تركيا اليوم مسرح حرب أهلية بين الأتراك والأكراد، وأى صفة أخرى لما يجرى هى هروب من الواقع.
حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة أحمد داود أوغلو، ومن ورائه الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزب العمل الوطنى اليمينى لم يستطيعا الاتفاق على شراكة فى الحكومة، إلا أنهما متحالفان فى الحرب على الأكراد، وقد تعرضت مئات المكاتب السياسية والمتاجر والمصالح لحزب الشعوب الديمقراطى الكردى وأنصاره فى أكثر من مئة مدينة وبلدة لهجمات من الغوغاء ودُمِّرَت أو أحرِقَت.
فى حرب الثلاثين سنة ضد حزب العمال الكردستانى المحظور قتِل حوالى ٤٠ ألفا، وسلمت سوريا الحكومة التركية عبدالله أوجلان، زعيم الحزب، وهو لايزال فى السجن، كنا تفاءلنا بالهدنة بين الطرفين، فقد استمرت سنتين، وسقطت فى الصيف، والرئيس أردوغان قال فى ٢٨ "يوليو" الماضى إنه من الصعب الاستمرار فى عملية السلام.
الأسباب المعلنة غير صحيحة، والحقيقة هى أن حزب الأكراد فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة فاز بثمانين مقعدا، وحرم السلطان أردوغان من السيطرة على البرلمان، فترك له خيار أن يتعاون مع الأكراد، أو يخوض حربا غير معلنة عليهم، ثم يدعو إلى انتخابات جديدة أملاً فى استرداد السيطرة على البرلمان، كما حدث فى المرات السابقة منذ ٢٠٠٢.
الحزب الحاكم لا يضمن الفوز الذى يريد فاختار المواجهة لإنهاك الأكراد، وصلاح الدين دميرطاش، زعيم حزب الشعوب الديموقراطي، يواجه خطر محاكمته بتهمة إهانة تركيا ورئيسها، وإذا أدينَ قد يُحكم عليه بالسجن ١٩ سنة.
الأكراد فى تركيا خُمس السكان، أو حوالى ١٥ مليونا من أصل ٧٧ مليون مواطن، وقد دعا حزب العمال الكردستانى المحظور الشباب إلى حمل السلاح، وهم يفعلون، وهناك اتصال مباشر مع أكراد شمال العراق الذين يمارسون نوعا من الحكم الذاتى فى مناطقهم.
وخلفية سريعة، فقد اتهم رجب طيب أردوغان ضباطا كبارا فى الجيش بمحاولة انقلاب، واعتقِلوا وحوكِموا وحُكِم عليهم، ثم نال رموزهم البراءة بعد الاستئناف، وكان أن أردوغان نفسه هنأ بعضهم على الخروج من السجن.
كيف حدث هذا؟ أردوغان يحتاج إلى الجيش فى حربه مع الأكراد، وفى المواجهات الأخيرة أعلنت سلطات الأمن أنها قتلت ١١٠٠ من أعضاء حزب العمال الكردستانى الذى قتل حوالى ١١٠ من قوات الأمن.
لا أعتقد أن الجيش نسى حرب أردوغان عليه أو غفر له ما فعل، ولعله يتحيّن الفرصة للقيام بانقلاب فى غضون ذلك، كل طرف تحت الضغط، ودميرطاش عالق بين حزب العمال الكردستانى الذى يرفض تسليمه قيادة أكراد تركيا، وبين أردوغان الذى يريد تفتيت حزب الشعوب الديموقراطى أملاً فى استرداد غالبية مطلقة فى البرلمان خسرها فى انتخابات السابع من حزيران (يونيو) الماضي، إلا أن أردوغان يواجه فى الوقت نفسه معارضة قوية من أنصار الداعية فتح الله جولن، حليفه السابق الذى يقيم فى الولايات المتحدة، وله أتباع كثيرون فى تركيا، وقد اتهم أردوغان أنصار جولن السنة الماضية بمؤامرة ضد الجيش. وهى تهمة زائفة سببها محاولة الرئيس استمالة الجيش إلى جانبه.
السلطان أردوغان يلعب بالنار، فمحاولته التحالف مع الجيش ضد خصومه السياسيين قد ترتد عليه وعلى حزبه، وقادة الجيش قد يجدون يوما أنهم فى مركز قوة يسمح لهم بإطاحة حكم حزب دينى وإعادة العلمانية الأتاتوركية.
حتى سورية لم تسلم من أخطاء أردوغان، فالحدود مفتوحة للداخل والخارج من الإرهابيين والنساء والأطفال، وهذا مستحيل من دون قرار رسمى تركي، غير معلن طبعا، بالتغاضى عمّا يحدث، فى غضون ذلك أنا مواطن عربى أؤيد الأكراد فى العراق وسورية وتركيا فقد ظلِموا فى السابق واليوم.
