تحول من هاكر إلى مالك شركة كمبيوتر.. ورفض تقديم شكوى ضد محاولات اختراق شركته
يكتب مذكراته ومغامراته ووقع عقدا بملايين الدولارات مقابل قصص القرصنة الإلكترونية
قد لا يعرف الكثيرون فى مصر والوطن العربي أن أول هاكر فى العالم وهو «كيفن ميتنيك» «kevin» أشهر قراصنة الإنترنت فى أوروبا والولايات المتحدة وأكثرهم خطورة منذ ظهور الحاسب الآلي، للدرجة التى جعلت المباحث الفيدرالية الأمريكية «FPI» تنشر صورته وتبحث عنه فى كل مكان.
ولد كيفن فى عام ١٩٦٣، ولم يكن يمتلك القدرة فى بداية حياته لشراء حاسب آلى خاص به، لذلك كان يتواجد فى معارض إحدى شركات الإلكترونيات ليستعمل الحاسبات المعروضة، كان كيفن شابا خجولا لوالدين مطلقين، وكان يستخدم مهارته فى الكمبيوتر لاكتساب الأصدقاء والتفاخر بهم خصوصا فى المرحلة الثانوية، وكان يخترق موقع المدرسة الرئيسى أمام باقى الطلاب، لم يكن كيفن من المتفوقين دراسيا، لكنه برع فى الحصول على مكالمات هاتفية مجانية، وتطور الأمر إلى تمكنه من اقتحام عوالم أخري، والاستماع إلى مكالماتهم، وأصبح لديه الكثير من المعلومات والأسرار عن أشخاص كان يختارهم من الأغنياء وذوى السلطة.
تعرف كيفن على مجموعة من الأصدقاء لهم نفس الميول فى مجال القرصنة، وشكلوا مجموعة هدفها المزاح، وإن كان بإزعاج الآخرين، لكن الإزعاج تحول بعد ذلك إلى أذى، حيث دخل كيفن واثنان من أصدقائه خلسة إلى المركز الرئيسى لشركة الهاتف فى مدينة لوس أنجلوس، ونجحوا فى الوصول للغرفة التى تحتوى على الأجهزة التى تدير عمليات الاتصالات، وسرقوا جميع كلمات ومفاتيح السر فى تسعة مراكز أساسية تابعة للشركة، ولم تتمكن الشرطة المحلية من كشفهم، ولكن بعد مرور عام أبلغت عنهم فتاة من أعضاء المجموعة، وقامت الشرطة باعتقال ثلاثة شباب من المجموعة عام ١٩٨٢، بينهم كيفن الذى عوقب بالحبس ثلاثة أشهر فى سجن الأحداث بتهمة السرقة وتدمير بيانات عبر شبكة كمبيوتر، كما قضت المحكمة بوضعه بعد ذلك تحت المراقبة.
واعتقل كيفن مرة ثانية عام ١٩٨٣ من قبل شرطة كاليفورنيا، بعد ضبطه يحاول استخدام شبكة كمبيوتر الجامعة للوصول من خلالها إلى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، وحكمت المحكمة عليه بستة أشهر تدريبا فى إصلاحية للأحداث فى كاليفورنيا، وبعد سنوات اعتقل مرة أخرى بتهمة العبث بكمبيوتر حسابات إحدى الشركات.
وفى عام ١٩٨٨ قُبض عليه مرة أخرى بتهمة اختراق حاسبات إحدى شركات الكمبيوتر الكبرى فى الولايات المتحدة، مما سبب خسائر تقدر بأربعة ملايين دولار وسرقة برامج بقيمة مليون دولار، لذلك حكم عليه بالسجن لمدة عام، وقضى مدة العقوبة.
وخضع كيفن بحكم قضائى لمركز معالجة الإدمان من القرصنة لمدة ستة أشهر، وبعد إطلاق سراحه فى عام ١٩٩٠ حاول أن يبتعد عن أعمال القرصنة، لكنه واجه صعوبة فى الحصول على وظيفة بعالم الإنترنت نتيجة لماضيه، ونتيجة لوفاة أخيه فى عام ٩٢ من جرعة مخدرات، تعرض لحالة كآبة شديدة وعاد لهوايته القديمة فى القرصنة.
