عندما صمت الجميع، خوفا أو نفاقًا أو حرصاً على مصلحة شخصية، كان عبدالرحيم على مدافعا جسورًا عن حقوق وطموحات المصريين، كل المصريين، فكانت مواقفه المشهودة دفاعاً عن الوحدة الوطنية وما تعرض له الأقباط، خاصة فى الصعيد، من إرهاب وعدوان طال الأرواح والممتلكات الخاصة ودور العبادة، حيث ذهب إلى مواقع الأحداث فى القرى والنجوع والمدن، ليكشف جرائم الإرهاب البشعة.
واهتمت جهات كثيرة معنية من وسائل إعلام محلية وأجنبية ومنظمات مجتمع مدنى، ولجان نيابية متخصصة وجهات تحقيق وبعض دوائر صناعة القرار، بكل ما كتب وسجل عما جرى من جرائم بحق الأقباط.
خاض عبدالرحيم على معارك صحفية وفكرية كبيرة.. دفاعا عن صحيح الإسلام متصديا لمحاولات التطرف البغيض «لخطف الإسلام»، ونال الأزهر الشريف ودوره فى الدفاع عن الإسلام الوسطى المعتدل اهتمامًا خاصا منه، وهو ما كان محل تقدير واحترام من مشيخة الأزهر، وخاصة الراحل الكريم الدكتور محمد طنطاوى شيخ الأزهر السابق، وفضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الحالى، وكتب وحاضر عن الإسلام وحرية الرأى والإسلام والأقباط والإسلام والمرأة، الإسلام والديمقراطية .. الإسلام والفن والثقافة .. كاشفا براءة الدين الحنيف من أفكار التطرف والعنف والإرهاب والكراهية.
وقف مدافعًا عن ثورة الشعب المصرى فى 25 يناير 2011، محذرا من مخطط جماعة الإخوان من الاستيلاء والهيمنة على مقدرات الوطن، كاشفا زيف مشروعهم السياسى وبؤسه، والدور التخريبى الإجرامى للجماعة فيما حدث عقب 25 يناير، وكشف مبكراً حقيقة المعزول «مرسى» وجماعته، متهمًا «مرسى» –وهو على مقعد الرئاسة- بالتآمر والعمالة والتجسس، وكان عبدالرحيم علي، أول من قالها، وبأمر رئاسى تمت إحالته للنائب العام، وخضع للتحقيق لمدة 9 ساعات متواصلة، ولم يتراجع عن موقفه مؤكدًا أنه بالفعل – وبالمستندات والوقائع – يتهم «المعزول» بالخيانة العظمى ويطالب بمحاكمته، وأطلق سراحه من مكتب النائب العام، ليقف على منصات ميدان التحرير ليعلنها بوضوح.. أن حكم الإخوان إلى زوال وأن الثورة ستطيح بهم وأن الموعد قريب.. قريب.. وكانت ثورة 30 يونيو، وكان عبدالرحيم فى قلب الميدان مع ملايين الشعب المصرى، لم يتوقف أمام تهديدات قادة الإخوان الصريحة، ونصائح البعض أن يترك مصر حتى تهدأ الأحوال، ظل يكتب ويخطب فى الميادين ويعلن على شاشات الفضائيات أنه يثق فى عظمة الشعب المصرى، وأن «مرسى» وجماعته راحلون -وقد كان- ويقف المعزول الآن أمام القضاء ليحاكم على جرائمه التى كان عبدالرحيم على فى طليعة من سلط الضوء عليها وكشف مخاطرها على حاضر ومستقبل مصر..
تمر مصر بمرحلة خطيرة من تاريخها المجيد، مرحلة كُتب علينا فيها أن نواجه كل معارك الشر فى توقيت واحد.
الإرهاب مدعوما بخطط دولية لتقسيم بلادنا وتفتيت قوتنا، والفساد مدعوما بحلف معدومى الضمائر وبائعى الأوطان وسارقى قوت الشعب.
معارك مصيرية حاسمة تخوضها مصر دفاعًا عن حاضر ومستقبل أبنائها.
فى هذه الأجواء يأتى الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، التى صاغها المصريون وتوافقوا عليها بعد ثورة 30 يونيو، ألا وهو «الانتخابات البرلمانية»، التى انطلقت مراحلها التحضيرية منذ أيام. هكذا توجب علينا نحن المصريين أن نخوض، فى توقيت واحد، معركة «حق الشهيد» ضد الإرهاب جنبا إلى جنب معركة حق الفقير فى مواجهة الفساد، جنبا إلى جنب معركة «حق الوطن» فى بناء دولة المؤسسات.. دولة الديمقراطية والحرية والعدل الاجتماعى والمساواة.
إن معركة تشكيل البرلمان لا تقل أهمية وخطورة عن معارك مواجهة الإرهاب والفساد، إنها معركة استكمال بناء الوطن وتحرير إرادته، لذلك فهى تستدعى منا جميعًا (مرشحين وناخبين) اليقظة والمسئولية والحرص.
علينا أن نتجاوز «الكمين» الذى نصبه البعض من أعضاء لجنة الدستور، بقصد ونية مبيتة، فى محاولة منهم للصيد فى الماء العكر، وذلك بإصرارهم على وضع مادة دستورية تقتسم السلطة بين البرلمان ومؤسسة الرئاسة، وتحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، ضاربين بذلك عرض الحائط، بتجارب دول وشعوب العالم فى أعقاب الثورات الكبرى.
