المدقق للعلاقات العربية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة يجد أن الفكر والعقل العربي أغفل إسرائيل في حسابات المشهد الإقليمي وحتى نفهم الصورة دعونا نتناول الأمر بشكل مختلف ونبدأ من الكشف الغازي الجديد في البحر المتوسط داخل المياه الإقليمية لمصر، الذي يعد خطوة مهمة لتعافي الاقتصاد المصري، خاصة أن الأرقام المذكورة في تقرير الشركة الايطالية التي قامت بعملية الاكتشاف تبعث على التفاؤل وفي حال الاستغلال الأمثل له ستحدث نقله نوعية في حياة المصريين، لأنه حسب ماهو معلن من قبل الشركة الإيطالية الحقل الجديد أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في مصر وأنه من شأنه وضع مصر على لائحة إحدى أبرز الدول المنتجة والمصدرة للغاز، حيث ينظر إلى هذا الكشف أكبر إنجاز يتحقق في مياه البحر المتوسط، بل قال الإيطاليون إنه أكبر الاكتشافات الغازية على مستوى العالم!!
وقد أشارت المعلومات الأولية الى أن الحقل يتضمن احتياطيات أصلية تقدر بحوالي 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي
تعادل حوالى 5.5 مليار برميل
ورغم أن هذه الأرقام تقديرية، غير أنها تعتبر مؤشرا إيجابيا على أهمية ما تحقق وما سوف ينعكس على حياة الشعب المصري خلال الفترة القادمة.
وهكذا تخطو مصر بثبات في اتجاه التنمية الشاملة، لا سيما إذا ربطنا بين هذا الكشف ومشروع تنمية محور قناة السويس الذي لم يكن كما روج البعض من الموتورين أنه مجرد مجرى ملاحي أو تفريعة إنما هو مشروع للمستقبل بكل ما يقدمه من رؤى للتطوير الإقتصادي والاجتماعي والديموجرافي والعمراني، فاذا تكامل المشروعان تنمية محور قناة السويس بمنطقتها الاقتصادية الجديدة مع كشف الغاز الطبيعي الجديد بالبحر المتوسط فإنني أرى في ذلك انتقالا لمرحلة جديدة في حياة المصريين.
وحتى نمضي على الطريق الصحيح لا بد من أن يتزامن مع هذه التطورات وجود إدارة رشيدة تتحدى البيروقراطية العقيمة المثبطة للهمم وإرادة شعب عندما يريد فإنه يحقق كل مايريد!!
والسؤال ما علاقة كل ماذكرناه بإسرائيل؟
ترى إسرائيل مصالحها في تخلف مصر وأنها تنظر بترقب إلى مشروع الكشف الجديد بالبحر المتوسط على أنه تحد لها وضد أهدافها وليس من المستبعد أن تعمل على إفشاله -لا قدر الله- بالتعاون مع أطراف أخرى وهذا يتطلب حرصا ويقظة وديبلوماسية هادئة.
ولاشك أن زيارة الرئيس السيسي الأخيرة لروسيا أولا ثم سنغافورة والصين وأندونيسيا ثانيا، تأتي في إطار الإدراك لأهمية توجيه السياسة الخارجية بالشكل الذي يحقق مصالح مصر ويقطع الطريق على أي طرف تسول له نفسه أن يقف ضد مستقبل المصريين.
ومن ثم يمكن القول، إنه رغم ضخامة التحديات التي تواجه مصر ومنها بالطبع التحديات الداخلية وأهمها الإرهاب ومحاولة البعض ممن عفا عليه الزمن ركوب الموجة من جديد في الانتخابات النيابية المقبلة فإن ما لدى الشعب المصري من إرادة سوف تقهر هذه التحديات، كما أن التحديات الخارجية ومنها إسرائيل سوف تتكسر حال استمرار وقوف أبناء الوطن خلف ومع رئيسه!!.
وعليه لا يجب أن تغفل السياسة المصرية عن إسرائيل وأنها مازالت العدو الأول لمصر بالمنطقة وأنها تسخر آخرين لمواجهة مصر وتقف على مرآى ومسمع الجميع كما لو كانت الطرف المحايد فقد تعودت من زمن طويل أن تلعب إسرائيل في الخفاء، فقد كانت أكثر الأطراف تشجيعا لتطبيق نظرية الفوضى الخلاقة بالمنطقة ودربت هنا أو هناك شبابا عربيا على ما يسمى "حروب الجيل الرابع " وهي اليوم تتربص بنا مصر والعرب أجمعين وأذهلها نجاح مشروع تنمية قناة السويس وزاد ذهولها مع الكشف الجديد عن الغاز الطبيعي في مياه مصر الإقليمية بالبحر المتوسط فقد كانت ترغب وتخطط لحفر قناة جديدة بين البحر الأحمر عند إيلات والبحر المتوسط لضرب قناة السويس في مقتل وأظنها ترغب في أن تكون حقول الغاز الطبيعي ضمن مياهها الإقليمية ولا مانع من أن تتآمر لتحصل على ماتريد .
ولهذا تظل اليقظة والتؤدة أمرين مهمين في هذه المرحلة الحاسمة من عمر الوطن!!.