تحل اليوم الذكرى السابعة لرحيل شاعر الهفتانين والسخطانين فؤاد قاعود، الذي وصفه الراحل صلاح جاهين بصاحب الأشعار النابضة بالنبض العجيب، والسخرية الشبيهة بوقع السياط، مالك الينابيع والعواصف الثلجية، وصاحب الكلمات التي تمطر في النفس مطرًا مر المذاق ومسكرًا فى آن.
ولد فؤاد قاعود في الإسكندرية في 5 إبريل 1936، ولم يتلق تعليما إلزاميًّا بل كان يعمل في ورش ومطابع الإسكندرية. عمل فترة في محل ترزي للشاعر “,”عبدالعليم القباني“,” حيث ملتقى شعراء وزجالي الإسكندرية، ثم بعد ذلك عامل سويتش في إذاعة الإسكندرية، وكان قد اشتهر ببراعته في فن الشعر والزجل .
أيقن قاعود في فترة عمله كــ “,”عامل سويتش“,” أن طريقه هو الشعر، فبدأ يهتم بالقراءة وتثقيف نفسه، تأثر ببيرم التونسي والمتنبي، وتأثر كثيرا بكتاب “,”المنتخب من آداب العرب“,”، إلى أن التقى بالشاعر الكبير صلاح جاهين الذي طلب منه أن يذهب للقاهرة، وبالفعل ذهب إلى هناك عام 1963 والتقى بإحسان عبد القدوس، وكان وقتها رئيسًا لتحرير روز اليوسف، وعينه في وظيفة شاعر في مجلة صباح الخير
استمر قاعود يعمل بها حتى بداية الثمانينيات عندما رأس تحرير ملحق “,” صباح الفل“,” وكان يقدم فيه أزجالًا شعرية تحت عناوين “,”نكد الدولة سخطان“,” و“,”جوعان بن هفتان“,” و“,”فرقعلوز“,”، واعتبارًا من الربع الأخير من عام 1986 بدأ يقدم باب الفرازة الذي يقدم فيه الأشعار المتميزة التي تصل إليه من القراء ويعلق عليهم، ومن أبرز الذين قدمهم فؤاد قاعود الشاعر جمال بخيت
لم يسع فؤاد قاعود للشهرة ولا المجد الإعلامى بل عاش شاعرًا نزيهًا بقلمه وشعره، وسخر من هؤلاء الذين يتهافتون على الشهرة وليس لديهم ما يقدمونه فقال في إحدى مقطوعاته :
لو غيتك شهرتك اعمل لها طبال
صوت الكفوف ع الدفوف يدوش لكن قتال
والشهرة مهرة حويطة تقلب المختال
تجمح وترمح وتقزح باللي راكبها
يا يطب للديل يا يطلع فوق مناكبها
تعاند اللي ركبها والغرور ساقه
وتصاحب اللي يلجمها بأخلاقه
والحر لجل الحقيقة يركب الأهوال
***
لم ينتم فؤاد فؤاد قاعود لأي حزب، كان هو حزبًا بذاته لنفسه وبنفسه، فقد وصف حال المنتمين للأحزاب في إحدى مقطوعاته بأصحاب المصالح فقال:
وحيد ومعدم وغير مدعوم ومش محسوب
وفي كشوف البطايق اسمى مش مكتوب
ولما يحصوا الشلل ماجيش في أي جروب
وحيد ومفرد لوحدي وآخر استقلال
واللي ماهوش منتمي لحاجة ح ياكل طوب
********
وناس علاقتها حلوة بكافة الأحزاب
يفطر في ساحة التجمع فول مع الأصحاب
والشاي في الوفد ويا أكبر الألقاب
والضهر ياكل فى مسمط يملكه الإخوان
والليل يكون العشا في الوطنى طير وكباب
كان الشاعر الراحل أحد الذين ساهموا في خلق تجربة الشيخ إمام عيسى، ومن أهم الأغنيات التي كتبها له “,”أحزان قرد“,”.
قدم الناقد الكبير فاروق عبدالقادر ديوان “,”المواويل“,” لقاعود قائلًا: “,”الحقيقة التي يجب قولها هنا، ودون تردد، هي أن الشاعر لم يفقد الأمل أبدًا في أن تشرق يومًا الشمس التي توزع الدفء والضوء على الجميع، وهذا ما يرجح عندي القول بأن هذا القهر ليس كونيًّا، لكنه قهر موضوعي مرتبط بعوامل محددة في الواقع الاقتصادي – السياسي – الاجتماعي، قهر لا يتعالى على قدرة الإنسان على الفعل والتغيير.