هذا الوضع «اقتسام السلطة» ينذر بالصراع والمواجهات الحادة ويهدد بناء الدولة، ويضعها على شفير الانهيار والفوضى، لا قدر الله، إذا لم نحسن الاختيار.
ومن هنا تأتى الأهمية «الاستثنائية» لمعركة البرلمان القادم، وضرورة الوعى والحذر فى اختيار نوابه، ونحن إذ نواصل ونعيد التأكيد على المخاطر والأضرار التى تلحق بالوطن ومستقبله من إصرار البعض على خلط الدين بالسياسة، لتحقيق مطامع ومخططات قوى وجماعات مستترة بالدين، هى أبعد ما تكون فى الواقع والحقيقة عن صحيح الدين ونبل غاياته.. نحذر بنفس القوة والمنهج وعلى نفس المستوى، من خلط المال بالسياسة، وما يجره على الوطن من مخاطر وأضرار خاصة، والشواهد تؤكد بجلاء سعى البعض من رجال المال السياسى الحرام، لتنفيذ مخططات ومطامع تهدف للسيطرة على النصيب الأكبر وحصة الأسد من تشكيلة البرلمان القادم لسلب الإرادة الوطنية وتحجيم قدرتنا على اتخاذ القرار الصحيح لصالح أوطاننا.
لقد أعلنها الشعب المصرى من قبل، مدوية فى كل ميادين مصر «لا لحكم المرشد»، والآن يسعى البعض لتكرار التجربة، يسعون لاختطاف مصر وإعادة إنتاج نسخة جديدة من مشروع «دولة الإخوان» التى لفظها الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو المجيدة.
إنها المؤامرة فاحذروها، علينا أن نضع نصب أعيننا ونحن نخوض معركة اختيار نواب البرلمان القادم تلك المخططات التى يدبرها ويروج لها المتاجرون بالأديان والمتاجرون بالأموال للهيمنة على مستقبل مصر ومستقبل أبنائنا.
ونعاهدكم أن نكون، من الآن، وكما كنا من قبل، صوت الحق.. صوت الوطن.. المصباح والدليل، فى خضم تلك الغيوم المتراكمة أمام أعينكم وأعيننا، لا نساوم على الوطن ولو كان الثمن حياتنا، وكما خضنا وما زلنا نخوض، مع كل شرفاء هذا الوطن، معارك الإرهاب الأسود والفساد المستشرى والمعتدين على حرمات البلاد.. نخوض معكم معركة البرلمان القادم.. من أجل انتخابات حرة نزيهة تأتى برجال شرفاء، وطنيين، يقودون مسيرة بناء دولة المؤسسات جنبًا إلى جنب مع إخوتنا فى القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء. يدا واحدة، كما كنا دائما، من أجل إرساء وبناء دولة العدل والإخاء والمساواة والحرية.
C.V
■ ولد في 25/ 3/ 1963
■ كاتب صحفى (عضو نقابة الصحفيين المصريين).
■ باحث متخصص فى شئون الحركات الإسلامية.
■ رئيس مجلس إدارة المركز العربى للصحافة.
■ رئيس تحرير جريدة «البوابة».
■ رئيس تحرير موقع «البوابة نيوز».
■ يكتب فى العديد من الصحف المصرية والعربية والأجنبية.
■ شارك فى الكثير من المؤتمرات العلمية المتخصصة والندوات داخل مصر وخارجها.
■ شارك فى كتابة أفلام تسجيلية ووثائقية عن حركات الإسلام السياسى وتاريخ الحركة الوطنية المصرية.
■ صاحب فكرة وإعداد ومقدم البرنامج الأشهر على شاشات الفضائيات «الصندوق الأسود»، والذى حقق أعلى نسبة مشاهدة وقت عرضه، وساهم فى كشف حقائق وأسرار خطيرة عن قوى وشخصيات بارزة، لعبت أدوارًا مشبوهة، وفى غير صالح ثورة الشعب المصرى وأهدافها.
نخوض معكم معركة البرلمان القادم.. من أجل انتخابات حرة نزيهة تأتى برجال شرفاء، وطنيين يقودون مسيرة بناء دولة المؤسسات جنبًا إلى جنب مع إخوتنا فى القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء يدًا واحدة كما كنا دائما من أجل إرساء وبناء دولة العدل والإخاء والمساواة والحرية.
هوامش عن المعركة ضد «أصحاب اللحى»
ضد «تجار الدين».. لسنا «كفار قريش» وليسوا «أصحاب النبى».
إن التيار السلفى عمومًا وكوادر وقيادات حزب النور وسلفية الإسكندرية على وجه الخصوص، لم يعترفوا يومًا بشرعية العمل السياسى قبل ثورة 25 يناير 2011، فقد كانوا يرون أن الديمقراطية كفر، وأن ما يستند إليه السياسيون فى العمل السياسى من نظم حكم بعيد كل البعد عن الشريعة الإسلامية فى وجهها الصحيح.
وما أن اندلعت ثورة 25 يناير 2011، حتى انبرى السلفيون يصفونها بهبشات الأسواق، أى مشاجرات الأفراح، حيث لا يعرف أحد من قتل ومن لم يقتل، وتتوه الحقوق.
