السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ماذا قدمت الأحزاب للمصريين؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ أن أعاد الرئيس الراحل أنور السادات الحياة إلى التعددية الحزبية فى مصر عام 1976 من خلال ما سماه أولًا المنابر، ثم أطلق العنان لتشكيل الأحزاب مع وجود حزب رئيسى بمثابة عمود الخيمة للحياة السياسية، وكان على التوالى حزب الوسط ثم مصر العربى الاشتراكى ثم الحزب الوطنى الديمقراطى الذى استمر فى عهد مبارك، وانهار مع سقوط نظامه عام 2011.
نقول منذ ذلك الوقت والحياة السياسية فى مصر تعيش حالة مخاض استمرت قرابة الـ ٣٩ عاما ولم نر فى مصر تجربة حزبية ديموقراطية قائمة على التعددية الحقيقية حيث إن جميع الأحزاب التى بدأت على استحياء ثم أصبح عددها اليوم غير محدد، بالإضافة إلى الأحزاب تحت التأسيس وجميعها أحزاب أفراد بما فيها الحزب الرئيسى الحاكم، ولم أعثر على إحصائية دقيقة للأحزاب المصرية، ولم تشهد مصر أحزابًا جماهيرية بعد حل الاتحاد الاشتراكى العربى الذى كان التنظيم السياسى الوحيد فى مصر بالحقبة الناصرية سوى ثلاثة أحزاب فقط هى أحزاب الوفد والتجمع الوحدوى والعربى الناصرى، فكل منها تكون من خلفية جماهيرية ويستند إلى إطار مرجعى فكرى يفرقه عن الأحزاب الأخرى وتاريخيا يعتبر حزب الوفد هو الأقدم والأعرق منذ عام ١٩١٩ ويعتنق الفكر الليبرالى، أما حزب التجمع هو فعلا يعد تجمعا لليسار المصرى بكل فصائله، ويجوز لنا القول إنه يعتنق الفكر الاشتراكى الأقرب للماركسية، ثم الحزب العربى الناصرى وهو يمثل تطويرا لأندية الفكر الناصرى فى الجامعات المصرية التى تكونت فى سبعينيات القرن الماضى ويعتنق أفكار عبد الناصر باعتبارها النموذج للحياة السياسية المصرية عدا ذلك لا يمكن النظر إليها على أنها أحزاب حقيقية، لأنها كانت أقرب للديكور أو تجميل الصورة منها إلى التنظيم السياسى فلم تكن هناك رؤية لأى منها للتنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى مصر بشكل واضح باستثناء الأحزاب الثلاثة المشار إليها، بل يمكن القول إن كثيرا منها ليس له برنامج واضح يختلف عن غيره من الأحزاب.
ومن بين الأحزاب المصرية تأتى الأحزاب التى قامت على خلفية دينية ولم تعرفها الحياة السياسية بشكل فاعل إلا بعد عام ٢٠١١ مثل حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان، وحزب النور السلفى وهناك أحزاب أخرى أقل أهمية لعبت أدوارا هامشية ضمن ما يعرف بتيار الإسلام السياسى، وقد لعبت هذه الأحزاب على تسخير الدين من أجل تحقيق أهداف سياسية منتهزين فرصة حب الشعب المصرى للتدين بطبيعته السمحة، ولكن سرعان ما انكشفت هذه الأحزاب أمام الرأى العام، خاصة بعد انهيار حكم الإخوان المسلمين لمصر فى عام ٢٠١٣ ولم يتبق منها غير حزب النور.
إذن نحن أمام الحزب المسنود من السلطة وخلال الثلاثين عاما حتى ٢٠١١ كان الحزب الوطنى والأحزاب الثلاثة التى علقت عليها الآمال فى إدارة الحياة السياسية المصرية بعد انهيار الحزب الوطنى أو تحديدا بعد قيام ثورة ٢٥ يناير وهى أحزاب الوفد والناصرى والتجمع.
عندما قامت ثورة الثلاثين من يونيه لم يكن هناك سوى الظهير الشعبى المتمثل فى الجماهير التى نزلت إلى الشوارع والميادين، ولم يكن هناك موقف فى البداية يتسم بالوضوح للأحزاب الموجودة على الساحة السياسية والتى كانت فيما يبدو تراقب تطورات الموقف عن كثب، انتظارا لما ستسفر عنه هذه التطورات وفى أى اتجاه وإن كان كثير من الأعضاء المنتمين للأحزاب لم يتقيدوا بموقف المراقب، وانضموا إلى الجماهير وبعد انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى، كان من المفترض أن تشكل الأحزاب الجماهيرية الثلاثة جبهة موحدة وراء الرئيس، ونسيان خلافاتها التاريخية ولكن لم يحدث حتى عندما طلب السيسى تفويضا من الشعب، لم تكن الأحزاب السياسية عنصرا فاعلا فى هذا التفويض، وهكذا أصبح الرئيس يعتمد على الظهير الجماهيرى، ولم يكن له ظهير سياسي بمعنى وجود حزب سياسى يساند الرئيس خطوة بخطوة، الأمر الذى وضح للرأى العام أن الرئيس السيسى يخوض معاركه وحده، معركة ضد الإرهاب وأخرى ضد الفساد، وثالثة ضد التخلف وعوامل التخاذل، ولم تقدم الأحزاب برامج واضحة لمكافحة الإرهاب وكيفية اقتلاع الفساد فى مؤسسات الدولة وخططًا للتنمية المجتمعية ودفع عجلة الإنتاج إلى الأمام حتى مشروع تنمية قناة السويس كان بقرار من الرئيس، وتحت إشراف القوات المسلحة جاء التنفيذ.
وكنت أتصور أن الأحزاب المصرية ستسارع إلى تقديم خبراتها لكيفية الاستفادة من مشروع تطوير قناة السويس، وفتح مجالات جديدة للعمل والتنمية الشاملة، بما ينقل مصر إلى مرحلة أخرى لتخرج من عنق الزجاجة التى قبعت فيها خلال السنوات القليلة الماضية!