نقلا عن الحياة اللندنية
حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة أحمد داود أوغلو، ومن ورائه الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزب العمل الوطنى اليمينى لم يستطيعا الاتفاق على شراكة فى الحكومة، إلا أنهما متحالفان فى الحرب على الأكراد، وقد تعرضت مئات المكاتب السياسية والمتاجر والمصالح لحزب الشعوب الديمقراطى الكردى وأنصاره فى أكثر من مئة مدينة وبلدة لهجمات من الغوغاء ودُمِّرَت أو أحرِقَت.
فى حرب الثلاثين سنة ضد حزب العمال الكردستانى المحظور قتِل حوالى ٤٠ ألفا، وسلمت سوريا الحكومة التركية عبدالله أوجلان، زعيم الحزب، وهو لايزال فى السجن، كنا تفاءلنا بالهدنة بين الطرفين، فقد استمرت سنتين، وسقطت فى الصيف، والرئيس أردوغان قال فى ٢٨ "يوليو" الماضى إنه من الصعب الاستمرار فى عملية السلام.
الأسباب المعلنة غير صحيحة، والحقيقة هى أن حزب الأكراد فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة فاز بثمانين مقعدا، وحرم السلطان أردوغان من السيطرة على البرلمان، فترك له خيار أن يتعاون مع الأكراد، أو يخوض حربا غير معلنة عليهم، ثم يدعو إلى انتخابات جديدة أملاً فى استرداد السيطرة على البرلمان، كما حدث فى المرات السابقة منذ ٢٠٠٢.
الحزب الحاكم لا يضمن الفوز الذى يريد فاختار المواجهة لإنهاك الأكراد، وصلاح الدين دميرطاش، زعيم حزب الشعوب الديموقراطي، يواجه خطر محاكمته بتهمة إهانة تركيا ورئيسها، وإذا أدينَ قد يُحكم عليه بالسجن ١٩ سنة.
الأكراد فى تركيا خُمس السكان، أو حوالى ١٥ مليونا من أصل ٧٧ مليون مواطن، وقد دعا حزب العمال الكردستانى المحظور الشباب إلى حمل السلاح، وهم يفعلون، وهناك اتصال مباشر مع أكراد شمال العراق الذين يمارسون نوعا من الحكم الذاتى فى مناطقهم.
وخلفية سريعة، فقد اتهم رجب طيب أردوغان ضباطا كبارا فى الجيش بمحاولة انقلاب، واعتقِلوا وحوكِموا وحُكِم عليهم، ثم نال رموزهم البراءة بعد الاستئناف، وكان أن أردوغان نفسه هنأ بعضهم على الخروج من السجن.
كيف حدث هذا؟ أردوغان يحتاج إلى الجيش فى حربه مع الأكراد، وفى المواجهات الأخيرة أعلنت سلطات الأمن أنها قتلت ١١٠٠ من أعضاء حزب العمال الكردستانى الذى قتل حوالى ١١٠ من قوات الأمن.
لا أعتقد أن الجيش نسى حرب أردوغان عليه أو غفر له ما فعل، ولعله يتحيّن الفرصة للقيام بانقلاب فى غضون ذلك، كل طرف تحت الضغط، ودميرطاش عالق بين حزب العمال الكردستانى الذى يرفض تسليمه قيادة أكراد تركيا، وبين أردوغان الذى يريد تفتيت حزب الشعوب الديموقراطى أملاً فى استرداد غالبية مطلقة فى البرلمان خسرها فى انتخابات السابع من حزيران (يونيو) الماضي، إلا أن أردوغان يواجه فى الوقت نفسه معارضة قوية من أنصار الداعية فتح الله جولن، حليفه السابق الذى يقيم فى الولايات المتحدة، وله أتباع كثيرون فى تركيا، وقد اتهم أردوغان أنصار جولن السنة الماضية بمؤامرة ضد الجيش. وهى تهمة زائفة سببها محاولة الرئيس استمالة الجيش إلى جانبه.
السلطان أردوغان يلعب بالنار، فمحاولته التحالف مع الجيش ضد خصومه السياسيين قد ترتد عليه وعلى حزبه، وقادة الجيش قد يجدون يوما أنهم فى مركز قوة يسمح لهم بإطاحة حكم حزب دينى وإعادة العلمانية الأتاتوركية.
حتى سورية لم تسلم من أخطاء أردوغان، فالحدود مفتوحة للداخل والخارج من الإرهابيين والنساء والأطفال، وهذا مستحيل من دون قرار رسمى تركي، غير معلن طبعا، بالتغاضى عمّا يحدث، فى غضون ذلك أنا مواطن عربى أؤيد الأكراد فى العراق وسورية وتركيا فقد ظلِموا فى السابق واليوم.
نقلا عن الحياة اللندنية