وصلنا فى المقال السابق وفى ضوء رصدنا لذكريات سبتمبر المؤلمة إلى أيلول الأسود، ذلك التاريخ الذى يذكرنا بما حدث فى الأردن الشقيق حين تحرك الملك الراحل الحسين بن طلال لإجهاض محاولة بعض المنظمات الفلسطينية لإسقاط حكمه، وكان ذلك فى عام 1970، فقد كشفت أجهزة الاستخبارات الأردنية بعض التحركات المريبة من جانب مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين الذين اختاروا الأردن ملاذًا لهم بعد تهجيرهم قسرا فى 67، وهؤلاء ليسوا بالعدد القليل فقد فاز الأردن بالغالبية العظمى من المهاجرين باعتباره البلد الأقرب إلى أرض فلسطين.
لعل هذا هو الدافع الذى جعل قرابة ٧٥٪ من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون على الأراضى الأردنية، وقد تم منحهم على الفور حق المواطنة الكاملة عدا الترشح والتصويت فى الانتخابات، ولكن بعضهم قد شكل مجموعات فدائية بغرض مواصلة القتال مع إسرائيل، وبالفعل شنت المقاومة الفلسطينية بعض العمليات القتالية من داخل أرض الأردن، فما كان من إسرائيل إلا الرد واجتياح بعض القرى الأردنية، وهنا استشعر الملك حسين رحمه الله خطورة الوضع، فطلب من قادة الفصائل والمنظمات الفلسطينية أن يكفوا عن القتال من داخل أرض بلاده، لأن ذلك سيعرض وطنه للخطر، فرفض قادة الفصائل ذلك الطلب واعتبروا الملك خائنا للقضية، وقام بعض الفلسطينيين بالسير فى شوارع عمان بزيهم العسكرى وبأسلحتهم، بل الأكثر من ذلك أنهم قاموا بعمل نقاط تفتيش ولجان تستوقف السيارات وتسأل قادتها عن رخص القيادة، ويلقون القبض على البعض، أى أنهم كانوا يشكلون دولة داخل الدولة، فتدخل الملك حسين بإصدار مجموعة من القرارات تمنع الفلسطينيين من التجول بالسلاح أو بالملابس العسكرية، وتمنعهم كذلك من عمل الكمائن واللجان ومن ممارسة الأنشطة السياسية على أرض الأردن، وقد تسببت هذه القرارات فى زيادة التوتر بين الجانبين، فوقعت فى شوارع عمان مصادمات قوية بين قوات الأمن الأردنية ومجموعة من الفلسطينيين انتهت بسقوط قرابة ثلاثمائة قتيل، وهنا ردد جورج حبش قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مقولته الشهيرة «إن تحرير فلسطين يبدأ من عمان وبقية العواصم الرجعية»، وبعدها مباشرة تعرض الملك حسين لمحاولتى اغتيال فاشلتين، وثبت تورط المنظمات الفلسطينية فيها، فنشبت مصادمات جديدة راح ضحيتها قرابة الألف شخص، ووجه الملك حسين تحذيرا أخيرا لهؤلاء ودعاهم إلى مغادرة البلاد إذ لم يحترموا قانون الدولة التى يقيمون عليها، فدعت منظمة التحرير إلى ضرورة إقامة سلطة وطنية فى الأردن، وعدم الاعتراف بالسلطة القائمة، وراحوا يخططون فعليًا للانقلاب على الملك وتسببوا فى إحراجه أمام العالم بعدما قاموا بخطف ثلاث طائرات ألمانية والاتجاه بها إلى الأردن ثم تفجيرها، وهنا رأت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية ضرورة توجيه ضربة عسكرية استئصالية لكل المنظمات الفلسطينية الموجودة على أرض الأردن، وفى سبتمبر (أيلول) ١٩٧٠ بدأ الصدام، ورفض الملك حسين كل وسائل الضغط التى مارسها الرئيس عبد الناصر عليه ومارستها أيضا معظم الأنظمة العربية، وذلك للتراجع عن اجتياح جيشه للمعسكرات والمخيمات الفلسطينية، ووصل بعض الزعماء العرب إلى الأردن لوقف القتال، ولكن جهودهم باءت بالفشل وتم اعتقال المئات من الفلسطينيين وتم قتل الآلاف، بينما فر البعض إلى لبنان ومصر.. وساد الحزن فى الشارع العربى من المحيط إلى الخليج، وأصيب العرب بحالة من الاكتئاب، فالعربى يوجه فوهة بندقيته لأخيه العربى، والكل يتناسى أن الأمة كلها تعانى آثار النكسة والهزيمة وبدلا من لم الشمل وتوحيد الجهود، نتقاتل فيما بيننا، وقد سميت هذه الواقعة بأيلول الأسود والتى انتهت بدعوة الرئيس عبد الناصر لمؤتمر قمة عاجل فى القاهرة، وهو المؤتمر الذى توفى فى نهايته يوم ٢٨ سبتمبر وهو موضوع مقالنا فى الأسبوع القادم إن شاء الله.