لم يعترف السلفيون أبدًا بالثورة ولم يشاركوا فيها خوفا من بطش نظام مبارك إذا ما فشل الثوار فى الإطاحة به.
ولكن سرعان ما اندفعت «سلفية الإسكندرية» إلى المشاركة السياسية بعد نجاح الثورة فى الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وقاموا بتأسيس «حزب النور».
وخطا الحزب بخطوات واسعة، فكان ضمن أسرع الأحزاب من حيث إجراءات التأسيس، بعد الثورة، إذ لم يسبقه فى الحصول على التوكيلات المطلوبة فى كل المحافظات، ثم موافقة لجنة شئون الأحزاب، إلا حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية.
قبل الاستفتاء على تعديلات الدستور فى 19 مارس 2011 كان هناك استقطاب حاد فى الشارع المصرى حول تلك التعديلات، قام الإخوان والسلفيون بتحويله إلى معركة دينية، واختيار ما بين الجنة والنار.
وعقب ظهور النتيجة لصالح «نعم» قام الداعية السلفى محمد حسين يعقوب بوصف الاستفتاء على التعديلات الدستورية بأنه «غزوة الصناديق»، مؤكداً ما سماه «انتصار الدين» فيها.
وقال يعقوب، فى مقطع فيديو نشره موقعه الرسمى فى كلمة ألقاها بمسجد «الهدى» بإمبابة: «كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز، واليوم نقول بيننا وبينكم الصناديق، وقد قالت الصناديق للدين (نعم)»، داعيا الحضور إلى ترديد تكبيرات العيد احتفالاً بموافقة ٧٧٪ من الناخبين على التعديلات.
وقال يعقوب: «الدين هيدخل فى كل حاجة، مش دى الديمقراطية بتاعتكم، الشعب قال نعم للدين، واللى يقول البلد ما نعرفش نعيش فيها أنت حر، ألف سلامة، عندهم تأشيرات كندا وأمريكا».
واعتبر الداعية السلفى أن «القضية ليست قضية دستور»، موضحا «انقسم الناس إلى فسطاطين، فسطاط دين فيه كل أهل الدين والمشايخ، كل أهل الدين بلا استثناء كانوا بيقولوا نعم، الإخوان والتبليغ والجمعية الشرعية وأنصار السنة والسلفيون، وقصادهم من الناحية التانية (ناس تانية)»، وقال: «شكلك وحش لو ما كنتش فى الناحية اللى فيها المشايخ».
وأكد يعقوب أنه لا يطمح للقيام بدور سياسى قائلاً: «إحنا مش سياسيين ولا عايزين منها حاجة، ووعد أقطعه أمام الله لن أنضم لحزب ولا أترشح لأى حاجة فى الدنيا»، واختتم كلمته قائلاً للمصلين من أنصاره: «ما تخافوش خلاص البلد بلدنا».
نعم قالها السلفيون يومها: اللى مش عاجبه ياخد شنطته ويتكل على الله، أرض الله واسعة، حاولوا طردنا من وطننا لمجرد أنهم فازوا بجولة فى المعركة.
وعندما استشعروا يوما بتحركات للقوى المدنية لوضع ما سمى وقتها «مبادئ فوق دستورية لحماية الدولة المدنية فى مصر من عبث السلفيين والإخوان»، الذى ظهر لاحقًا وتصدى له الشعب المصرى عن بكرة أبيه فى الثلاثين من يونيو 2013، خرجوا يرهبوننا فى جمعة قندهار الشهيرة.
فى التاسع والعشرين من يوليو 2011 تم الاتفاق بين الإخوان المسلمين على الحشد لمليونية تحت عنوان «جمعة الإرادة الشعبية وتوحيد الصف» وشاركهم فى الحشد «حزب النور».
تعددت المنصات فى هذا اليوم «5 منصات على الأقل»، كان أكبرها من حيث الحجم منصة «الإخوان المسلمين» مع حضور طاغ للإسلاميين أغلبهم من التيار السلفى، والذى قام بحشد أنصاره من كافة محافظات الجمهورية بدعوات مثبتة وموثقة بتنظيمهم رحلات إلى التحرير تحت رعاية «حزب النور» والعديد من مشايخ السلفية، وعلى رأسهم الشيخ حسان، والتف أغلبهم حول منصة «الحزب» الممثل الرسمى للسلفيين آنذاك.
وارتفع علم القاعدة فى ذلك اليوم لأول مرة على الأرض المصرية، وهتف المتظاهرون «صور صور يا أوباما كلنا هنا أسامة»، فى إشارة إلى أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة.
وفى محاولة لتحييد القوات المسلحة وإبعادها عن الصراع، بشكل مؤقت، هتف المتظاهرون للمشير طنطاوى «يا مشير يا مشير.. ألف تحية من التحرير».
ولم ننسَ بالطبع واقعة الأذان فى البرلمان، ففى سابقة هى الأولى من نوعها داخل جلسات مجلس الشعب، رفع المحامى ممدوح إسماعيل، عضو مجلس الشعب المصرى عن التيار السلفى، أذان العصر داخل وأثناء سير الجلسة، وسط دهشة من الجميع، بمن فيهم أعضاء الإخوان أنفسهم.
