية وموقعا إلكترونيا فيها الكفاية ويزيد، حتى لو كان ذلك المشروع السياسى يحاول السيطرة والتمكن من بعض مؤسسات الدولة التشريعية أو النيابية.
ثم لو كان ذلك المشروع السياسى هو لخدمة دولة لا فرد، فمن حقنا أن نتساءل هل هو لخدمة الدولة المصرية أم لخدمة دول أخرى فى مجالنا الإقليمى، أو فى الساحة الدولية؟
فإذا كان لخدمة الدولة المصرية، فهل يحق لتلك الدولة أن تضع مصالحنا فى حجر رجل أعمال أو آخر لا نعرف- تحديداً- توجهاته؟، ثم إن الأمر لم يعرض علينا لنبدى رأينا فيه، وحتى إذا كانت الجهة التى أقرت ذلك فى جسم الدولة المصرية، هى مؤسسة مخابراتية، فهل يجوز أن تغامر مثل تلك الجهة وتمارس عملًا له تلك الخطورة على مصر باعتباره يتعلق برسالتها الإعلامية فى الداخل والخارج دون علم المواطنين؟
وإذا لم يكن السبب فى امتلاك رجل أعمال أو آخر لتلك الترسانات الإعلامية هو التعبير عن مشروع سياسى للدولة المصرية، فإن السؤال يظل مطروحًا وهو: (عمن إذن تعبر تلك الكيانات الإعلامية؟).
هل تعبر عن دول أجنبية وتخدم مصالحها، وتحاول أن تحقق لها فى الموجة الثانية من المؤامرة، ما فشلت فى تحقيقه عند عملية يناير ٢٠١١؟
هل تقطع الطريق على نظام الرئيس السيسى فى امتلاك وسائل إعلام فى الخارج أو الشراكة فى بعض وسائل الإعلام الأجنبية لضمان تحييد تلك الوسائط، وتحميلها بعض الرسائل التى فشل إعلام الدولة المحلى أو الموجه إلى الخارج فى حملها؟
إن نظرة واحدة إلى المماطلة المذهلة فى إصدار تشريعات الإعلام والصحافة، تقول إن هناك محاولة لتعطيل الدولة عن تطوير أدوات إعلامها وصحافتها القوميين، إلى حين إتمام مخطط احتكار ساحات الإعلام المحلى والدولى من جانب بعض رجال الأعمال، واحتكار التعبير فى وسائلها على نحو يحاصر مصر إعلاميًا وصحفيًا تماماً، وبخاصة أن الإعلام القومى والصحافة القومية كانا المستهدف رقم (١) بالتدمير (قبل الداخلية) فى الساعات الأولى من عملية يناير ٢٠١١، ولصالح وسائل إعلام رجال الأعمال، ومن جهة أخرى فإن بعض الذى تمادوا فى تعطيل تشريعات الإعلام والصحافة هم صحفيون يعملون (بالقطعة) عند رجال الأعمال فى جرائدهم، أو يُمنحون الفرصة (دون أى سنادة من موهبة أو ثقافة أو إمكانية) لتقديم برامج فى فضائياتهم.
يعنى الموضوع كله عبارة عن دائرة شريرة مغلقة تحاول:
أولاً: تدمير الصحافة والإعلام القوميين حتى لا تكون للدولة أدوات إعلامية.
ثانيًا: فتح الجرائد والفضائيات الخاصة أمام الدولة لتقدم فيها بعض رسائلها وتشجيعها على أن تضع رقبتها فى قبضة الإعلام الخاص.
ثالثاً: السعى إلى قطع الطريق على الدولة فى تطوير صحافتها القومية أو إعلامها القومى عن طريق تعطيل صدور التشريعات الإعلامية بواسطة أعضاء فى المجلس الأعلى للصحافة يعملون عند رجال الأعمال كتبة فى صحفهم، أو مذيعين فى قنواتهم.
رابعا: السعى المهرول لامتلاك رجال الأعمال مزيدًا من الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية لضمان تدوير فائض الطاقة عند الصحفيين والإعلاميين المصريين فى ماكينات لا تمثل الدولة، ويمكن- فى لحظة- استخدامها ضد الدولة.
كما يعد تملك الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية وسيلة فى إخضاع الدولة المصرية إما عن طريق الهجوم عليها من على تلك المنابر، وإما عن طريق تعظيم احتياجها إلى رجال الأعمال الذين يملكون تلك الوسائط، فيقدمون لها عونهم بالقطارة فى مقابل إخضاعها لبعض مطالبهم.
