الثلاثاء 15 أبريل 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الحل السياسى الدولي في ليبيا والطريق المسدود (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا (برناردنيوليون)، يوم الجمعة 4 أغسطس، أن المحادثات الإيرانية التى جمعت الأطراف المتحاربة فى هذا البلد (ليبيا) فى حكومة وحدة وطنية دخلت مرحلتها النهائية، وأنه يأمل فى التوصل إلى اتفاق بحلول 20 سبتمبر القادم، وقد أكد ليون أنه من الصعب تجاوز هذه الفرصة للتوصل إلى اتفاق نهائى فى الأيام القادمة، ويأمل أن تستكمل المحادثات يوم الأربعاء فى الصخيرات فى المغرب. وقد صرح بأن هناك العديد من المشكلات لم تحل، تعد أهمها أن الجانبين لم يحسما من ستتألف منهم الحكومة. 
ويأمل مبعوث الأمم المتحدة فى التوصل إلى الاتفاق النهائى قبل موعد ٢٠ أكتوبر القادم الذى يتواكب مع موعد انقضاء تفويض مجلس النواب للحكومة الليبية المعترف بها دوليا، لأنه فى حالة تجاوز هذا الموعد سيتم الإعلان عن انتخابات جديدة فى ليبيا التى وصلت إلى أدنى مستوى من التدهور فى جميع المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية... إلخ. ونصف سكان ليبيا مهجرون ما بين مصر وتونس، مما يضعف الكتلة التصويتية فى حالة إجراء أى انتخابات جديدة، وقد تؤثر المليشيات العسكرية ونفوذها على الأرض فى توجيه بوصلة الاقتراع خاصة بعد دخول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فى حلبة الصراع. إن هناك مراحل عديدة منذ ثلاث سنوات لتفعيل مسار الحل السياسى فى ليبيا الذى تتبناه قوى دولية تحت مظلة الأمم المتحدة، وسنعرض لهذا المسار.
مراحل الحل السياسى فى ليبيا:
مع السقوط المدوى لنظام القذافى بعد ثورة ١٧ فبراير الذى أفضى إلى واقع سياسى معقد وصعب السيطرة عليه. وذلك نتيجة لأسباب عديدة أهمها أن قوات حلف (الناتو) التى ادعت أنها ترغب فى إزاحة القذافى عن الحكم وتساند الشعب الليبى فى ثورته قد عمدت على تدمير الجيش الليبى بل وجميع مؤسسات الدولة، وقامت بإلقاء الأسلحة فى الصحراء الليبية لجميع الفصائل، الأمر الذى أدى إلى تشكيل العديد من المليشيات المسلحة. كما أن النخب الثورية التى كانت فى صدارة المشهد قد عانت من حالة الانقسام الشديدة.
مع غياب أى مفهوم أو نمط بشكل الدولة المدنية الحديثة التى كانت على رأس مطالب الثوار، وأخيرا فإن هيكل الدولة الليبية بشكل عام نتيجة نظام حكم القذافى يتسم بالضعف والهشاشة، خاصة فى الأعوام الأخيرة من حكم القذافى، وبالتحديد بعد الخروج من تشاد، حيث تعمد القذافى تفكيك المؤسسة العسكرية مع الاعتماد على قوة غير نظامية مأجورة تخوفا من انقلاب المؤسسة العسكرية على حكمه. وبعد سقوط القذافى توالت حكومات عاجزة عن القيام بدورها نظرا لعدم قدرتها على جمع الأسلحة من المليشيات والأكراد، وعدم قدرتها على إعادة بناء المؤسسة العسكرية إضافة إلى ارتفاع حدة الفساد فى عوائد النفط الليبى، لدرجة أن النفط الليبى بات يباع فى السوق السوداء عالميا من قبل المليشيات، وعلى مرأى من أجهزة الدولة، جميع العوامل السابقة ساهمت فى إعلاء سطوة المليشيات والتشكيلات العسكرية المبنية على أسس أيديولوجية أو قبلية أو إقليمية.وقد بدأ اهتمام الغرب بالحل السياسى فى ليبيا بعد وصول تنظيم (داعش) إلى الأراضى الليبية، وأصبح يشكل خطرا شديدا على أوروبا، كما أن دفع السكان المدنيين إلى الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وازدهار تجارة الهجرة غير الشرعية، علاوة على حالة السيولة الأمنية التى أصبحت تهدد بلدان الجوار، خاصة مصر وتونس والجزائر. وتمت أفغنة الأراضى الليبية لتدريب العناصر وتصديرها مرة أخرى عبر معسكرات التدريب، هذا وقد تم إغراء القبائل الليبية بالتحالف مع المليشيات فى حصد عوائد النفط الليبى. وهنا بدأت الأمم المتحدة الدعوة إلى حوار سياسى بين أطراف الصراع، وكلفت مبعوثها السيد (برناردنيوليون) حيث سارت المحادثات على النحو التالى:
(١) حوار غنامس ١ سبتمبر ٢٠١٤: 
فى ٢٩ سبتمبر ٢٠١٤ فى مدينة غنامس التى تقع على الحدود الليبية الجزائرية تم انعقاد أول جولة للحوار السياسى رغم ما أحيط بالحوار من مشكلات (أطراف الحوار، أهداف الحوار، آليات تحقيق مخرجات الحوار... إلخ)، فقد انعقد قبيل صدور حكم المحكمة العليا فى طرابلس بعدم دستورية قانون الانتخابات، ومن ثم حل مجلس النواب بطبرق وإعلان المؤتمر العام بإعادة انعقاده، وقد تجاهل مبعوث الأمم المتحدة (ليون) الطرف الإسلامى فى الحوار على الرغم من ظهور قوات فجر ليبيا فى هذا التوقيت، وقام مبعوث الأمم المتحدة بإقصاء عدد من أعضاء المؤتمر الوطنى العام المنحل، وعدد من القوى العسكرية. وبالتالى جاءت نتيجة الحوار قاصرة، حيث إنها اقتصرت على أطراف بعينها مع إقصاء الطرف الإسلامى. لقد اقتصر الحوار على الجهة التى لها شرعية، وعلى هذا فقد فشل مؤتمر غنامس ١ للتوصل إلى أي نتائج حقيقية سوى الاستفادة من تجربة الحوار مع طرف واحد، خاصة أن الأطراف المتصارعة لها أذرع عسكرية هى التى تعبر عن مستوى كل فصيل على الأرض، وبالتالى فإن التمثيل السياسى لابد أن يتناسب مع التمثيل العسكرى.
(٢) حوار جنيف ( يناير ٢٠١٥):
على خلفية الفشل فى حوار غنامس واحد، قامت بعثة الأمم المتحدة بالتحضير لعقد جلسات حوار (جنيف) فى ١٤ و١٥ يناير ٢٠١٥. قامت بدعوة وإشراك أكبر عدد ممكن من الأطراف المتصارعة، بل وقامت فى توسيع دائرة الحوار لتشمل شخصيات من المجتمع المدنى لمحاولة التوصل إلى اتفاق، كما أعلنت الأمم المتحدة عن اتساع مجالات الحوار لتشمل جميع المسارات السياسية والاجتماعية. وأن هناك نقاشات حول المسألة الأمنية ومحاولة الوقف الكامل لأعمال القتال المسلح بين الأطراف. على اعتبار ان المدنيين هم الذين يدفعون أرواحهم ثمن هذا الصراع، علاوة على تهجير الآلاف من ديارهم ودفعهم للهجرة خارج ليبيا، مما يسبب أضرارا جسيمة على البنية الاقتصادية والسكانية. كما أكدت أن المباحثات ستضع تصورا حول انسحاب مرحلى للجماعات المسلحة فى المدن والبلدان الرئيسية خاصة طرابلس. ومحاولة تمكين الدولة ببسط سلطتها على المؤسسات الحكومية والمنشآت الاستراتيجية والمرافق الحيوية.
إذ إن أهداف مؤتمر جنيف كانت أكثر بلورة وأكثر وضوحا، ولكن جاء تخلف المؤتمر الوطنى عن مباحثات وعدم حضور ممثليه، حيث أعلن المؤتمر مبررا موقفه بأن المبعوث الأممى فى ليبيا لم ينسق معه بشكل كاف.واعترض المؤتمر الوطنى على انعقاد أى مؤتمرات خارج ليبيا. وفى ذات التوقيت أعلن المكتب الإعلامى لمليشيات فجر ليبيا، وهو الجناح العسكرى للإخوان المسلمين وحلفائهم عدم التزامهم بنتائج الحوار مهما كانت، وأنه سيحاول عقد مؤتمر داخل ليبيا بعد تقريب وجهات النظر بين الأطراف.إذن هذه هى المرة الثانية التى تعيق الطائرات الإسلامية إمكانية الحوار والتوصل إلى نتائج من شأنها دعم الشرعية، وفى مواجهة تمدد المليشيات العسكرية التى تعزز موقف تيار الإسلام السياسى على الأرض (البقية الأسبوع القادم).