ولم تقف نوادر السلفيين عند هذا الحد، فقد رفض خمسة من أعضاء الجمعية التأسيسية الأولى لكتابة الدستور، ينتمون لحزب النور، الوقوف تحية خلال عزف موسيقى السلام الوطنى احتفالا بانتهاء أعمال اللجنة، كان من بين هؤلاء نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، ياسر برهامي، ورئيس الحزب حاليا يونس مخيون، وأمين سر اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل محمد إبراهيم منصور، والمتحدث الرسمى باسم الهيئة البرلمانية للحزب أحمد خليل.
فى ديسمبر 2011، قال ياسر برهامى، الأب الروحى لحزب النور، وصاحب اليد الطولى فى الدعوة السلفية بالإسكندرية: «إنه لا يجوز للمسيحى الترشح للانتخابات البرلمانية لأنها سلطة تشريعية ورقابية، ولأن هذا سيمكنه من عزل رئيس الدولة ومحاسبة الحكومة»، مشددًا على أنه «لا يحل للكافر أن يتولاها»، فى إشارة للمسيحيين.
وعن المرأة، حدث ولا حرج، فقد رفضوا ليس فقط ترشحها بل خروجها من المنزل بالأساس، حتى جعلونا فى مناظرة مشهورة بتليفزيون أوربت نقول لهم: لقد حررتكم المرأة عندما خرجت فى 25 يناير من قمع وبطش مبارك وجعلتكم تكونون أحزابا وتصعدون للمنابر وتجوبون الفضائيات ليل نهار، أفبعد ذلك تكون مكافأتها الجلوس فى المنزل؟!
هذا هو جحيم السلفيين الذي يحاولون عبر التقية أن يرجعوكم إليه، فيعترفون باللسان بحق المرأة فى الترشح بل ويرشحون نساءً على قوائمهم، وحق القبطى ويجلبون أقباطًا للترشح على قوائمهم، فهذا فقه الضعف، وتلك هى الضرورات التى تبيح المحظورات فى فقههم وفهمهم المغلوط للدين، إنهم يلتفون عليكم ليغدروا بكم وبمكتسباتكم، فلا تمكنوهم، وإذا لقيتموهم فى لجان الانتخابات فلا تصوتوا لهم فهم أذى لكم ولوطنكم.
لقد كنت، وما زلت، على يقين لا يطوله الشك بوصولنا إلى مستقبل أفضل، ولا يغادرنى التفاؤل بقدرة مصر على تجاوز أزماتها والتحديات التى تواجهها، ولا شك أن الأخطر من هذه التحديات، والذى يواجه بالطبع الحكومة الجديدة، يتمثل فى مثلث من التحديات متكامل الأضلاع: الإرهاب، والفساد، واستخدام المال الحرام فى السياسة.
الإرهاب، يولد فكرًا، ثم يتحول إلى سلوك عدوانى دموي، والكارثة تبدأ دائماً من الخلط المتعمد بين الدين والسياسة، لذا فإن مواجهة الأحزاب الدينية أصبحت واجبا مقدسًا، ليس لأسباب تتعلق بالحفاظ على العقيدة الإسلامية الصحيحة فحسب، بل أيضاً لأن وجود مثل هذه القوى – المخالفة لما ينص عليه الدستور المصرى – يعنى تغذية التنظيمات الإرهابية بمزيد من العناصر البشرية المخدوعة المضللة، ما يتيح لها أن تسفك المزيد من دماء الأبرياء.
الفساد - بدوره - لا يقل أهمية عن الإرهاب والقدرة على التدمير، وقد برهنت الأحداث الأخيرة على أن تركة الفساد الثقيلة تحتاج نضالاً لا يتوقف، ومقاومة لا تكل، وصراعاً طويلاً يعي -من خلاله- الفاسدون أن بقاءهم مستحيل فى ظل إرادة سياسية جادة فى الانتصار لقيم الشرف والنزاهة وقدسية المال العام.
ويبقى استخدام المال الحرام فى السياسة ومحاولات شراء البرلمان القادم كخطوة ضمن مؤامرة كبرى على مصر، خيوطها عنكبوتية ممتدة ومتشبعة فى أماكن عديدة، تركة ثقيلة تحتاج من الحكومة الجديدة من الجهد والوقت الكثير.
المعركة مستمرة ولم تنته بعد، ولابد من استمرار الحرب ضد استخدام الدين فى السياسة، والمال الحرام فى العمل العام، لن يرسم مستقبل بلادنا من يريدون تقطيع أوصالها أو بيعها بثمن بخس، وهى معركة صعبة تحتاج من كل مصرى مخلص أن يبذل الغالى والنفيس فى مواجهتها والتصدى لها.
قنابل ضد الفساد والمال الحرام
تركة الفساد الثقيلة تحتاج نضالاً لا يتوقف، ومقاومة لا تكل، وصراعًا طويلاً يعي من خلاله الفاسدون أن بقاءهم مستحيل، استخدام المال الحرام فى السياسة ومحاولات شراء البرلمان المقبل كخطوة ضمن مؤامرة كبرى على مصر، لابد من استمرار الحرب ضد استخدام الدين فى السياسة، والمال الحرام فى العمل العام.