خامسًا: وحتى إذا كان المال الذى يستخدمه رجال الأعمال فى امتلاك كل تلك الترسانات الإعلامية خليجيًا فإن ذلك- أيضاً- لا يريحنا، لأن كل دولة مهما ربطتنا بها أواصر أخوة وعروبة ودين وثقافة، لها- فى نهاية النهار- سياساتها ومصالحها التى تتمايز، وبالقطع ستتمايز عنا فى نقطة أو حزمة نقاط، ومن ثم فإن التسليم بالتخلى عن سيادتنا الإعلامية لصالح رجال أعمال يرتبطون بهذه الدولة الخليجية أو تلك، وتشترى لهم عناصر ترساناتهم فى الداخل والخارج، فإن ذلك لا يضمن لنا استخدام وسائلهم بحرية مطلقة للدولة المصرية.
ثم إننا- وعبر علاقاتنا الوثيقة بدول الخليج- نشعر بأن محطاتها الفضائية وجرائدها تساندنا إلى حد كبير، ولكنها تختلف وتتقاطع مع رؤيتنا فى الكثير أيضًا وهذا مكمن الخطر فى تعويدنا الانصياع إلى فكرة الكلام من خلال أبواق الآخرين.
هذه مذكرة أولى عن حالة إعلام رجال الأعمال فى اللحظة الراهنة، وربما أتبعها بعديد من المذكرات.
ولو ناقشنا الموضوع من زاوية أن كل رجل أعمال يريد عبر امتلاكه أداة إعلامية أن يحمى مصالحه ويصون حدود إمبراطوريته المالية الصغيرة أو الكبيرة، التى كونها- كالعادة- من مصادر غامضة ومجهولة، فإن امتلاك جريدة واحدة يكفى، وامتلاك فضائية يفيض.. ثم إنه لو امتلك وسيلة إعلام لخدمة مصالح دولة أجنبية أو شراكة متعددة الجنسيات وراء البحار يرتبط بهما ويعمل فى خدمتهما، فإن جريدة واحدة تكفى وفضائية تفيض، وقد ثبت ذلك من اشتراك الصحف التى أنشئت وفقًا لبرنامج الشراكة من أجل الديمقراطية الذى أعلنه كولن باول وزير الخارجية الأمريكى الأسبق فى معهد «هيرتدج» اليمينى يوم ١٤ سبتمبر ٢٠٠٢، فى تمهيد الساحة لعملية يناير ٢٠١١، واختراع فضاءات أو مراغات يمرح فيها العملاء والجواسيس ويسرحون ممارسين أدوارًا معلومة لهم فى عملية هدم مؤسسات الدولة المصرية، وبالإضافة فإن خطابًا أو رطانًا جديدًا ابتكرته تلك الوسائط الإعلامية وظل يهيمن على البلد كله حتى الآن، يرفض الارتباط بمشروع وطنى للدولة، وربما يرفض الدولة ذاتها، ويقبل- بنحو هبيل- على الارتباط بمشاريع أفراد لا يعرف من الذى يحركهم وإلى أين يقودون صحفهم وفضائياتهم ومواقعم الإلكترونية.
■ ■ ■
ولكن كل ذلك كوم، وذلك النموذج الجديد بامتلاك مجموعة ضخمة من الوسائط الإعلامية فى الداخل والخارج كوم آخر.
إذ إن السؤال الذى يتبادر إلى ذهن أى ربع سياسى أو نصف مثقف سيكون: (ما هو المشروع السياسى الذى ستخدمه وسائل الإعلام الكثيرة التى يقتنيها رجل أعمال أو آخر؟).
لو كان مشروعًا سياسيًا لفرد فإن قناة تليفزيونية أو جريدة ورقية وموقعا إلكترونيا فيها الكفاية ويزيد، حتى لو كان ذلك المشروع السياسى يحاول السيطرة والتمكن من بعض مؤسسات الدولة التشريعية أو النيابية.
ثم لو كان ذلك المشروع السياسى هو لخدمة دولة لا فرد، فمن حقنا أن نتساءل هل هو لخدمة الدولة المصرية أم لخدمة دول أخرى فى مجالنا الإقليمى، أو فى الساحة الدولية؟
فإذا كان لخدمة الدولة المصرية، فهل يحق لتلك الدولة أن تضع مصالحنا فى حجر رجل أعمال أو آخر لا نعرف- تحديداً- توجهاته؟، ثم إن الأمر لم يعرض علينا لنبدى رأينا فيه، وحتى إذا كانت الجهة التى أقرت ذلك فى جسم الدولة المصرية، هى مؤسسة مخابراتية، فهل يجوز أن تغامر مثل تلك الجهة وتمارس عملًا له تلك الخطورة على مصر باعتباره يتعلق برسالتها الإعلامية فى الداخل والخارج دون علم المواطنين؟
وإذا لم يكن السبب فى امتلاك رجل أعمال أو آخر لتلك الترسانات الإعلامية هو التعبير عن مشروع سياسى للدولة المصرية، فإن السؤال يظل مطروحًا وهو: (عمن إذن تعبر تلك الكيانات الإعلامية؟).
