تمر مصر بمرحلة خطيرة من تاريخها المجيد، مرحلة كتب علينا فيها أن نواجه كل معارك الشر في توقيت واحد.
الإرهاب مدعومًا بخطط دولية لتقسيم بلادنا وتفتيت قوتنا، والفساد مدعومًا بحلف معدومى الضمائر وبائعى الأوطان وسارقى قوت الشعب، وفريقًا من أبناء جلدتنا، يتآمر علينا، مستخدما المال الحرام من أجل شراء أغلبية برلمانية، يستخدمها فيما بعد في تفتيت البلاد وتقزيم دورها، معارك مصيرية حاسمة تخوضها مصر دفاعًا عن حاضر ومستقبل أبنائها، وفى هذه الأجواء يأتى الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، التي صاغها المصريون وتوافقوا عليها بعد ثورة 30 يونيو، ألا وهو «الانتخابات البرلمانية»، التي انطلقت مراحلها التحضيرية منذ أيام، هكذا توجب على الحكومة الجديدة التي يقودها المهندس شريف إسماعيل، ومعها المصريون جميعا أن يخوضوا، في توقيت واحد، معركة «حق الشهيد» ضد الإرهاب جنبًا إلى جنب، معركة حق الفقير في مواجهة الفساد، جنبًا إلى جنب معركة «حق الوطن» في بناء دولة المؤسسات.. دولة الديمقراطية والحرية والعدل والمساواة.
وكما وقفت حكومة المهندس إبراهيم محلب بقوة ضد مؤامرات وسيناريوهات الجماعات والأحزاب المتسترة بالشعارات الدينية، والساعية لاختطاف الوطن وإعادة التمكين لـ«دولة المرشد».
مطلوب من حكومة شريف إسماعيل أن تقف بكل صلابة ضد مؤامرات وسيناريوهات بعض رجال الأعمال الساعين لاختطاف مصر عبر السيطرة على الأغلبية في البرلمان القادم.
مصر في مفترق طرق، ولا ينبغى لوطنى مخلص، خاصة لو كان عضوًا في تلك الحكومة، أن يتقاعس عن القيام بدوره، كل في موقعه حماية لمصر ودفعًا للصائل عن أهلها.
لقد كنت، وما زلت، على يقين لا يطوله الشك بوصولنا إلى مستقبل أفضل، ولا يغادرنى التفاؤل بقدرة مصر على تجاوز أزماتها والتحديات التي تواجهها، ولا شك أن الأخطر من هذه التحديات- والذي يواجه بالطبع الحكومة الجديدة- يتمثل في مثلث من التحديات متكامل الأضلاع: الإرهاب والفساد واستخدام المال الحرام في السياسة.
الإرهاب، يولد فكرًا، ثم يتحول إلى سلوك عدوانى دموى، والكارثة تبدأ دائمًا من الخلط المتعمد بين الدين والسياسة، لذا فإن مواجهة الأحزاب الدينية أصبحت واجبًا مقدسًا، ليس لأسباب تتعلق بالحفاظ على العقيدة الإسلامية الصحيحة فحسب، بل أيضًا لأن وجود مثل هذه القوى- المخالفة لما ينص عليه الدستور المصرى- يعنى تغذية التنظيمات الإرهابية بمزيد من العناصر البشرية المخدوعة المضللة، ما يتيح لها أن تسفك المزيد من دماء الأبرياء.
الفساد- بدوره- لا يقل أهمية عن الإرهاب وقدرة على التدمير، وقد برهنت الأحداث الأخيرة على أن تركة الفساد الثقيلة تحتاج نضالًا لا يتوقف، ومقاومة لا تكل، وصراعًا طويلًا يعى، من خلاله، الفاسدون أن بقاءهم مستحيل في ظل إرادة سياسية جادة في الانتصار لقيم الشرف والنزاهة وقدسية المال العام.
ويبقى استخدام المال الحرام في السياسة ومحاولات شراء البرلمان القادم كخطوة ضمن مؤامرة كبرى على مصر، خيوطها عنكبوتية ممتدة ومتشعبة في أماكن عديدة، تركة ثقيلة تحتاج من الحكومة الجديدة من الجهد والوقت الكثير.
المعركة مستمرة ولم تنته بعد، ولا بد من استمرار الحرب ضد استخدام الدين في السياسة، والمال الحرام في العمل العام، لن يرسم مستقبل بلادنا من يريدون تقطيع أوصالها أو بيعها بثمن بخس، وهى معركة صعبة تحتاج من كل مصرى مخلص أن يبذل الغالى والنفيس في مواجهتها والتصدى لها.
واعتقادى أن الحكومة الجديدة ستكون- إن شاء الله- على قدر وحجم التحديات التي تواجهنا، ونحن خلفها داعمون بالوقت والجهد، بالنصح وتقديم العون، ثم الانتقاد الهادف، لأننا جميعا في مركب واحد ندعو الله ليل نهار، ونسعى لكى ننجو به في غمار هذا البحر الهائج متلاطم الأمواج.