قبل أن ندفن موتانا ونطلب لهم الرحمة، قررنا أن نتبرأ جميعا من مسئولية دمائهم التى لم تجف على أسفلت «منى»، ونتخفف من حمل أرواحهم التى لا تزال هائمة هناك، تبحث عما وعدها به ربها.
٧١٧ حاجًا ذهبوا إلى أرض الله طالبين لقاءه فاختارهم إلى جواره، لم يمهلهم دقائق ليودعوا أحبابهم، ويحتفظوا بالنظرة الأخيرة لأماكن ذكرياتهم، حرمهم من ضمة الأحباب، وأخذهم إلى ضمته هو، ولأننا لسنا فى مرتبة الإله الذى لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون، فقد بحثنا عن أسباب لما جري، لم نهتم بمعرفة حقيقة ما حدث على الأرض، المهم ألا نكون متورطين.
اجتهدت العقلية العربية فأفرزت سيناريوهات الجحيم الأرضي، ولأن العقل العربى لا يتوقف عن ممارسة هوايته فى النصب العلني، فقد جاءت كل السيناريوهات منطقية ومقبولة، بل ويقف خلفها ما يسندها ويدعمها، ويؤكد حدوثها على النحو الذى رسمه أصحابه.
السيناريو الأول يقوم على أن الحجاج لم يلتزموا بالتعليمات، آلاف منهم بعد أن ألقوا الجمرات فى وجه إبليس اللعين عادوا مرة أخرى فى الاتجاه المعاكس، ولم يلتزموا بطرق الخروج، فحدث التدافع الرهيب الذى لم يرحم قويا ولا ضعيفا، فكل الرؤوس كانت سواء.
يقوم هذا السيناريو على أن الحجاج هم من قتلوا أنفسهم، تدافعوا ولم يلتزموا بالتعليمات الأمنية، فكان طبيعيًا أن يلقوا حتفهم، ولو سلمنا جدلًا بهذا السيناريو، فالمعنى الواضح أنهم جميعا راحوا هدرًا، فليس من المنطقى أن نحاسب أحدًا على تقصيره، فعليًا لم يقصر أحد، فعل ذلك الحجاج وحدهم، ولذلك فاللوم يقع عليهم وحدهم، ولأنهم ماتوا فلا مكان للوم أو عتاب.
السيناريو الثانى يشير إلى أن هناك مسئولًا عربيًا كبيرًا دخل إلى «منى» لرمى الجمرات، ولأنه مسئول كبير فلا بد أن يدخل عكس الاتجاه، ولا بد أيضا أن ينجز الحجاج حتى ينتهى من طقسه المقدس، ولما انتهى سمحوا لهم بالخروج فتدافعوا، ليجدوا الموت فى انتظارهم.
هذا السيناريو مصنوع على عين أصحابه، فالذين يكرهون السعودية ولا يريدون لها خيرًا، يقولون إن هذا المسئول هو ولى ولى العهد، محمد بن سلمان، والذين يتربصون بمصر شرًا يقولون إن المسئول الكبير ليس إلا الفريق صدقى صبحى، وزير الدفاع المصري.
ما يؤكد تهافت هذا السيناريو وهزاله وكذبه، أنه يبدو من ظاهر ترتيبه حالة من التلفيق المتعمد، فقد ألقى أحدهم بأن هناك مسئولا كبيرا تسبب موكبه فى الكارثة، فتبارى الخصوم فى إلصاق التهمة بمن يكرهون ويتربصون بهم شرًا، وهو ما يهدم السيناريو من بدايته، خاصة أنه لا يوجد أى دليل عليه.
السيناريو الثالث تم تصميمه بكتالوج المؤامرة، يقول أصحابه إن الحجاج الإيرانيين الذين ينتمى عدد منهم إلى الحرس الثورى الإيرانى تعمدوا إثارة حالة من الشغب والفوضي، هتفوا وهم فى المشعر المقدس «لبيك يا حسين»، فاعترض الحجاج ليحدث بينهم التدافع الذى حولهم إلى قتلي.
هذا السيناريو يحمل الكثير من المنطق، خاصة أن هناك تجارب سابقة للحجاج الإيرانيين فى إفساد مواسم الحج، وهناك رغبة مسعورة للإيرانيين فى سلب تنظيم موسم الحج من الدولة السعودية، وجعله فى يد لجنة عليا من البلاد الإسلامية، وهو الاقتراح الذى تم تداوله على الفور بعد الحادث المروع، وكأن هناك من أراد أن يطرق الحديد وهو ساخن، بما يؤكد أن ما جرى تم تدبيره بليل، وفى هذا العالم الممتلئ بالمتآمرين لا يمكن أن تستبعد شيئًا أبدًا.
كل هذه السيناريوهات تظل فى مساحة الاحتمالات، لا شيء مؤكدًا إلا أن هناك ٧١٧ حاجًا لقوا حتفهم، وأن لهؤلاء حقوقًا لا بد أن يحصلوا عليها، فليس معقولا أن يموت الناس بطريقة عبثية دون أن يكون هناك تحقيق ومسئولون، إنها كلمة الله، لاحقتهم حتى حصدت أرواحهم، لكن ليس معنى ذلك أن نصمت على ما جري، فالحج مؤتمر المسلمين الأكبر لا يجب أن تتسرب له يد الإهمال، فلا يزال الحج يمثل واحدًا من مظاهر قوة المسلمين ووحدتهم، فلا تفرطوا فيه، فلم يعد لدينا الكثير.
