تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
ما هو الأنفع لحافظ ابو سعدة ؟..ان يكون معارضاً شتاماً لعاناً للداخلية والجيش والرئيس السيسي ، ام ان يكون ناشطاً حقوقياً يجنب اراءه الشخصية والسياسية ويلتزم بتطبيق قواعد ومعايير حقوق الانسان.. أسمح لي ان اجيب ، بالطبع الخيار الاول ..فهو صانع الابطال والمناضلين والتمويلات و لايكات " الفيس بوك" وريتويتات "تويتر" ، حل يضمن له رضاء المؤسسات الدولية وترحيب الاخوان وانتباه الحكومة لاسترضائه ..وربما يصبح وزيرا او نائبا لرئيس الجمهورية في يوم من الايام !
الا ان ابو سعدة اختار الخيار الثاني الاصعب ، لعله تذكر كلمة المسيح الخالد "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ، في عام 2004 حينما قبل عضوية المجلس القومي لحقوق الانسان وهاجت وماجت علية مؤسسات حقوقية يرأسها نشطاء من زملائه ورفاق مشواره ،سألته يومها لماذا قبلت ومتى ستستقيل ؟ وكان رده "تفتكر ما الافضل " قلت له الاستقالة بطولة ونجومية وشو إعلامي ، البقاء قد يحمل توازنات ومواءمات قد تسحب من رصيدك المحلى والدولي ، قال لى أنا مع أي انجاز ممكن نحققه للإنسان المصري ، انا قضيت جزء كبير من حياتي بدافع عن حقوق ناس كتير في المحاكم لكن ولا عمرى حسيت انى حققت لهم حاجة بجد ، جربنا مع النظام كل الانتقادات المعنوية المحلية والدولية لكن كل ده كان بلا تأثير لا حد فاهم ايه هي حقوقه ولا حد عارف يتصرف أزاي لما يد السلطة الغليظة تبطش بيه ، وعضوية المجلس فرصة مهمة لإقناع النظام والحكومة من داخل كيان كلنا طالبنا بيه وتمت الاستجابة اليه ..احنا جربنا العداء مع النظام اكثر من عشرين سنه ..اية المانع لما نجرب التفاوض .
قد تندهش حينما تسمع الاخوان يهاجمون حافظ ابو سعدة بسبب زيارات السجون ، رغم انه كان واحدا من المتهمين قبل 25 يناير بالدفاع عن الجماعة ، لقد تبنت المنظمة المصرية لسنوات عديدة الدفاع عن المعتقلين السياسيين لا سيما اعضاء الجماعات الاسلامية بداية من الاخوان وحتى الجهاد ، بل كان حافظ يدافع شخصيا عن الكثيرين منهم وقت محاكمتهم عسكريا ، وكان يعمل لديه في المنظمة اثنين من نجومهم في الخارج اسلام لطفى ، وسلمى اشرف عبد الغفار ، لكن حافظ ارتكب خطيئة في حق الجماعة ..لقد ادان حافظ الارهاب واستئثار الاخوان بالسلطة ، وكان معارضا شرسا للإخوان طوال عهد مرسى ، ثم كان من طليعة المؤيدين لثورة 30 يونيو ، ومنذ ذلك الوقت وهو موضوع على لوحة تنشين الجماعة ، ومصوبه الى رأسه سهام بذاءات ولعنات وشتائم لجانها الالكترونية .
