السبت 05 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

بودلير.. مبدع قصيدة النثر

 الشاعر الفرنسي شارل
الشاعر الفرنسي شارل بودلير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مثل هذا اليوم، 31 أغسطس من عام 1867، توفي الشاعر الفرنسي شارل بودلير، الذي يعد الأب الروحي لفن قصيدة النثر.
نشأة مضطربة
ولد بودلير في 9 إبريل 1821، وكان والده كاهنًا، ترك الرهبانية خلال الثورة، ووظِّف في الإدارة، وكان يتقن اللغة اللاتينية والرسم، وحين مات كان عمر شارل ست سنوات، ويحب الرسم كأبيه، وكان عمر أمه 26 عاما، تزوّجت أمه بعد وفاة زوجها بأربعة أعوام، من رجل عسكري كان يعامله بقسوة، فنشأ بودلير متشردا رث الثياب، غير مبال بأي شيء.
التحق "بودلير" بكلية "لويس الكبير"، ونال الجائزة الثانية في الشعر اللاتيني هناك، ولكنه طرد منها لعدم انتظام سلوكه، كما كانت حياته العاطفية سيئة أيضا، ما أدى إلى اضطراب حالته النفسية، فكان يستمتع بألمه الذاتي، وبإيلام الآخرين، ويسعى إلى تدمير نفسه والمجتمع بنفس الدرجة.
شاعر الإباحية
و"بودلير" يعد رائد الحداثة بلا منازع، فقد أدى فشله في حياته إلى إنتاج قصيدته الرائعة "أزهار الشر"، لكنه هوجم أيضا بسبب شعره، وكانت الصحف ترفض النشر له، إضافة إلى إحساسه الدائم بالعَوَز والفقر، وتضييق الدائنين عليه، حتى أقيمت ضده دعوى قضائية، تتهمه بالإساءة إلى الآداب العامة والدعوة للإباحية، وتم تغريمه 300 فرنك، كما تم حظر طباعة ديوانه.
ولكن تمت تبرئته قبل وفاته من تهمة الإساءة إلى الآداب، ولكن تهمة الإباحية ظلت لصيقة به حتى وفاته.
كان بحثه الدائم في علاقاته النسائية عن حنان أمه الذي فقده صغيرا، وميله الدائم إلى مخالفة القواعد، دافعه للارتباط بجان دوفال، وهي فتاة سمراء قادمة من إحدى جزر الهند، ما أبعد عنه أمه وكبار الكتاب، خاصة بعد إصابته بالزهري، وإدمانه على الأفيون.
كان إنتاج شارل بودلير الأدبي غزيرا، رغم قصر عمره، وتكرار أزماته النفسية والصحية، فكتب أزاهير الشر، من طبعتين، وسلسلة نثريات، ومشروع سيرة ذاتية بعنوان "قلبي المعرى"، وديوان سأم باريس الذي طبع بعد موته.
يقول بودلير في مقدمة أزهار الشر: "أيها القارئ الهادئ والمولع بالطبيعة الرزين والإنسان الطيب اِرمِ هذا الكتاب النجس العاهر والسوداوي، إذا لم تكن قد تعلمت البلاغة على يد الشيطان، أستاذنا الأكبر اِرمِه! فلن تفهم شيئًا أو أنك سوف تعتقدني هستيريًّا..".
ويقول عن نفسه في أحد خطاباته: "أنا إنسان مريض شنيع الطباع، والذنب هنا هو ذنب أبواي.. من جراهما يسري البِلى في نسجي وتنحل عراي، وترث قواي، ذلك مَن يُولد من أم في السابعة والعشرين وأب طاعن في الثانية والستين، فتأمل يا صاح.. خمسة وثلاثون عامًا بين الإثنين، تقول إنك تدرس علم البنية والطبائع، ألا فسل نفسك عما ترى في الثمرة الناتجة عن قران كهذا القران؟!".
قيل عن بودلير:
جان بول سارتر: موقف بودلير الأصلي هو موقف العاكف على نفسه يتأملها كنرسيس الأسطورة.. فليس لديه شعور مباشر لا تخترقه نظرة مرهفة.. نحن عندما نتأمل مثلًا شجرة أو بيتًا نستغرق في هذه الأشياء وننسى أنفسنا، أما بودلير فإنه لا ينسى نفسه أبدًا..
البروفيسور مارسيل: يقول الباحث بعد مرور أكثر من قرن على موت بودلير، لا يزال صاحب "أزهار الشرّ" يهيمن على الشعر المعاصر.. وهذا لا يعني التقليل من أهمية رامبو أو لوتريامون أو مالارميه الذين جاءوا بعده مباشرة.. ولكنّ بودلير على عكس رامبو ولوتريامون لم يكن رجل الكتاب الواحد.. فشعره لا يشكّل عُشْر مؤلّفاته.. فقد كان ناقدًا فنيًا وأدبيًا، ومترجمًا شهيرًا لمؤلفات إدغار آلان بو، إضافة إلى كونه شاعرًا عبقريًا.
فكتور هوجو: كان هيغو أول المتعاطفين معه، مبديا إعجابه بما كتبه.. قال: "لقد أحدثت بديوانك هذا زلزالا جديدا في سماء الفن والثقافة".