هل تعبر عن دول أجنبية وتخدم مصالحها، وتحاول أن تحقق لها فى الموجة الثانية من المؤامرة، ما فشلت فى تحقيقه عند عملية يناير ٢٠١١؟
هل تقطع الطريق على نظام الرئيس السيسى فى امتلاك وسائل إعلام فى الخارج أو الشراكة فى بعض وسائل الإعلام الأجنبية لضمان تحييد تلك الوسائط، وتحميلها بعض الرسائل التى فشل إعلام الدولة المحلى أو الموجه إلى الخارج فى حملها؟
إن نظرة واحدة إلى المماطلة المذهلة فى إصدار تشريعات الإعلام والصحافة، تقول إن هناك محاولة لتعطيل الدولة عن تطوير أدوات إعلامها وصحافتها القوميين، إلى حين إتمام مخطط احتكار ساحات الإعلام المحلى والدولى من جانب بعض رجال الأعمال، واحتكار التعبير فى وسائلها على نحو يحاصر مصر إعلاميًا وصحفيًا تماماً، وبخاصة أن الإعلام القومى والصحافة القومية كانا المستهدف رقم (١) بالتدمير (قبل الداخلية) فى الساعات الأولى من عملية يناير ٢٠١١، ولصالح وسائل إعلام رجال الأعمال، ومن جهة أخرى فإن بعض الذى تمادوا فى تعطيل تشريعات الإعلام والصحافة هم صحفيون يعملون (بالقطعة) عند رجال الأعمال فى جرائدهم، أو يُمنحون الفرصة (دون أى سنادة من موهبة أو ثقافة أو إمكانية) لتقديم برامج فى فضائياتهم.
يعنى الموضوع كله عبارة عن دائرة شريرة مغلقة تحاول:
أولاً: تدمير الصحافة والإعلام القوميين حتى لا تكون للدولة أدوات إعلامية.
ثانيًا: فتح الجرائد والفضائيات الخاصة أمام الدولة لتقدم فيها بعض رسائلها وتشجيعها على أن تضع رقبتها فى قبضة الإعلام الخاص.
ثالثاً: السعى إلى قطع الطريق على الدولة فى تطوير صحافتها القومية أو إعلامها القومى عن طريق تعطيل صدور التشريعات الإعلامية بواسطة أعضاء فى المجلس الأعلى للصحافة يعملون عند رجال الأعمال كتبة فى صحفهم، أو مذيعين فى قنواتهم.
رابعا: السعى المهرول لامتلاك رجال الأعمال مزيدًا من الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية لضمان تدوير فائض الطاقة عند الصحفيين والإعلاميين المصريين فى ماكينات لا تمثل الدولة، ويمكن- فى لحظة- استخدامها ضد الدولة.
كما يعد تملك الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية وسيلة فى إخضاع الدولة المصرية إما عن طريق الهجوم عليها من على تلك المنابر، وإما عن طريق تعظيم احتياجها إلى رجال الأعمال الذين يملكون تلك الوسائط، فيقدمون لها عونهم بالقطارة فى مقابل إخضاعها لبعض مطالبهم.
خامسًا: وحتى إذا كان المال الذى يستخدمه رجال الأعمال فى امتلاك كل تلك الترسانات الإعلامية خليجيًا فإن ذلك- أيضاً- لا يريحنا، لأن كل دولة مهما ربطتنا بها أواصر أخوة وعروبة ودين وثقافة، لها- فى نهاية النهار- سياساتها ومصالحها التى تتمايز، وبالقطع ستتمايز عنا فى نقطة أو حزمة نقاط، ومن ثم فإن التسليم بالتخلى عن سيادتنا الإعلامية لصالح رجال أعمال يرتبطون بهذه الدولة الخليجية أو تلك، وتشترى لهم عناصر ترساناتهم فى الداخل والخارج، فإن ذلك لا يضمن لنا استخدام وسائلهم بحرية مطلقة للدولة المصرية.
ثم إننا- وعبر علاقاتنا الوثيقة بدول الخليج- نشعر بأن محطاتها الفضائية وجرائدها تساندنا إلى حد كبير، ولكنها تختلف وتتقاطع مع رؤيتنا فى الكثير أيضًا وهذا مكمن الخطر فى تعويدنا الانصياع إلى فكرة الكلام من خلال أبواق الآخرين.
هذه مذكرة أولى عن حالة إعلام رجال الأعمال فى اللحظة الراهنة، وربما أتبعها بعديد من المذكرات.