مصر تخوض حربًا ضد تجار الدين فى انتخابات البرلمان
لقد كنت، وما زلت، على يقين لا يطوله الشك بوصولنا إلى مستقبل أفضل، ولا يغادرنى التفاؤل بقدرة مصر على تجاوز أزماتها والتحديات التى تواجهها، ولا شك أن الأخطر من هذه التحديات، والذى يواجه بالطبع الحكومة الجديدة، يتمثل فى مثلث من التحديات متكامل الأضلاع: الإرهاب، والفساد، واستخدام المال الحرام فى السياسة.
واهتمت جهات كثيرة معنية من وسائل إعلام محلية وأجنبية ومنظمات مجتمع مدنى، ولجان نيابية متخصصة وجهات تحقيق وبعض دوائر صناعة القرار، بكل ما كتب وسجل عما جرى من جرائم بحق الأقباط.
خاض عبدالرحيم على معارك صحفية وفكرية كبيرة.. دفاعا عن صحيح الإسلام متصديا لمحاولات التطرف البغيض «لخطف الإسلام»، ونال الأزهر الشريف ودوره فى الدفاع عن الإسلام الوسطى المعتدل اهتمامًا خاصا منه، وهو ما كان محل تقدير واحترام من مشيخة الأزهر، وخاصة الراحل الكريم الدكتور محمد طنطاوى شيخ الأزهر السابق، وفضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الحالى، وكتب وحاضر عن الإسلام وحرية الرأى والإسلام والأقباط والإسلام والمرأة، الإسلام والديمقراطية .. الإسلام والفن والثقافة .. كاشفا براءة الدين الحنيف من أفكار التطرف والعنف والإرهاب والكراهية.
وقف مدافعًا عن ثورة الشعب المصرى فى 25 يناير 2011، محذرا من مخطط جماعة الإخوان من الاستيلاء والهيمنة على مقدرات الوطن، كاشفا زيف مشروعهم السياسى وبؤسه، والدور التخريبى الإجرامى للجماعة فيما حدث عقب 25 يناير، وكشف مبكراً حقيقة المعزول «مرسى» وجماعته، متهمًا «مرسى» –وهو على مقعد الرئاسة- بالتآمر والعمالة والتجسس، وكان عبدالرحيم علي، أول من قالها، وبأمر رئاسى تمت إحالته للنائب العام، وخضع للتحقيق لمدة 9 ساعات متواصلة، ولم يتراجع عن موقفه مؤكدًا أنه بالفعل – وبالمستندات والوقائع – يتهم «المعزول» بالخيانة العظمى ويطالب بمحاكمته، وأطلق سراحه من مكتب النائب العام، ليقف على منصات ميدان التحرير ليعلنها بوضوح.. أن حكم الإخوان إلى زوال وأن الثورة ستطيح بهم وأن الموعد قريب.. قريب.. وكانت ثورة 30 يونيو، وكان عبدالرحيم فى قلب الميدان مع ملايين الشعب المصرى، لم يتوقف أمام تهديدات قادة الإخوان الصريحة، ونصائح البعض أن يترك مصر حتى تهدأ الأحوال، ظل يكتب ويخطب فى الميادين ويعلن على شاشات الفضائيات أنه يثق فى عظمة الشعب المصرى، وأن «مرسى» وجماعته راحلون -وقد كان- ويقف المعزول الآن أمام القضاء ليحاكم على جرائمه التى كان عبدالرحيم على فى طليعة من سلط الضوء عليها وكشف مخاطرها على حاضر ومستقبل مصر..
تمر مصر بمرحلة خطيرة من تاريخها المجيد، مرحلة كُتب علينا فيها أن نواجه كل معارك الشر فى توقيت واحد.
الإرهاب مدعوما بخطط دولية لتقسيم بلادنا وتفتيت قوتنا، والفساد مدعوما بحلف معدومى الضمائر وبائعى الأوطان وسارقى قوت الشعب.
معارك مصيرية حاسمة تخوضها مصر دفاعًا عن حاضر ومستقبل أبنائها.
فى هذه الأجواء يأتى الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، التى صاغها المصريون وتوافقوا عليها بعد ثورة 30 يونيو، ألا وهو «الانتخابات البرلمانية»، التى انطلقت مراحلها التحضيرية منذ أيام. هكذا توجب علينا نحن المصريين أن نخوض، فى توقيت واحد، معركة «حق الشهيد» ضد الإرهاب جنبا إلى جنب معركة حق الفقير فى مواجهة الفساد، جنبا إلى جنب معركة «حق الوطن» فى بناء دولة المؤسسات.. دولة الديمقراطية والحرية والعدل الاجتماعى والمساواة.
إن معركة تشكيل البرلمان لا تقل أهمية وخطورة عن معارك مواجهة الإرهاب والفساد، إنها معركة استكمال بناء الوطن وتحرير إرادته، لذلك فهى تستدعى منا جميعًا (مرشحين وناخبين) اليقظة والمسئولية والحرص.
علينا أن نتجاوز «الكمين» الذى نصبه البعض من أعضاء لجنة الدستور، بقصد ونية مبيتة، فى محاولة منهم للصيد فى الماء العكر، وذلك بإصرارهم على وضع مادة دستورية تقتسم السلطة بين البرلمان ومؤسسة الرئاسة، وتحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، ضاربين بذلك عرض الحائط، بتجارب دول وشعوب العالم فى أعقاب الثورات الكبرى.
هذا الوضع «اقتسام السلطة» ينذر بالصراع والمواجهات الحادة ويهدد بناء الدولة، ويضعها على شفير الانهيار والفوضى، لا قدر الله، إذا لم نحسن الاختيار.
