نواصل مطالعتنا لكتاب «العلمانية والعلاقة بين الدين والسياسة»، ليضعنا المؤلف فى أكثر من مأزق بأسئلة لا يمكن الإجابة عنها بإجابة غير تلك المليئة بالحسرة والخوف من مستقبل يتردى بنا إلى هاوية أكثر تخلفا، وكأن هناك تخلفا أكثر مما نحن فيه.
وينتقل بنا إلى مطالعة لأفكار د. فؤاد زكريا التى يتحدث فيها عن العقلية العربية التى تتهم العلم بالقصور، مستخدمة تجدد المعارف العلمية وتجاوزها لكثير مما كان مقبولا كحقيقة، لينتقل إلى فتح علمى جديد نحو حقيقة جديدة، ويقول «ثمة انتقاد يشيع توجيهه فى بلادنا الشرقية إلى العلم، وهو انتقاد يستغل تطور العلم، ليتهم المعرفة العلمية والعقل العلمى بالنقصان، ومن ثم فإنهم يفتحون الباب أمام أنواع أخرى من التفسيرات الخارجة عن نطاق العلم والمعادية له.
والواقع أن ذلك الفهم يفترض أن العلم الكامل ثابت، وهو ما يعنى موت العلم ذاته، ويفتح الباب أمام العودة إلى الوراء، وتقديس أفكار وتفسيرات عفا عليها الزمن وأصبحت خارج نطاق العقل.
وكما يتصرفون مع العلم يأتون إلى العقل، فيبدأون بمقدمة صحيحة، وهى أن العقل ما زال عاجزا عن كشف كثير من أسرار الكون، وأن هناك مشكلات كثيرة يعجز العقل عن حلها، ثم ينتهون إلى مقولة خاطئة وباطلة، وهى أن العقل بطبيعته عاجز وسيظل إلى الأبد قاصرًا، ومن ثم فلا بد من الاعتماد على قوة أخرى»(ص٤٣).
وهنا تكون القصص والحكايات الخرافية والمعجزات الخالية من أية قدرة علمية أو عقلية هى أساس التفكير بما يسمح باقتياد الإنسان إلى دهاليز الماضى الملىء بالخرافة، فيبقى الإنسان مقيدًا بأغلال اللاعقل واللامعقول.
ويقول: «وأخطر ما فى الأمر أن الذى يتصدى للتفسير أو التطبيق، سواء كان رجل دين أو كان حاكما تستند سلطته إلى أساس دينى يضفى على نفسه قدرا من القداسة التى تتسم بها النصوص الدينية، ويقدم أوامره أو فتاواه بوصفها تعبيرا عن رأى الدين ذاته وليس عن فهمه هو للدين، ومن ثم فإنه يصف معارضيه بأنهم أعداء الدين وليس أعداء لفهمه الشخصى، وبهذا فإنهم يغلقون عقولهم وعقول أتباعهم عن الفهم لحقيقة أن الحكم تجربة بشرية قد تصيب وقد تخطئ».
لكننا لا نملك أن نختتم حديثنا عن كتاب طلعت رضوان دون أن نتوقف أمام حديثه عن محنة الليبرالية على يدى المثقف المصرى، خصوصا إذا أغواه المنصب أو كرسى الحكم، ويقول «ولو أخذنا الزعيم سعد زغلول نموذجا، لعرفنا كم تقضى السياسة على علمنة الدولة وعلى محاولات إقامة دولة عصرية ليبرالية السياسة، علمانية الفكر، فرغم أن سعدًا قال فى افتتاح الجامعة الأهلية (إن الجامعة ليس لها دين سوى العلم. ورغم أنه رد على الأزهريين عندما طالبوا بقطع المعونة المالية عنها، لأنها أخرجت ملحدًا مثل طه حسين، قائلا: إن فعلنا ذلك فلنقطع المعونة عن الأزهر، لأن طه حسين تخرج فيه أيضًا.
رغم ذلك نجده وبعد أن أصبح بطلا شعبيا تراجع كثيرا وأصبح معاديا للديمقراطية، ومارس الديكتاتورية على أعضاء الحزب مثل منعه لجنة الوفد المركزية للسيدات من حضور افتتاح برلمان ٢٤، فى حين وجه الدعوة إلى سيدات أجنبيات، الأمر الذى دفعهن إلى أن يرسلن إليه بيان احتجاج شديد اللهجة، وفرض أوامر ديكتاتورية تلزم أعضاء الوفد بعدم قراءة جريدة السياسة "الأحرار الدستوريين"، وسعد هو الذى أصدر قرار حل الحزب الشيوعى، وهو الذى أدان كتاب الإسلام وأصول الحكم، وكتاب طه حسين فى الشعر الجاهلى، وقال عن طه حسين "هبوه مجنونا يهرف القول".. ويبقى أن نوجه تحية خالصة إلى الكتاب وصاحبه.