وجد كيفن نفسه من جديد، وأصدر قاضى التحقيق الفيدرالى أواخر العام ١٩٩٢ مذكرة اعتقال ضد كيفن، بتهمتين: الأولى، الدخول غير القانونى إلى كمبيوتر إحدى شركات الهاتف، والثانية عدم التزامه بالبقاء فى المدينة، ومغادرته إلى لاس فيجاس قبل انتهاء الأشهر الستة التى فرضتها عليه المحكمة كعلاج نفسي، وعندما ذهبت الشرطة لاعتقاله كان كيفن اختفى دون أن يترك وراءه أثرا، وفى ديسمبر من العام ١٩٩٢، تلقى قسم الآليات بكاليفورنيا اتصالاً عبر الكمبيوتر، يطلب فيه صاحبه الحصول على نسخ من شهادات رخص القيادة للمتعاونين مع الشرطة، واستخدم المتصل شفرة تظهر أنه مخول قانوني الاطلاع على تلك الوثائق، وطلب إرسالها بالفاكس إلى عنوان فى إحدى ضواحى لوس أنجلوس، واستشعر مسئولو الأمن ريبة فى الطلب، وقاموا بفحص الرقم المطلوب إرسال النسخ إليه، فتبين أنه محل لتقديم خدمات التصوير والفاكس، وقرروا إرسال المطلوب، لكنهم أرسلوا قبل ذلك عناصر من الأمن إلى المحل، لمعرفة الشخص الذى يطلب هذه المعلومات، وهدفه من وراء ذلك.
وقفوا على باب المحل ينتظرون الإمساك به، ولم ينتبهوا إليه إلا بعد خروجه حاملاً الأوراق، وعندما شعر بهم كيفن، هرب راكضا عبر إحدى الحدائق القريبة، فسقطت الأوراق على الأرض، وتوقفوا لالتقاطها، فتمكن من الهرب.
ووجد مسئولو الأمن عند فحص الأوراق لاحقا، أنها تحمل بصمات كيفن، ليكتشفوا أنه ما زال يمارس نشاطه، وهذه الحادثة ونجاته من المطاردة جعلت الصحف تكتب عنه باعتباره لصا ذكيا ومثيرا للإعجاب.
فى ١٩٩٤ كان أشهر خبراء أمن الشبكات، ويعمل مستشارا لمكتب التحقيقات الفيدرالية ووكالة الأمن القومى، واسمه شيمومورا، تلقى اتصالاً من صديقه فى العمل يخبره أن كمبيوتره المنزلى المتصل بشبكة العمل الواسعة، تعرض للاختراق، ومن حسن حظ شيمومورا أنه كان طور وركب نظام مراقبة، ينذر عند الاشتباه بوقوع اختراق لشبكة الكمبيوتر التى تتصل بها حاسباته المنزلية، ولم يتنبه كيفن إلى ذلك. وتمكن شيمومورا بمساعدة المحققين، ونظام المراقبة الذى كان يقوم تحسينه يوميا، من تتبع أثر المعتدى.
ودارت الشبهة حول كيفن ميتنك، المختفى عن الأنظار منذ العام ١٩٩٢.
توجه رجال المباحث الفيدرالية إلى شقة كيفن لاستجوابه، لكنه اختفى كالعادة، وكانت له قدرة على الاختفاء والدخول إلى أكثر الحاسبات صعوبة، مثل وزارة الدفاع الأمريكية وأكبر الشركات فى أمريكا.
وفى ١٥ فبراير عام ١٩٩٥، تمكنت الشرطة الفيدرالية من اعتقال كيفن بعد أن نجحوا عن طريق الخبراء فى الوصول إلى مكانه عن طريق الهاتف المحمول وتحديد مكانه بدقة. وافق كيفن على تخصيص أرباحه المستقبلية من أى كتب أو أفلام أو مقابلات متعلقة بجرائمه لضحاياه لمدة سبع سنوات.
أُطلق سراح كيفن عام ٢٠٠٠ بشروط.
لقب كيفن بملك الهاكر، والأب الروحى لهم، والآن يقوم بكتابة مذكراته ومغامراته الإلكترونية، خصوصا بعد أن وقع عقدا بملايين الدولارات فقط لكى يكتب أشهر قصص القرصنة الإلكترونية فى عالم الهاكرز.