ومن هنا تأتى الأهمية «الاستثنائية» لمعركة البرلمان القادم، وضرورة الوعى والحذر فى اختيار نوابه، ونحن إذ نواصل ونعيد التأكيد على المخاطر والأضرار التى تلحق بالوطن ومستقبله من إصرار البعض على خلط الدين بالسياسة، لتحقيق مطامع ومخططات قوى وجماعات مستترة بالدين، هى أبعد ما تكون فى الواقع والحقيقة عن صحيح الدين ونبل غاياته.. نحذر بنفس القوة والمنهج وعلى نفس المستوى، من خلط المال بالسياسة، وما يجره على الوطن من مخاطر وأضرار خاصة، والشواهد تؤكد بجلاء سعى البعض من رجال المال السياسى الحرام، لتنفيذ مخططات ومطامع تهدف للسيطرة على النصيب الأكبر وحصة الأسد من تشكيلة البرلمان القادم لسلب الإرادة الوطنية وتحجيم قدرتنا على اتخاذ القرار الصحيح لصالح أوطاننا.
لقد أعلنها الشعب المصرى من قبل، مدوية فى كل ميادين مصر «لا لحكم المرشد»، والآن يسعى البعض لتكرار التجربة، يسعون لاختطاف مصر وإعادة إنتاج نسخة جديدة من مشروع «دولة الإخوان» التى لفظها الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو المجيدة.
إنها المؤامرة فاحذروها، علينا أن نضع نصب أعيننا ونحن نخوض معركة اختيار نواب البرلمان القادم تلك المخططات التى يدبرها ويروج لها المتاجرون بالأديان والمتاجرون بالأموال للهيمنة على مستقبل مصر ومستقبل أبنائنا.
ونعاهدكم أن نكون، من الآن، وكما كنا من قبل، صوت الحق.. صوت الوطن.. المصباح والدليل، فى خضم تلك الغيوم المتراكمة أمام أعينكم وأعيننا، لا نساوم على الوطن ولو كان الثمن حياتنا، وكما خضنا وما زلنا نخوض، مع كل شرفاء هذا الوطن، معارك الإرهاب الأسود والفساد المستشرى والمعتدين على حرمات البلاد.. نخوض معكم معركة البرلمان القادم.. من أجل انتخابات حرة نزيهة تأتى برجال شرفاء، وطنيين، يقودون مسيرة بناء دولة المؤسسات جنبًا إلى جنب مع إخوتنا فى القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء. يدا واحدة، كما كنا دائما، من أجل إرساء وبناء دولة العدل والإخاء والمساواة والحرية.
C.V
■ ولد في 25/ 3/ 1963
■ كاتب صحفى (عضو نقابة الصحفيين المصريين).
■ باحث متخصص فى شئون الحركات الإسلامية.
■ رئيس مجلس إدارة المركز العربى للصحافة.
■ رئيس تحرير جريدة «البوابة».
■ رئيس تحرير موقع «البوابة نيوز».
■ يكتب فى العديد من الصحف المصرية والعربية والأجنبية.
■ شارك فى الكثير من المؤتمرات العلمية المتخصصة والندوات داخل مصر وخارجها.
■ شارك فى كتابة أفلام تسجيلية ووثائقية عن حركات الإسلام السياسى وتاريخ الحركة الوطنية المصرية.
■ صاحب فكرة وإعداد ومقدم البرنامج الأشهر على شاشات الفضائيات «الصندوق الأسود»، والذى حقق أعلى نسبة مشاهدة وقت عرضه، وساهم فى كشف حقائق وأسرار خطيرة عن قوى وشخصيات بارزة، لعبت أدوارًا مشبوهة، وفى غير صالح ثورة الشعب المصرى وأهدافها.
نخوض معكم معركة البرلمان القادم.. من أجل انتخابات حرة نزيهة تأتى برجال شرفاء، وطنيين يقودون مسيرة بناء دولة المؤسسات جنبًا إلى جنب مع إخوتنا فى القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء يدًا واحدة كما كنا دائما من أجل إرساء وبناء دولة العدل والإخاء والمساواة والحرية.
هوامش عن المعركة ضد «أصحاب اللحى»
ضد «تجار الدين».. لسنا «كفار قريش» وليسوا «أصحاب النبى».
إن التيار السلفى عمومًا وكوادر وقيادات حزب النور وسلفية الإسكندرية على وجه الخصوص، لم يعترفوا يومًا بشرعية العمل السياسى قبل ثورة 25 يناير 2011، فقد كانوا يرون أن الديمقراطية كفر، وأن ما يستند إليه السياسيون فى العمل السياسى من نظم حكم بعيد كل البعد عن الشريعة الإسلامية فى وجهها الصحيح.
وما أن اندلعت ثورة 25 يناير 2011، حتى انبرى السلفيون يصفونها بهبشات الأسواق، أى مشاجرات الأفراح، حيث لا يعرف أحد من قتل ومن لم يقتل، وتتوه الحقوق.
لم يعترف السلفيون أبدًا بالثورة ولم يشاركوا فيها خوفا من بطش نظام مبارك إذا ما فشل الثوار فى الإطاحة به.
ولكن سرعان ما اندفعت «سلفية الإسكندرية» إلى المشاركة السياسية بعد نجاح الثورة فى الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وقاموا بتأسيس «حزب النور».