وينتقل بنا إلى مطالعة لأفكار د. فؤاد زكريا التى يتحدث فيها عن العقلية العربية التى تتهم العلم بالقصور، مستخدمة تجدد المعارف العلمية وتجاوزها لكثير مما كان مقبولا كحقيقة، لينتقل إلى فتح علمى جديد نحو حقيقة جديدة، ويقول «ثمة انتقاد يشيع توجيهه فى بلادنا الشرقية إلى العلم، وهو انتقاد يستغل تطور العلم، ليتهم المعرفة العلمية والعقل العلمى بالنقصان، ومن ثم فإنهم يفتحون الباب أمام أنواع أخرى من التفسيرات الخارجة عن نطاق العلم والمعادية له.
والواقع أن ذلك الفهم يفترض أن العلم الكامل ثابت، وهو ما يعنى موت العلم ذاته، ويفتح الباب أمام العودة إلى الوراء، وتقديس أفكار وتفسيرات عفا عليها الزمن وأصبحت خارج نطاق العقل.
وكما يتصرفون مع العلم يأتون إلى العقل، فيبدأون بمقدمة صحيحة، وهى أن العقل ما زال عاجزا عن كشف كثير من أسرار الكون، وأن هناك مشكلات كثيرة يعجز العقل عن حلها، ثم ينتهون إلى مقولة خاطئة وباطلة، وهى أن العقل بطبيعته عاجز وسيظل إلى الأبد قاصرًا، ومن ثم فلا بد من الاعتماد على قوة أخرى»(ص٤٣).
وهنا تكون القصص والحكايات الخرافية والمعجزات الخالية من أية قدرة علمية أو عقلية هى أساس التفكير بما يسمح باقتياد الإنسان إلى دهاليز الماضى الملىء بالخرافة، فيبقى الإنسان مقيدًا بأغلال اللاعقل واللامعقول.
ويقول: «وأخطر ما فى الأمر أن الذى يتصدى للتفسير أو التطبيق، سواء كان رجل دين أو كان حاكما تستند سلطته إلى أساس دينى يضفى على نفسه قدرا من القداسة التى تتسم بها النصوص الدينية، ويقدم أوامره أو فتاواه بوصفها تعبيرا عن رأى الدين ذاته وليس عن فهمه هو للدين، ومن ثم فإنه يصف معارضيه بأنهم أعداء الدين وليس أعداء لفهمه الشخصى، وبهذا فإنهم يغلقون عقولهم وعقول أتباعهم عن الفهم لحقيقة أن الحكم تجربة بشرية قد تصيب وقد تخطئ».
لكننا لا نملك أن نختتم حديثنا عن كتاب طلعت رضوان دون أن نتوقف أمام حديثه عن محنة الليبرالية على يدى المثقف المصرى، خصوصا إذا أغواه المنصب أو كرسى الحكم، ويقول «ولو أخذنا الزعيم سعد زغلول نموذجا، لعرفنا كم تقضى السياسة على علمنة الدولة وعلى محاولات إقامة دولة عصرية ليبرالية السياسة، علمانية الفكر، فرغم أن سعدًا قال فى افتتاح الجامعة الأهلية (إن الجامعة ليس لها دين سوى العلم. ورغم أنه رد على الأزهريين عندما طالبوا بقطع المعونة المالية عنها، لأنها أخرجت ملحدًا مثل طه حسين، قائلا: إن فعلنا ذلك فلنقطع المعونة عن الأزهر، لأن طه حسين تخرج فيه أيضًا.
رغم ذلك نجده وبعد أن أصبح بطلا شعبيا تراجع كثيرا وأصبح معاديا للديمقراطية، ومارس الديكتاتورية على أعضاء الحزب مثل منعه لجنة الوفد المركزية للسيدات من حضور افتتاح برلمان ٢٤، فى حين وجه الدعوة إلى سيدات أجنبيات، الأمر الذى دفعهن إلى أن يرسلن إليه بيان احتجاج شديد اللهجة، وفرض أوامر ديكتاتورية تلزم أعضاء الوفد بعدم قراءة جريدة السياسة "الأحرار الدستوريين"، وسعد هو الذى أصدر قرار حل الحزب الشيوعى، وهو الذى أدان كتاب الإسلام وأصول الحكم، وكتاب طه حسين فى الشعر الجاهلى، وقال عن طه حسين "هبوه مجنونا يهرف القول".. ويبقى أن نوجه تحية خالصة إلى الكتاب وصاحبه.