تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لعل ما نشهده من عمليات عنف إرهابي قد ترك بصمته بالفعل على أجيالنا الجديدة، ربما جعلهم أكثر استعداد ً ا للقبول بالعنف سبيلاً وحيدًا لفرض الإرادة وللدفاع عن الذات، ربما جعلهم أكثر نفورًا وأشد شكًا في الآخر، وإذا كنا بصدد مواجهة تلك الآثار، فإن علينا إنجاز مهمتين أساسيتين: التصدي للعنف والإرهاب، واللحاق بركب التحديث، والارتباط بين المهمتين غني عن التفصيل.
ليس أمامنا سوى أن نعد أطفالنا وفق معادلة قد تبدو صعبة ولكنها الممكن الوحيد: أن يكونوا أقوياء ليتمكنوا من نبذ العنف والتصدي له، والسبيل للقوة الحقيقية في عالم اليوم هو الأخذ بالعلم سبيلاً للتقدم والحداثة.
علينا تزويد الأطفال بكافّة “,”الأسلحة“,” التي تمكنهم من ممارسة الحلول السلمية للصراعات في حياتهم اليومية في المدرسة والمنزل والمسجد والكنيسة والشارع والنادي.. إلى آخره، مع الاهتمام بشكل خاص بالدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسة الدينية ودعاتها، ويقتضي ذلك أن تلتزم برامج التنشئة الاجتماعية بعدد من الضوابط لعل أهمها:
• إبراز حقيقة أن البشر جميعًا دون استثناء يعتمدون في حياتهم اليومية على المكتشفات العلمية، مع التركيز على استخدامات الأطفال العملية لتلك المكتشفات في كافّة أنشطة حياتهم من المصباح الكهربائي إلى الكمبيوتر.
• إبراز حقيقة أن أي اكتشاف علمي مهما كان بسيطًا إنما يتحقق من خلال جهد بحثي علمي وتجارب متتالية قام بها العلماء، والتركيز في هذا الصدد على فكرتين أساسيتين: الفكرة الأولى هي تراكم المعرفة العلمية بمعنى أن الباحث العلمي يبدأ بمعرفة آخر ما توصل إليه من سبقه من علماء، والفكرة الثانية هي جماعية البحث العلمي وتكامله بمعنى الاعتماد على فرق البحث متعددة التخصصات.
• إبراز حقيقة أن لكل شيء في الحياة سببًا يؤدي إلى وقوعه، وأنه لا يوجد حدث بلا سبب، وأنه في حال اختفاء السبب تختفي النتيجة، وأن العلم إنما يقوم على تقصي الأسباب، وأن التوصل بالعلم إلى تلك الأسباب هو السبيل الوحيد لمقاومة مظاهر التعاسة كالأمراض والفشل والفقر والتخلف إلى آخره، كما أنه السبيل الوحيد للتوصل إلى مكتشفات تكنولوجية علمية تيسر الحياة وتزيد من استمتاعنا بها.
• إبراز حقيقة أن جماعة العلماء على امتداد تاريخ البشرية لم تقتصر على أبناء حضارة معينة دون أخرى، ولا سلالة دون سلالة، ولا أبناء عقيدة معينة دون غيرهم، ولم يحتكرها الرجال دون النساء، ولم يستبعد منها ذوو الاحتياجات الخاصة فكان منهم من أضافوا الكثير والهام إلى التراث العلمي، أن المكتشفات العلمية وتطبيقاتها التكنولوجية كانت نتاجًا لجهد علمي طويل ساهم فيه البشر جميعًا دون تمييز.
• تنشيط الخيال وخاصة الخيال العلمي، وإلقاء الضوء على الإنجازات التي تحققت وكانت يومًا مجرد خيال.
• التدريب على حل المشكلات مع توضيح أن المشكلة الواحدة قد يكون لها أكثر من حل.
• تشجيع الأفكار الجديدة المبتكرة التي يتقدم بها الأطفال، مع التأكيد على حق الطفل في الخطأ لمزيد من فرص النجاح والمعرفة أي أن الخطأ أو الرسوب لا يعني نهاية المطاف، وأن تجاوز الفشل ممكن إذا ما عرفنا السبب وبذلنا الجهد لمعالجته.
• التفنيد العلمي العملي الديني القاطع للأفكار الخرافية، وإبراز ما يترتب على انتشارها من أضرار عملية حياتية في مجالات الصحة الجسمية والنفسية، والتعليم، والعمل، والعلاقات بالآخرين إلى آخره.
• ترسيخ فكرة حل المنازعات بين أبناء الوطن سلميًا، والتنوير بتنوع تلك الأساليب السلمية لردع المخطئ المعتدي، واللجوء إلى ممثلي السلطة والقانون (المدرس، الشرطي.. إلى آخره) وإدانة فكرة الثأر ورد العنف بالعنف دون اللجوء لممثلي السلطة والقانون.
• تنقية الكتب الدراسية، والبرامج الإعلامية، وخاصة تلك الموجهة للأطفال من كل ما يتعلق بأفضلية إنسان على آخر بحكم لون البشرة أو العقيدة الدينية أو المستوى الاقتصادي أو الذكورة ـ الأنوثة، وأن تبرز عمدًا فكرة أنه لا توجد مجموعة بشرية يخلو سلوك أفرادها من الفضائل أو من العيوب، مع الاهتمام بالتدليل على ذلك من نماذج عربية.