وخطا الحزب بخطوات واسعة، فكان ضمن أسرع الأحزاب من حيث إجراءات التأسيس، بعد الثورة، إذ لم يسبقه فى الحصول على التوكيلات المطلوبة فى كل المحافظات، ثم موافقة لجنة شئون الأحزاب، إلا حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية.
قبل الاستفتاء على تعديلات الدستور فى 19 مارس 2011 كان هناك استقطاب حاد فى الشارع المصرى حول تلك التعديلات، قام الإخوان والسلفيون بتحويله إلى معركة دينية، واختيار ما بين الجنة والنار.
وعقب ظهور النتيجة لصالح «نعم» قام الداعية السلفى محمد حسين يعقوب بوصف الاستفتاء على التعديلات الدستورية بأنه «غزوة الصناديق»، مؤكداً ما سماه «انتصار الدين» فيها.
وقال يعقوب، فى مقطع فيديو نشره موقعه الرسمى فى كلمة ألقاها بمسجد «الهدى» بإمبابة: «كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز، واليوم نقول بيننا وبينكم الصناديق، وقد قالت الصناديق للدين (نعم)»، داعيا الحضور إلى ترديد تكبيرات العيد احتفالاً بموافقة ٧٧٪ من الناخبين على التعديلات.
وقال يعقوب: «الدين هيدخل فى كل حاجة، مش دى الديمقراطية بتاعتكم، الشعب قال نعم للدين، واللى يقول البلد ما نعرفش نعيش فيها أنت حر، ألف سلامة، عندهم تأشيرات كندا وأمريكا».
واعتبر الداعية السلفى أن «القضية ليست قضية دستور»، موضحا «انقسم الناس إلى فسطاطين، فسطاط دين فيه كل أهل الدين والمشايخ، كل أهل الدين بلا استثناء كانوا بيقولوا نعم، الإخوان والتبليغ والجمعية الشرعية وأنصار السنة والسلفيون، وقصادهم من الناحية التانية (ناس تانية)»، وقال: «شكلك وحش لو ما كنتش فى الناحية اللى فيها المشايخ».
وأكد يعقوب أنه لا يطمح للقيام بدور سياسى قائلاً: «إحنا مش سياسيين ولا عايزين منها حاجة، ووعد أقطعه أمام الله لن أنضم لحزب ولا أترشح لأى حاجة فى الدنيا»، واختتم كلمته قائلاً للمصلين من أنصاره: «ما تخافوش خلاص البلد بلدنا».
نعم قالها السلفيون يومها: اللى مش عاجبه ياخد شنطته ويتكل على الله، أرض الله واسعة، حاولوا طردنا من وطننا لمجرد أنهم فازوا بجولة فى المعركة.
وعندما استشعروا يوما بتحركات للقوى المدنية لوضع ما سمى وقتها «مبادئ فوق دستورية لحماية الدولة المدنية فى مصر من عبث السلفيين والإخوان»، الذى ظهر لاحقًا وتصدى له الشعب المصرى عن بكرة أبيه فى الثلاثين من يونيو 2013، خرجوا يرهبوننا فى جمعة قندهار الشهيرة.
فى التاسع والعشرين من يوليو 2011 تم الاتفاق بين الإخوان المسلمين على الحشد لمليونية تحت عنوان «جمعة الإرادة الشعبية وتوحيد الصف» وشاركهم فى الحشد «حزب النور».
تعددت المنصات فى هذا اليوم «5 منصات على الأقل»، كان أكبرها من حيث الحجم منصة «الإخوان المسلمين» مع حضور طاغ للإسلاميين أغلبهم من التيار السلفى، والذى قام بحشد أنصاره من كافة محافظات الجمهورية بدعوات مثبتة وموثقة بتنظيمهم رحلات إلى التحرير تحت رعاية «حزب النور» والعديد من مشايخ السلفية، وعلى رأسهم الشيخ حسان، والتف أغلبهم حول منصة «الحزب» الممثل الرسمى للسلفيين آنذاك.
وارتفع علم القاعدة فى ذلك اليوم لأول مرة على الأرض المصرية، وهتف المتظاهرون «صور صور يا أوباما كلنا هنا أسامة»، فى إشارة إلى أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة.
وفى محاولة لتحييد القوات المسلحة وإبعادها عن الصراع، بشكل مؤقت، هتف المتظاهرون للمشير طنطاوى «يا مشير يا مشير.. ألف تحية من التحرير».
ولم ننسَ بالطبع واقعة الأذان فى البرلمان، ففى سابقة هى الأولى من نوعها داخل جلسات مجلس الشعب، رفع المحامى ممدوح إسماعيل، عضو مجلس الشعب المصرى عن التيار السلفى، أذان العصر داخل وأثناء سير الجلسة، وسط دهشة من الجميع، بمن فيهم أعضاء الإخوان أنفسهم.
ولم تقف نوادر السلفيين عند هذا الحد، فقد رفض خمسة من أعضاء الجمعية التأسيسية الأولى لكتابة الدستور، ينتمون لحزب النور، الوقوف تحية خلال عزف موسيقى السلام الوطنى احتفالا بانتهاء أعمال اللجنة، كان من بين هؤلاء نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، ياسر برهامي، ورئيس الحزب حاليا يونس مخيون، وأمين سر اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل محمد إبراهيم منصور، والمتحدث الرسمى باسم الهيئة البرلمانية للحزب أحمد خليل.
