الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفساد الذي ضرب مصر عشرات السنين أنعكس سلباً على مكانتها الإقتصادية وعلى وزنها الإقليمي والدولي أكثر بكثير من إنعكاسات أثار الإرهاب عليها، وفي مسألة الإرهاب والتطرف نلاحظ أن الدولة بأجهزتها المختلفة متحالفة مع الشعب لدحر ذلك الوباء، أما في مسألة الفساد نجد أن صورة المقاومة مختلفة حيث يتصدى الناس بأظافرهم لحيتان المال والاستغلال ونادراً ما تتحالف الدولة مع الناس، وهنا مكمن الخطر وبيت القصيد.
بالحتمية التاريخية لابد أن ينهزم الإرهاب سواء اليوم أو غدا، أما الفساد في ربوع مصر فهو المرض العضال الذي لم يكتشفوا له علاجاً حتى الآن ولذا استمر متواصلاً في نشاطه وعمله الدؤوب دون انقطاع يوما واحدا عن أرض المحروسة، يقتلع الأخضر واليابس، يدمر أحلام الشباب في مستقبل آمن، يحاول انتزع روح الإنتماء للوطن من البسطاء، تنتفخ كروش المئات بالمال الحرام بينما يموت الفقراء على سلالم المستشفيات لعجزهم عن تدبير ثمن علبة دواء.
هذا الوضع البائس قامت في مواجهته ثورتين هما يناير ويونيه، هذا الوضع البائس لم يغب لحظة واحدة عن ذاكرة الملايين حيث يتنفسونه كل صباح، وينتظرون لحظة القصاص من الذين سمموا حياتهم بالسرقة والنهب المنظم، حالة الشفافية في الجهاز الإداري للدولة حدث ولا حرج، تكافؤ الفرص حدث ولاحرج، وهو ما أدى إلى تدني مستوى التعليم والصحة والطرق والمواصلات والنظافة العامة مع تضخم الرشوة والواسطة واستغلال النفوذ.
لا أقول هذا الكلام بمناسبة القبض على الفاسد الأشهر محمد فودة ومن معه، ولكن أقوله لأن الفساد في بلادي صار واقعاً حياً يراه الناس ويعرفونه ويتعاملون معه وكأن الفساد صار هو القاعدة ودولة القانون هي الاستثناء، وفي ظني أن استمرار هذا الوضع لا يليق مع دولة ما بعد يونيه، ومع هذا الوضع يدخل شعار العيش والحرية والعدالة الإجتماعية نفقاً مظلماً لتدور دائرة التثوير من جديد بمخاطرها المعروفة.
كتب الله لبلادنا السلامة من شرور الربيع المزعوم، وكتب الجيش والشعب ملحمة انتصار خالدة، ومع هذا الانتصار كبرت أحلامنا فهزمنا الطبيعة في رمال سيناء وشققنا قناة جديدة، منحنا أصواتنا للرئيس بما يشبه الإجماع، أعطينا للدولة الجديدة كل الثقة ولذلك يصبح طبيعياً أن يكون الانتقاد بحجم الأحلام المؤجلة، فليس منطقياً أن تعطش أراضي الفلاحين بينما ترتوي حدائق الجولف، وليس عدلاً أن تنام أسرة مكونة من أربعة أو خمسة أفراد في غرفة سيئة التهوية بينما القصور تشب على الصحراء ليقضي فيها واحد من الفاسدين ليلة الويك إند.
نعم وبكل شجاعة لدينا خلل في منظومة العدالة الاجتماعية تسبب فيها لصوص المال العام ومحترفي الرشوة واستغلال النفوذ، هذا الخلل الداعشي يجعل الواحد من أبناء البسطاء صيداً سهلاً لجوف البحر المتوسط كغريق أو جوف المخدرات كمدمن أوجوف التنظيمات المسلحة كإرهابي، هذه بديهية اعتقد بل أثق أنها ليست غائبة عن ذهن مؤسسة الرئاسة، ولذلك صار عليها "أي المؤسسة" أن تعلنها بكل وضوح وصراحة أن معركتنا القادمة هي الحرب على الفساد.
لدينا أجهزة رقابية عريقة، في أدراج مكاتبها عشرات التقارير والقضايا، لدينا قضاء قادر على القصاص للوطن والناس، لدينا إرادة وقدرة على المواجهة، أما المخاوف المزعومة التي يرددها من يدورون في فلك الفساد بأن تلك النوعية من القضايا سوف تزعج المستثمرين الأجانب، فمردرد عليها بأن المستثمر الذي يخشى تطبيق القانون ليس مستثمرا ولكنه محض لص فاسد شأنه شأن أعوانه في الداخل لا مكان له بيننا ولا نريد استثماراته.
العبء ثقيل والمعركة صعبة ولكن هكذا حسب ما أرى تصعد الأمم الناجحة، لتقول للدنيا عشنا لنبني ونسترد حقوق الناس.