ظهر التشكيل الوزاري حاملًا الكثير من التفاؤل وطاقات الأمل فى التطهير من الفساد والمفسدين، وكان من مفاجأته تولى الدكتور أحمد زكى بدر وزارة «التنمية المحلية» وهو اختيار غاية فى التوفيق فكارثة المحليات تحتاج رجلًا شديد القوة والحزم والحسم، والقسوة إذا لزم الأمر، وهو خير من يقوم بهذا الدور..
كما أسعد الكثيرين إعادة تكليف الدكتور ممدوح الدماطى بحقيبة الآثار رغم تعرضه لحملة إعلامية ضارية منذ وقوفه أمام الإعلامية الأفعى وإحراجها على الهواء، وهو سبق لم يستطع غيره أن يفعله، وبالتالى يشير اختياره إلى أن الدولة لم تعد تخضع لابتزاز بعض الإعلاميين ومحاولاتهم للإطاحة بالوزراء وتحديد مصائرهم، لذا فتهنئتى له قبل الوزارة على انتصاره على الأفعى ومن ورائها.
كذلك إعادة تكليف المستشار أحمد الزند بعد تعرضه لحملة ممنهجة بالشائعات التى حاولت تشويهه وغيره من الوزراء، واتضح أنها ادعاءات باطلة تهدف النيل من هيبة الدولة والتشكيك فيها.. كذلك جاءت وجوه الوزيرات تبعث على التفاؤل.
أما أكثر الاختيارات التى أسعدتنى فكان اختيار الأستاذ حلمى النمنم كوزير للثقافة، وذلك بعد أن انتشرت الشائعات عن أسماء بعض المرشحين - من ضمنهم قيادات حالية تعد الأكثر فسادًا فى تاريخ الوزارة - ولا أعلم من رشحهم، وكيف إذا كانت كل الأسماء التى طرحت قد أنكرت تلقيها أى اتصال من رئيس الحكومة!! فعلى أى أساس انتشرت هذه الشائعات؟!..ولكن تيقنت بعد التشكيل أن الدولة استعادت توازنها، فقد تميز اختيار أ. حلمى بالذكاء لأن أصحاب الأبواق من المثقفين الذين يحاولون إجبار الدولة على اختياراتهم التى تتواءم مع مصالحهم لن يستطيعوا ادعاء أنه ليس من المثقفين، فهو وجه معروف وله حوالى ٢٠ كتابا ومئات المقالات، كما لن يمكنهم ادعاء الأخونة، فقد عرف عنه هجومه على الحركات الوهابية والجماعات الإرهابية وعلى رأسها «الإخوان»، لذلك كسر حائط الصد الذى يقفون خلفه ليحميهم وهو وسائل الإعلام التى لن تقف معهم ضد حلمى النمنم، بل على العكس رحبوا بتوليته لأنه واحد منهم.. وما يسعد الحالمين بالتغيير والتطهير أنه رجل قوى حاسم لا يعرف لغة اللوع أو المواءمات، وبعيدًا عن أجواء الشللية، ويعلم جيدًا مواطن الضعف والقوة فى الوزارة، ويعلم الفاسدين جماعات وفرادى بتاريخه الصحفى والفترة التى قضاها بالوزارة.. لن يستطيع المشككون أن ينالوا من الرجل، فتاريخه ناصع البياض وآراؤه واضحة لا تقبل التقويل والتكهن، يتميز فى طرح آرائه بالاحترام المفرط، لم يضبط ولو مرة واحدة متورطًا فى الخروج عن القيم والعادات والتقاليد.. ورغم ذلك تعرض لحملة شرسة بمجرد ظهور اسمه ضمن الترشيحات من خلال المواقع الإلكترونية المجهلة التى تحمل اسم الوزارة أو مؤسساتها، والتى تقوم على تشويه البعض لصالح بعض قيادات الوزارة، والطريف نشرهم لبيان بعنوان: «لا لاختيار أ. حلمى النمنم وزيرًا للثقافة» ويزعمون أنه من الكُتّاب والمبدعين والمثقفين والفنانين والمهتمين بالشأن الثقافى، ثم كتبوا أسفله ملحوظة: أن الإعجاب أو المشاركة تعنى الموافقة.. ولكن المفاجأة أن الإعجاب كان من ثمانية أشخاص فقط، وهو ما يدلل على أن كل من يتحدثون عن مواقف المثقفين لا يعبرون سوى عن أنفسهم، ولعلهم يعرفون أحجامهم الحقيقية قبل أن يتحدثوا نيابة عن مثقفى مصر!!..وأتمنى من وزير الثقافة فتح ملفات هذه المواقع المجهلة والتى ضبط أحد مؤسسيها منذ أسابيع قليلة واتضح أنه موظف صغير بالأوبرا «محمد منير المعداوى»، والذى تحول بعد تولى د.إيناس عبد الدايم إلى أحد كبار الموظفين، وتولى منصب مستشارها الإعلامى وتم اختلاق درجة وظيفية جديدة من أجله، وهى مدير عام المعلومات والإحصاء، وأصبح هو الشخص الذى يليها فى الأهمية مباشرة، وقد قبضت عليه مباحث الإنترنت بعد إذن النيابة وخرج بكفالة، وما زالت القضية قائمة، ونشرت الصحف أن رئيسة الأوبرا توسطت من أجل الإفراج عنه، بدلًا من أن تتخذ إجراءً ضده!!..ولذلك أتمنى من الأستاذ حلمى أن يترك الحلم على باب الوزارة فلن نحتمل مزيدًا من المواءمات والطبطبة على كتف قيادات الوزارة، وأذكره بقول سيادة الرئيس أنه لن يسمح بأى فساد مالى أو إدارى.. كما أتمنى من الوزير أن يبدأ التغيير من مكتبه قبل أى شىء آخر فلا يجب أن يسلم إدارة المكتب لمن سبق لهم العمل مع من سبقوه، وهو خطأ متكرر فى مكتب الوزير، فلابد أن يكون العاملون فيه موثوقًا فى إخلاصهم لوزيرهم.. وبلا مواربة كانت أوراق مكتب الوزير وتعليماته تخرج من الوزارة فور التفوه بها، وهو ما يجب التوقف عنه.. كذلك على الوزير ألا يخشى أصحاب الأبواق فهم قلة قليلة، فعليه حسم الأمور المعلقة وأن يهتم بما يرد إليه من وقائع فساد ولا يكتفى بتحويلها إلى مستشار قانونى يضج مكتبه بالأوراق والوقائع فنفقد الأمل من طول الأمد، كما أتمنى أن يستفيد من الأخطاء السابقة، فعليه أن يكون لديه مكتب إعلامى قوى ومتحدث إعلامى لبق وحاسم يرد على كل ما يقال أو يشاع ولا يترك الفرصة ليغتنمها المتربصون.