السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إدارة الأزمات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظاهرة اعتصام أمناء الشرطة بالشرقية، وإيقافهم العمل فى أقسام الشرطة، واقتحام مديرية الشرطة ومنع مساعد وزير الداخلية من دخولها، تمثل فى نظرنا ظاهرة بالغة الخطورة ينبغى أن نتعامل معها بطريقة علمية وقانونية ومؤسسية سليمة.
ولا يغيب عن البال أن هذا الإضراب العشوائى يضر ضررا بليغا ليس فقط بعموم المواطنين الذين أضيروا من وقف العمل بالأقسام، ولكن أيضاً بسمعة البلاد حين يذيع أن بعض قوات الأمن قد أضربت لأنها ترفع مطالبات- بعضها مشروع وبعضها مطالب تعجيزية لا تستطيع الحكومة الاستجابة لها- لأنها تتطلب– وفق تصريحات قيادات الداخلية- تعديلات تشريعية.
وجوهر الموضوع أن الشرطة- بحسب نصوص الدستور- هيئة مدنية شبه عسكرية، ولذلك لا تنطبق عليها القوانين الصارمة التى تطبق على القوات المسلحة.
والواقع أن مشهد الاعتصام يدل دلالة واضحة على انهيار قواعد الضبط والربط لو استخدمنا المفهوم العسكرى التقليدى، والذى يعنى احترام المرءوسين للرؤساء وعدم العدوان على مكانة القيادات وإطاعة الأوامر، وإن كانت هناك مطالبات مالية أو غيرها فإنها تقدم بالطريق القانونى.
وقد حاولت وزارة الداخلية حل الأزمة حين أرسلت مساعد وزير الداخلية للتفاوض مع المعتصمين الذين أصموا آذانهم عن الاستماع، بل منعوا مساعد الوزير من دخول مقر مديرية الأمن.
وتم استدعاء قوات من الأمن المركزى وكادت تحدث مواجهة عنيفة بينها وبين المعتصمين لولا أن صوت العقل تغلب أخيرا بعد تدخل رئيس الوزراء المهندس «محلب» والذى وعدهم بالنظر الموضوعى فى مطالباتهم بعد أن تنازلوا عن شرط أن يتفاوضوا أساسا مع مندوب من الرئاسة.
وقد انفض المعتصمون إلا أنهم وجهوا إنذاراً إلى وزارة الداخلية يقول إنهم أمهلوهم حتى 8 ديسمبر، وإن لم يتم تنفيذ مطالباتهم على الفور فإن الإضراب سيشمل أقسام الشرطة فى الجمهورية كلها!
وهذا للحق والتاريخ ضرب من ضروب الابتزاز غير المقبول لأجهزة الدولة، لأن هذا الأسلوب الغوغائى لو ساد بين قطاعات الموظفين الأخرى لسادت الفوضى أرجاء البلاد.
ومن هنا لا بد أولا من تشكيل خلية دائمة لإدارة الأزمات بمجلس الوزراء، تضم مجموعة من الخبراء الإداريين بالإضافة إلى متخصصين فى فروع مختلفة لمواجهة مثل هذه الإضرابات والاحتجاجات.
غير أن إنشاء خلية للأزمات ليس سوى حل سريع لضمان مناقشة المضربين سواء من بين أمناء الشرطة أو من بين جموع الموظفين الرافضين لقانون الخدمة المدنية، مع أن هذا القانون محاولة متأخرة حقا لمواجهة الترهل الإدارى فى الدولة التى وصل تعداد الموظفين فيها إلى 6 ملايين موظف يتقاضون أجورا ومرتبات سنوية تصل إلى 26% من الموازنة العامة! مع أنه حسب التصريحات الرسمية فإن العمل فى الجهاز الإدارى للدولة لا يحتاج إلا إلى ربع هذا العدد!
ومع ذلك فهؤلاء المعترضون يرفضون مسألة الامتحان عند بدء التعيين، ويرفضون اجتياز الدورات التدريبية للترقى ويرفضون فصل الموظفين الكسالى وغير الأكفاء، أى أنهم ببساطة يرفضون كل الجهود الإيجابية التى ترمى إلى تجويد العمل الإدارى خدمة للمواطنين الذين يشتكون مرّ الشكوى من البيروقراطية والفساد.
ولو عدنا مرة أخرى لحالة اعتصام أمناء الشرطة فهناك احتمال أن يتكرر مرة ومرتين وثلاثة، وخصوصا إذا خضعت وزارة الداخلية لابتزاز المعتصمين وخصوصا بالنسبة لمطالبهم غير المعقولة.
ولذلك نتصور نظريا أننا فى حاجة ماسة إلى تغيير النصوص الدستورية والقانونية الخاصة بهيئة الشرطة باعتبارها هيئة مدنية واعتبارها هيئة عسكرية خالصة ينطبق على من يعملون فيها ضباطا كانوا أو أمناء أو جنودا قانون الأحكام العسكرية بكل ما يتضمنه من ضمانات قانونية للمتهمين، وما يتميز به من سرعة كبيرة فى إجراء المحاكمات وإصدار الأحكام، وخصوصا أنه تم تعديله مؤخرا ليصبح على درجتين بدلا من درجة واحدة، حتى يباح لمن تصدر عليهم الأحكام أن يرفعوا – وفقا لقانون الإجراءات الجنائية العسكرى- نقضا للحكم.
وبذلك تتحقق العدالة كاملة كما هو الحال بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية الذى يطبق على المدنيين.
هذا هو الحل الجذرى لمشكلة إضرابات واعتصامات رجال الشرطة.
أما بالنسبة لإضراب الموظفين فليس هناك أى مانع من إقامة حوار بينهم وبين وزارة التخطيط لا لإلغاء القانون، وإنما للتعديل الجزئى لبعض مواده حتى نبقى على فلسفته الأساسية وهى إعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة بصورة عصرية تضمن جودة الأداء وسرعة الإنجاز.