لعل هذا هو الدافع الذى جعل قرابة ٧٥٪ من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون على الأراضى الأردنية، وقد تم منحهم على الفور حق المواطنة الكاملة عدا الترشح والتصويت فى الانتخابات، ولكن بعضهم قد شكل مجموعات فدائية بغرض مواصلة القتال مع إسرائيل، وبالفعل شنت المقاومة الفلسطينية بعض العمليات القتالية من داخل أرض الأردن، فما كان من إسرائيل إلا الرد واجتياح بعض القرى الأردنية، وهنا استشعر الملك حسين رحمه الله خطورة الوضع، فطلب من قادة الفصائل والمنظمات الفلسطينية أن يكفوا عن القتال من داخل أرض بلاده، لأن ذلك سيعرض وطنه للخطر، فرفض قادة الفصائل ذلك الطلب واعتبروا الملك خائنا للقضية، وقام بعض الفلسطينيين بالسير فى شوارع عمان بزيهم العسكرى وبأسلحتهم، بل الأكثر من ذلك أنهم قاموا بعمل نقاط تفتيش ولجان تستوقف السيارات وتسأل قادتها عن رخص القيادة، ويلقون القبض على البعض، أى أنهم كانوا يشكلون دولة داخل الدولة، فتدخل الملك حسين بإصدار مجموعة من القرارات تمنع الفلسطينيين من التجول بالسلاح أو بالملابس العسكرية، وتمنعهم كذلك من عمل الكمائن واللجان ومن ممارسة الأنشطة السياسية على أرض الأردن، وقد تسببت هذه القرارات فى زيادة التوتر بين الجانبين، فوقعت فى شوارع عمان مصادمات قوية بين قوات الأمن الأردنية ومجموعة من الفلسطينيين انتهت بسقوط قرابة ثلاثمائة قتيل، وهنا ردد جورج حبش قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مقولته الشهيرة «إن تحرير فلسطين يبدأ من عمان وبقية العواصم الرجعية»، وبعدها مباشرة تعرض الملك حسين لمحاولتى اغتيال فاشلتين، وثبت تورط المنظمات الفلسطينية فيها، فنشبت مصادمات جديدة راح ضحيتها قرابة الألف شخص، ووجه الملك حسين تحذيرا أخيرا لهؤلاء ودعاهم إلى مغادرة البلاد إذ لم يحترموا قانون الدولة التى يقيمون عليها، فدعت منظمة التحرير إلى ضرورة إقامة سلطة وطنية فى الأردن، وعدم الاعتراف بالسلطة القائمة، وراحوا يخططون فعليًا للانقلاب على الملك وتسببوا فى إحراجه أمام العالم بعدما قاموا بخطف ثلاث طائرات ألمانية والاتجاه بها إلى الأردن ثم تفجيرها، وهنا رأت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية ضرورة توجيه ضربة عسكرية استئصالية لكل المنظمات الفلسطينية الموجودة على أرض الأردن، وفى سبتمبر (أيلول) ١٩٧٠ بدأ الصدام، ورفض الملك حسين كل وسائل الضغط التى مارسها الرئيس عبد الناصر عليه ومارستها أيضا معظم الأنظمة العربية، وذلك للتراجع عن اجتياح جيشه للمعسكرات والمخيمات الفلسطينية، ووصل بعض الزعماء العرب إلى الأردن لوقف القتال، ولكن جهودهم باءت بالفشل وتم اعتقال المئات من الفلسطينيين وتم قتل الآلاف، بينما فر البعض إلى لبنان ومصر.. وساد الحزن فى الشارع العربى من المحيط إلى الخليج، وأصيب العرب بحالة من الاكتئاب، فالعربى يوجه فوهة بندقيته لأخيه العربى، والكل يتناسى أن الأمة كلها تعانى آثار النكسة والهزيمة وبدلا من لم الشمل وتوحيد الجهود، نتقاتل فيما بيننا، وقد سميت هذه الواقعة بأيلول الأسود والتى انتهت بدعوة الرئيس عبد الناصر لمؤتمر قمة عاجل فى القاهرة، وهو المؤتمر الذى توفى فى نهايته يوم ٢٨ سبتمبر وهو موضوع مقالنا فى الأسبوع القادم إن شاء الله.