فى ديسمبر 2011، قال ياسر برهامى، الأب الروحى لحزب النور، وصاحب اليد الطولى فى الدعوة السلفية بالإسكندرية: «إنه لا يجوز للمسيحى الترشح للانتخابات البرلمانية لأنها سلطة تشريعية ورقابية، ولأن هذا سيمكنه من عزل رئيس الدولة ومحاسبة الحكومة»، مشددًا على أنه «لا يحل للكافر أن يتولاها»، فى إشارة للمسيحيين.
وعن المرأة، حدث ولا حرج، فقد رفضوا ليس فقط ترشحها بل خروجها من المنزل بالأساس، حتى جعلونا فى مناظرة مشهورة بتليفزيون أوربت نقول لهم: لقد حررتكم المرأة عندما خرجت فى 25 يناير من قمع وبطش مبارك وجعلتكم تكونون أحزابا وتصعدون للمنابر وتجوبون الفضائيات ليل نهار، أفبعد ذلك تكون مكافأتها الجلوس فى المنزل؟!
هذا هو جحيم السلفيين الذي يحاولون عبر التقية أن يرجعوكم إليه، فيعترفون باللسان بحق المرأة فى الترشح بل ويرشحون نساءً على قوائمهم، وحق القبطى ويجلبون أقباطًا للترشح على قوائمهم، فهذا فقه الضعف، وتلك هى الضرورات التى تبيح المحظورات فى فقههم وفهمهم المغلوط للدين، إنهم يلتفون عليكم ليغدروا بكم وبمكتسباتكم، فلا تمكنوهم، وإذا لقيتموهم فى لجان الانتخابات فلا تصوتوا لهم فهم أذى لكم ولوطنكم.
لقد كنت، وما زلت، على يقين لا يطوله الشك بوصولنا إلى مستقبل أفضل، ولا يغادرنى التفاؤل بقدرة مصر على تجاوز أزماتها والتحديات التى تواجهها، ولا شك أن الأخطر من هذه التحديات، والذى يواجه بالطبع الحكومة الجديدة، يتمثل فى مثلث من التحديات متكامل الأضلاع: الإرهاب، والفساد، واستخدام المال الحرام فى السياسة.
الإرهاب، يولد فكرًا، ثم يتحول إلى سلوك عدوانى دموي، والكارثة تبدأ دائماً من الخلط المتعمد بين الدين والسياسة، لذا فإن مواجهة الأحزاب الدينية أصبحت واجبا مقدسًا، ليس لأسباب تتعلق بالحفاظ على العقيدة الإسلامية الصحيحة فحسب، بل أيضاً لأن وجود مثل هذه القوى – المخالفة لما ينص عليه الدستور المصرى – يعنى تغذية التنظيمات الإرهابية بمزيد من العناصر البشرية المخدوعة المضللة، ما يتيح لها أن تسفك المزيد من دماء الأبرياء.
الفساد - بدوره - لا يقل أهمية عن الإرهاب والقدرة على التدمير، وقد برهنت الأحداث الأخيرة على أن تركة الفساد الثقيلة تحتاج نضالاً لا يتوقف، ومقاومة لا تكل، وصراعاً طويلاً يعي -من خلاله- الفاسدون أن بقاءهم مستحيل فى ظل إرادة سياسية جادة فى الانتصار لقيم الشرف والنزاهة وقدسية المال العام.
ويبقى استخدام المال الحرام فى السياسة ومحاولات شراء البرلمان القادم كخطوة ضمن مؤامرة كبرى على مصر، خيوطها عنكبوتية ممتدة ومتشبعة فى أماكن عديدة، تركة ثقيلة تحتاج من الحكومة الجديدة من الجهد والوقت الكثير.
المعركة مستمرة ولم تنته بعد، ولابد من استمرار الحرب ضد استخدام الدين فى السياسة، والمال الحرام فى العمل العام، لن يرسم مستقبل بلادنا من يريدون تقطيع أوصالها أو بيعها بثمن بخس، وهى معركة صعبة تحتاج من كل مصرى مخلص أن يبذل الغالى والنفيس فى مواجهتها والتصدى لها.
قنابل ضد الفساد والمال الحرام
تركة الفساد الثقيلة تحتاج نضالاً لا يتوقف، ومقاومة لا تكل، وصراعًا طويلاً يعي من خلاله الفاسدون أن بقاءهم مستحيل، استخدام المال الحرام فى السياسة ومحاولات شراء البرلمان المقبل كخطوة ضمن مؤامرة كبرى على مصر، لابد من استمرار الحرب ضد استخدام الدين فى السياسة، والمال الحرام فى العمل العام.
مصر تخوض حربًا ضد تجار الدين فى انتخابات البرلمان
لقد كنت، وما زلت، على يقين لا يطوله الشك بوصولنا إلى مستقبل أفضل، ولا يغادرنى التفاؤل بقدرة مصر على تجاوز أزماتها والتحديات التى تواجهها، ولا شك أن الأخطر من هذه التحديات، والذى يواجه بالطبع الحكومة الجديدة، يتمثل فى مثلث من التحديات متكامل الأضلاع: الإرهاب، والفساد، واستخدام المال الحرام فى السياسة.