٧١٧ حاجًا ذهبوا إلى أرض الله طالبين لقاءه فاختارهم إلى جواره، لم يمهلهم دقائق ليودعوا أحبابهم، ويحتفظوا بالنظرة الأخيرة لأماكن ذكرياتهم، حرمهم من ضمة الأحباب، وأخذهم إلى ضمته هو، ولأننا لسنا فى مرتبة الإله الذى لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون، فقد بحثنا عن أسباب لما جري، لم نهتم بمعرفة حقيقة ما حدث على الأرض، المهم ألا نكون متورطين.
اجتهدت العقلية العربية فأفرزت سيناريوهات الجحيم الأرضي، ولأن العقل العربى لا يتوقف عن ممارسة هوايته فى النصب العلني، فقد جاءت كل السيناريوهات منطقية ومقبولة، بل ويقف خلفها ما يسندها ويدعمها، ويؤكد حدوثها على النحو الذى رسمه أصحابه.
السيناريو الأول يقوم على أن الحجاج لم يلتزموا بالتعليمات، آلاف منهم بعد أن ألقوا الجمرات فى وجه إبليس اللعين عادوا مرة أخرى فى الاتجاه المعاكس، ولم يلتزموا بطرق الخروج، فحدث التدافع الرهيب الذى لم يرحم قويا ولا ضعيفا، فكل الرؤوس كانت سواء.
يقوم هذا السيناريو على أن الحجاج هم من قتلوا أنفسهم، تدافعوا ولم يلتزموا بالتعليمات الأمنية، فكان طبيعيًا أن يلقوا حتفهم، ولو سلمنا جدلًا بهذا السيناريو، فالمعنى الواضح أنهم جميعا راحوا هدرًا، فليس من المنطقى أن نحاسب أحدًا على تقصيره، فعليًا لم يقصر أحد، فعل ذلك الحجاج وحدهم، ولذلك فاللوم يقع عليهم وحدهم، ولأنهم ماتوا فلا مكان للوم أو عتاب.
السيناريو الثانى يشير إلى أن هناك مسئولًا عربيًا كبيرًا دخل إلى «منى» لرمى الجمرات، ولأنه مسئول كبير فلا بد أن يدخل عكس الاتجاه، ولا بد أيضا أن ينجز الحجاج حتى ينتهى من طقسه المقدس، ولما انتهى سمحوا لهم بالخروج فتدافعوا، ليجدوا الموت فى انتظارهم.
هذا السيناريو مصنوع على عين أصحابه، فالذين يكرهون السعودية ولا يريدون لها خيرًا، يقولون إن هذا المسئول هو ولى ولى العهد، محمد بن سلمان، والذين يتربصون بمصر شرًا يقولون إن المسئول الكبير ليس إلا الفريق صدقى صبحى، وزير الدفاع المصري.
ما يؤكد تهافت هذا السيناريو وهزاله وكذبه، أنه يبدو من ظاهر ترتيبه حالة من التلفيق المتعمد، فقد ألقى أحدهم بأن هناك مسئولا كبيرا تسبب موكبه فى الكارثة، فتبارى الخصوم فى إلصاق التهمة بمن يكرهون ويتربصون بهم شرًا، وهو ما يهدم السيناريو من بدايته، خاصة أنه لا يوجد أى دليل عليه.
السيناريو الثالث تم تصميمه بكتالوج المؤامرة، يقول أصحابه إن الحجاج الإيرانيين الذين ينتمى عدد منهم إلى الحرس الثورى الإيرانى تعمدوا إثارة حالة من الشغب والفوضي، هتفوا وهم فى المشعر المقدس «لبيك يا حسين»، فاعترض الحجاج ليحدث بينهم التدافع الذى حولهم إلى قتلي.
هذا السيناريو يحمل الكثير من المنطق، خاصة أن هناك تجارب سابقة للحجاج الإيرانيين فى إفساد مواسم الحج، وهناك رغبة مسعورة للإيرانيين فى سلب تنظيم موسم الحج من الدولة السعودية، وجعله فى يد لجنة عليا من البلاد الإسلامية، وهو الاقتراح الذى تم تداوله على الفور بعد الحادث المروع، وكأن هناك من أراد أن يطرق الحديد وهو ساخن، بما يؤكد أن ما جرى تم تدبيره بليل، وفى هذا العالم الممتلئ بالمتآمرين لا يمكن أن تستبعد شيئًا أبدًا.
كل هذه السيناريوهات تظل فى مساحة الاحتمالات، لا شيء مؤكدًا إلا أن هناك ٧١٧ حاجًا لقوا حتفهم، وأن لهؤلاء حقوقًا لا بد أن يحصلوا عليها، فليس معقولا أن يموت الناس بطريقة عبثية دون أن يكون هناك تحقيق ومسئولون، إنها كلمة الله، لاحقتهم حتى حصدت أرواحهم، لكن ليس معنى ذلك أن نصمت على ما جري، فالحج مؤتمر المسلمين الأكبر لا يجب أن تتسرب له يد الإهمال، فلا يزال الحج يمثل واحدًا من مظاهر قوة المسلمين ووحدتهم، فلا تفرطوا فيه، فلم يعد لدينا الكثير.