نكمل اليوم أسباب القلق من وجود السلفيين ورجال الأعمال فى البرلمان المقبل..
رابعًا: فيما يتعلق بالحركة السلفية نحن نواجه أكثر التيارات كذبًا ومراوغة على الساحة، ويبدو ذلك واضحًا فى حالات شيوخهم النجوم، أصحاب الشعبية الكاسحة وبالذات فى الريف، جراء إنفاقهم جزءًا من الأموال التى تدفقت على الهياكل السلفية فى مصر من دول الخليج لسنوات.
إذ يتنقل وربما «يتزفلط» أولئك المشايخ من موقف إلى آخر بمنتهى عدم الاكتراث بما ورد على ألسنتهم فى السابق من أفكار أو ما قطعوه على أنفسهم من عهود، وتتجلى زئبقية ذلك التيار فى مسألة تحريم الدستور لنشأة أحزاب (دينية) إذ كانت حجتهم الجاهزة فى هذا الإطار هى أن أحزابهم ليست دينية، ولكنها ذات (مرجعيات دينية)، وهى فكرة لا تقف على قدميها من فرط ضعفها، ومقارنة ذلك الوضع بالأحزاب المسيحية فى أوروبا هو خرق متكامل الأركان، لأن فكر تلك الأحزاب هو جزء من الثقافة الأوروبية ويخضع لتأثيرات مرحلة النمو الاقتصادى والاجتماعى وانعكاساتها السياسية، أما عندنا فنشأة أحزاب لها هذا السمت سوف تؤدى إلى سحب الجدل السياسى وربما الصراع السياسى إلى حال استقطاب دينى.
هم يلفون ويدورون طوال الوقت، ولكن بعض تسجيلات تتسرب هنا أو هناك لياسر برهامى ونادر بكار والشيخ محمد حسان والشيخ الحوينى وغيرهم تؤكد أن الفكرة الباطنة عند السلفيين هى التطرف والإيغال فيه إلى حد التكفير، ونظرة واحدة إلى جماعات الجهاد التكفيرى التى تحاربنا فى سيناء تقول إن أصول الكثيرين من أعضائها ينتمون إلى تيارات سلفية قولًا واحدًا.
أما عن دور رجال الأعمال فى مجلس النواب الوشيك انتخابه فهو يقلقنى للاعتبارات التالية:
- ولاءات الطبقة القائدة لرجال الأعمال الدولية المرتبطة بشركات متعددة الجنسيات، وهي - بطبيعة الحال - واجهات مخابراتية فى كثير من الأحيان، وسوف يكون توجيهها السياسى لوكلائها فى مصر بعيدًا عن الارتباط بمشروع الرئيس عبدالفتاح السيسى لبناء مصر الجديدة والقائم فى إحدى ركيزتيه على (الاستقلال الوطنى فى مواجهة التبعية) فضلًا عن صدامهم التاريخى مع ما تمثله الركيزة الثانية لمصر الجديدة وهى (العدل الاجتماعى فى مواجهة رأس المال المستغل).
- رجال الأعمال يضعون أنفسهم كبديل متحضر للإخوان، ولكنهم لا يختلفون كثيرًا عنهم فى ميولهم الإقصائية المخيفة ورغبتهم فى حجب كل صاحب رأى يخالفهم، كما أنهم كانوا - دائما - على استعداد للتحالف مع الإخوان وقت سيطرتهم على الحكم، فمنهم من ادعى أن اسمه الأصلى حسن البنا، ومنهم من نافق مهدى عاكف قائلا إنه صار من أكبر حوارييه، ومنهم من رتب رحلة بسفن نيلية فيها من الطعام والشراب ما يبهر، لحرم محمد مرسى (أول جاسوس مدنى منتخب) وصديقاتها، ومنهم من طبع كتيبًا يحوى أربعة وثلاثين صورة ملونة لمحمد مرسى عند نجاحه بالتزوير فى الانتخابات، وجميعهم يدعون الآن - وبالذات عبر أذرعهم الإعلامية - أنهم كانوا ضد الإخوان ومع السيسي!!
- فكرة شراء النائب والمقاولة عليه قبل الانتخابات تهبط بالتمثيل النيابى إلى درك رخيص جدًا، وتفقد النائب مصداقيته، وسوف يصير - وفقًا لذلك الوضع - موظفًا لدى رجل الأعمال وليس الشعب الذى انتخبه.
- وضع رجال الأعمال فى مجلس النواب القادم يعيد إلى الأذهان المقولة التاريخية لثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ التى جاءت لتسقط الارتباط «بين رغيف الخبز وتذكرة الانتخابات» ويؤكد ذلك حشد كل رجل أعمال لعماله وموظفيه كى يؤيدوا مرشحه أو مرشحيه المختارين للمجلس.
- البرلمان - بالنسبة لرجال الأعمال - يعنى الحماية الشخصية كما الإعلام الذى امتلكوا منصاته الصحفية والفضائية والإلكترونية، إذ يعنى امتلاكهم للبرلمان السيطرة على أداة أخرى للتعبير الديمقراطى وكسر عنقها وإجبارها على السير فى ركابه كما الإعلام.
- رجال الأعمال يستغلون بظهورهم الكثيف على ساحة الانتخابات البرلمانية اجتياح النظام لسد الفراغ السياسى الذى أكده الخطأ التاريخى لعدم السماح بخلق ظهير حزبى للرئيس، ورجال الأعمال لا يريدون أن يكونوا حزبًا للرئيس ولكنهم يريدون أن يكونوا حزبًا للتحكم فى الرئيس.