السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

التضحية من أجل الوطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يَحل علينا عيدُ الأضحى المبارك - عيدُ التضحيةِ والِفداء - هذا العام ومصرُ تواجهُ تحدياتٍ جمة من شمالِ البلادِ إلى جنوبِها ومن مشرقِها إلى مغربِها. فعمليةُ «حقِ الشهيد» تمثلُ تحديًا ضخمًا لقواتِنا المسلحة الباسلة التى أخذت على عاتقِها أن تثأرَ لشهداءِ الوطن من تلكَ العصاباتِ التى لا تعرفُ معنى الوطن وتستهدفُ من يدافعون عنه، والتحدى الأكبرُ هو تطلعُ الشعبِ المصرى الذى يؤازرُ قواتِه المسلحة لإعلانِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسى سيناءَ خاليةً من الإرهابِ والإرهابيين فى أقربِ وقتٍ ممكن لكى نبدأَ فى إعمارِها.
وفى سبيلِ اللهِ والوطن ما زالَ أبطالُ الشرطةِ المصرية تقدمُ التضحياتِ الجسام من أجلِ الوطن سواء فى سيناء أو فى محافظاتِ الدلتا أو فى الصحراء فى حربِها مع مَن يهددونَ أمنَ الوطن. وليس أدلُ على ما تقومُ به الشرطةُ المصرية من جهودٍ سوى العملية الأخيرة التى قامت بها بالتعاونِ مع القواتِ المسلحة لمنعِ تسللِ الإرهابيين إلى صعيدِ مصر ومحاولتهم تكوينَ إمارةٍ داعشية فى أسيوط، وهو ما حاوله المماليك منذ قديم وفشلوا فيه أيضًا؛ فصعيدُ مِصْرَ هو مصنعُ الرجال الذى يُصدِرُ رجالَه إلى جيشِ الوطن، وكم من الصعايدة الشجعان الذين سطروا ملاحمَ بطولية فى معاركِ هذا الوطن. ولم يفهم الإرهابيون أن صعيدَ مصرَ يكنُ كلَ التقديرِ والاعتزاز لقواتِه المسلحة، وهو ما كشفت عنه عديدٌ من الدراسات، وأنه لن يكونَ أبدًا ملاذًا للإرهاب والإرهابيين.
وإذا كانت القواتُ المسلحة والشرطةُ المصرية تذودان عن شرفِ هذا الوطن وكرامتِه، وتكسرُ موجةً جديدةً من محاولةِ كسرِ إرادةِ الأمتين العربية والإسلامية، كما حدث من قبل على مرِ التاريخ فى حربِها ضدَ الهكسوس والرومان والصليبيين والتتار والمغول والفرنسيين والإنجليز، فلا بُدَ للشعبِ المصرى أن يقفَ صفًا واحدًا وراءَ قواتِه المسلحة فى معركتِها ضدَ الإرهاب، وهى المعركةُ التى لا تقلُ ضراوةً عن حروبِها التى خاضتها نيابةً عن الأمتين العربية والإسلامية فى الماضي، والتى سوف يسجلُها التاريخ ويقفُ أمامَها طويلاً، ليضعَ مصرَ فى سجلِ الفَخَار كدولةٍ متحضرة تحاربُ الفوضى والهمجية والمتاجرةَ بالدينِ لصالحِ قوىً ظاهرةٍ وخفية.
ولكن كيفَ يقفُ الشعبُ المصرى وراءَ قواتِه المسلحة؟، أعتقدُ أن الإجابةَ عن هذا السؤال قدم بعضها الرئيسُ عبدُ الفتاح السيسى فى ثنايا رسائِله إلى شعبِ مصرَ العظيم ومنها ضرورةُ الاصطفافِ الوطني، فالفتنُ الداخلية والانقسامات والتشظى هى التى تسمحُ لقوى الظلامِ بالانتشارِ والتمددِ فى رُبوعِ الوطن بُغيةِ تحويلِه إلى أشلاءٍ متناثرة لكى تنفثُ بعضَ حقدِها الدفينِ فى الشعب المصرى الذى لَفِظَ هذه القوى فى ثورةِ ٣٠ يونيو، وهى منذ ذلك الحين تتوعدُه بالثبورِ وعظائمِ الأمور إذا هى عادت إلى السلطةِ تارةً أخرى.
ولكن هل الاصطفافُ الوطنى يتوافقُ مع إجراءِ انتخاباتٍ برلمانيةٍ فى هذه الآونةِ التى يخوضُ فيها الوطنُ معركةً مصيرية؟، وهل من اللائقِ لفتُ أنظارِ الناسِ عن معركةِ الوطن إلى معركةٍ انتخابيةٍ تعملُ على تقسيمِ المصريين إلى شيعٍ وأحزابٍ وائتلافاتٍ وأفرادٍ يُذيقُ بعضُهم بأسَ بعض من أجلِ مِقْعَدٍ زائلٍ تحتَ قُبَةِ البرلمان؟. إننى أطرحُ هذه التساؤلاتِ لإعادةِ التفكير فى جدوى الانتخابات والمعاركِ الانتخابية والتنافس على المقاعدِ والاتهاماتِ المتبادلة بين المرشحين فى لحظةٍ فارقةٍ فى تاريخِ الدولةِ المصرية.
أليس منكم رجلٌ أو حزبٌ أو ائتلافٌ رشيد يطرحُ مبادرةً بتأجيلِ الانتخاباتِ حتى تستقرَ الأوضاعَ ونحسمُ الحربَ على الإرهاب التى ما زالت مُستعِرَةً على كلِ الحدودِ والجبهات بل وفى داخلِ البلادِ بين ظهرانينا. إن كلَ المرشحين والأحزاب والائتلافات تتغنى بحبِ مصر، وأعتقدُ أن الحبَ الحقيقى لمِصْرَ يستدعى من كلِ هؤلاء طرحَ هذه المبادرة بتأجيلِ الانتخابات، وأن يكونوا جنودًا حقيقيين للدفاعِ عن مُقدَراتِ هذا الوطن.. إن حُبَ الوطن يجب ألا يكونَ أقوالًا مُرسلةً بل يجبُ ترجمتُه إلى مواقفَ وطنيةٍ تكونُ نبراسًا للأجيالِ المقبلة.
ويجبُ أيضًا أن يضحى المصريون - ونحنُ فى عيدِ التضحيةِ والفِداء- ببعضِ طِيبِ العيْشِ، من خلال عدمِ الخروجِ فى مظاهراتٍ أو القيامِ باعتصامات من أجلِ مطالبٍ فئويةٍ محدودة، فهذا ليس وقتُه وأوانُه، لأنَ البلادَ واقعةٌ تحتَ ظروفٍ صعبةٍ وضاغطة، وجزءٌ من المواردِ المتاحة موجهٌ للحربِ ضدَ الإرهاب، فلنصبرُ قليلاً، ولنُضحى كثيرًا من أجلِ هذا الوطن، وليكن لنا فى سيدِنا إبراهيم عليه السلام أسوةٌ حسنة عندما أوشك أن يُضحى بابنه إسماعيل.
إن مِصْرَ تستحقُ التضحيةَ والفِداءَ.. وهنيئًا لمن يُقدمُ نفسَه قُربَانًا للهِ والوطن.