لم يخف حافظ في لحظة من اللحظات انه ينتمى لفكر جمال عبد الناصر ، بل وفى وقت دراسته الجامعية كان مطاردا من رجال امن الدولة بتهمة الانتماء للتنظيم الناصري المسلح وثورة مصر ، وتم اعتقاله وتعذيبه من جانب ضابط امن الدولة آنذاك حازم حمادي عضو مجلس الشعب ذلك ولا زال اثر التعذيب على وجه الى وقتنا الحالي ، لقد تركت التجربة اثرا عميقا في نفسه ، لم تتحول الى طاقة تدمير بل تحولت الى قوة تسعى الى حماية الاخرين ، وهو ما وجده في المنظمة المصرية التي بدأ العمل بها محاميا صغيرا سرعان ما وصل الى قياده المنظمة في عام 1994 حينما قرر نجاد البرعى وقبله بهى الدين حسن ان يصبح لديهم كيانات منفصلة فأسس البرعى جماعة تنمية الديمقراطية ، واسس حسن مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ، واصبح ابو سعدة وحيدا في المنظمة ، بل وتعرض لحرب عنيفة ومطالبات سخيفة من مؤسسين سابقين للمنظمة طالبوه بإغلاقها ، الا انه اصر على الاستمرار الى ان قبض علية عام 1998 ومرة اخرى عام 2000 في قضية التمويل الأجنبي الاولى وكان محبوسا في سجن طرة وتعرضت المنظمة لازمة طاحنة لم يبقى بعدها احدا فيها .
خرج ابو سعدة من ازمته وقرر اعادة بناء المنظمة ، ونجح في استقطاب شباب جدد من المحامين الذين اصبحوا نجوم اليوم من النشطاء ،وعندما وضعت الحكومة قانون الجمعيات الاهلية عام 2002 كان حافظ اول الموفقين لأوضاع المنظمة وفق القانون الجديد رغم اعتراضه عليه وهجوم رفاقه عليه مرة اخرى وكان رده لا يوجد لدى المنظمة او لدى شخصيا ما اخفيه على أي أحد ..المنظمة ستعمل في النور وتحت رقابة الدولة .
غالبية نشطاء ما بعد 2011 ورثوا كراهية وحسد رفاقه القدامى له ، فلقد كان ظهور أبو سعدة المكثف في وسائل الاعلام وارتباط فكرة حقوق الانسان به امر مربك لهم ، فهو نجم لامع داخل وخارج مصر ، بل زادت الوتيرة حينما كسر "تابوهات" التعامل مع الدولة وارسل مذكرة لرئيس الجمهورية تتضمن رؤية المنظمة لتعديل الدستور 2005 وفى القلب منها انتخاب رئيس الجمهورية وقصر مده الرئاسة على مدتين وفى اعقابها عدلت الدولة مسارها واصبح منصب رئيس الجمهورية بالانتخاب ثم كانت للمنظمة معركة كبرى مع تعديل المادة 76 ، وتحديد مده الرئاسة ، خاض ابو سعدة هذه المعركة مع حركة حقوق الانسان مع نظام الرئيس مبارك قبل ظهور البرادعي ونشطاء ما بعد يناير.. ثم خاض معركة مراقبة الانتخابات في وقت لم يكن يسمح فيه بأي رقابة على الانتخابات ..ثم خاض معارك من اجل وقف التعذيب في السجون واماكن الاحتجاز والسماح بزيارتها ..في وقت لم يكن معتادا فيه ذلك وقبل ظهور البرادعي او أي من نشطاء ما بعد يناير الذين فتحوا السنتهم الشاتمة عليه .
ما يتعرض اليه ابو سعدة بعد زيارة سجن العقرب ومقارنته السخيفة بمشهد فيلم البريء حينما التزم بالمعايير الدولية لزيارة السجون وقام بتذوق الطعام المقدم للمساجين، وحملة التخوين واسعه النطاق التي قام بها الاخوان واتباعهم في مؤسسات حقوق الانسان واشترك فيها البرادعي الذى كان نائبا لرئيس الجمهورية واختار تشكيل مجلس حقوق الانسان وتركزت في النهاية على حافظ ابو سعدة وعلى القضاء عليه واغتياله معنويا وهو ما يتزامن مع محاولة تشويهه دوليا لقتله وقتل المنظمة المصرية ومكانتها في حركة حقوق الانسان في مقابل صعود نجوم جدد يتم تهجينهم الآن من نشطاء يناير ورجال البرادعي في مصر للاستيلاء على هذا الدور وإصدار الرسائل المطلوبة سياسيا والمرضى عنها أمريكيا ..ولتذهب حقوق الانسان الى الجحيم.