الدولة تسلّمهم "ابنى بيتك" والبدو يقتلون ويسرقون في "أكتوبر" باسم الحماية
■ شركات حكومية عينتهم بعقود حراسة.. ويتقاضون رواتبهم بـ«الشيكات»
■ شيوخ البدو: لا نحصل على إتاوات.. لكن «بدل حراسة»
■ تسعيرة شيوخ القبائل: الحفر 500.. بناء الأساسات 600.. الأعمدة 500.. السقف 1000.. والدور الثانى 1600 جنيه
الإتاوة فرض، ومن يرفض يدفع الثمن حياته، هكذا يرفع عربان المدن الجديدة شعارا مختلفا لـ«البلطجة» فى ظل غياب أو قل تعتيما متعمدا من قِبل الأجهزة الأمنية، إذ شهدت منطقة «ابنى بيتك» بمدينة السادس من أكتوبر أحداثا مريرة خلال الفترة الماضية، وتحديدا عقب ثورة يناير، فهناك لا صوت يعلو فوق نبرات التهديد وطلقات الأعيرة النارية التى تصيب من تصيب مجرد أن يمتنع عن دفع «الإتاوة»..!! سكان مشروع «ابنى بيتك»، استنجدوا بـ«البوابة»، بعد أن تطور الوضع وشهدت المنطقة العديد من السرقات وحالات القتل والتصفية من قبل العربان الذين يبررون فرض الإتاوة بحماية السكان وحراسة العقارات والمصانع. لا يتوقف الأمر عند «فرض الإتاوات»، بل امتد إلى بيع مساحات شاسعة من الأراضى المملوكة للدولة بزعم أنها تقع داخل مناطق نفوذهم القبلى، وسط مؤشرات حول «مواءمات» مع بعض المسئولين ساعدت هذه «العصابات» فى الخروج عن القانون دون محاسبة كما يبدو الوضع حاليًا.
محيط مشروع «ابنى بيتك» القريب من «مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا»، و«القرية الكونية»، لا وجود للأمن، فـ«العربان» يطلقون النار فى الهواء وعلى السكان أيضًا، بل أطلقوه مؤخرا على رئيس جهاز مدينة ٦ أكتوبر، العام الماضى، وتحفل أقسام شرطة ٦ أكتوبر بالعديد من المحاضر التى تروى تلك الوقائع.
راح هؤلاء يفرضون الإتاوات على سكان «ابنى بيتك»، الذين يبلغ عددهم ٤٢ ألف نسمة، وتتراوح قيمتها بين ٢٠٠ و١٠٠٠ جنيه، مستغلين بعض الوسائل لترويع المواطنين منها إشعال الحرائق فى المزارع، والاعتداء البدنى، ومن يعترض يكون جزاؤه سرقة شقته أو سيارته أو خطف ذويه والمطالبة بـ«فدية» ولا يسلم هو شخصيًا من اعتداءاتهم، على حد قول أحد السكان.
الغياب الأمنى «لا مبرر له»، بحسب وصف السكان، الذين أشاروا إلى نقطة مهمة، إذ اتهموا عناصر بدوية بالتعاون مع أنصار جماعة «الإخوان»، وإخفاء بعضهم فى الصحراء، مستغلين عدم قدرة الأجهزة الأمنية على تعقب أثرهم، فضلًا عن احتلال «وحدات سكنية» بقوة السلاح.
هذه العصابات تعيش داخل مجتمع «ابنى بيتك»، وهيئة المجتمعات العمرانية يبدو أنها استسلمت لـ«قانون أرض الواقع»، فأبرمت اتفاقًا مع أحد مشايخ البدو المشهورين بالمنطقة، لحماية أراضى «الحزام الأخضر»، مقابل ٣٠ ألف جنيه شهريًا، وذلك بعدما قررت سحب الأراضى من مالكيها، وبالفعل يقوم هذا البدوى الآن ومعه ٢١ من العربان بالسيطرة على المنطقة، وترويع المواطنين، للحيلولة دون استعادة ممتلكاتهم، بحسب شهادات حصلت عليها «البوابة».
ووفقا للأهالى، منطقة الحزام الأخضر، التى تضم ١١٠٠ فدان من الأشجار، تعد الملاذ الآمن لهذه القبائل، إذ يقول الشيخ «أ م»، زعيم المنطقة السابعة، والمسئول عن جمع الإتاوات فى منطقة مشروع «ابنى بيتك»: «نحرس المنطقة منذ أكثر من ١٠ سنوات، ولا نتحصل على أكثر من ٣٠٠ جنيه من كل قطعة شهريا، وهذه المبالغ حق لنا، فالمقاول الذى يأتى لبناء قطعة لأحد هو الذى يشوه سمعتنا، فنحن نطلب مبلغا معينا من صاحب القطعة، والمقاول يطلب الضعف على أساس أننا نحصل على هذه المبالغ، وهذا يرجع إلى خوف صاحب القطعة من التعامل معنا، وبعض الناس يخافون منا، ولكن أوجه نداء لكل أصحاب القطع تعالوا نتفاهم، ما تسمونه إتاوة هو حق لنا».
من جانبه تابع فهد سالم، المشرف على المنطقة السابعة «و»: نحن نساعدهم فى بناء القطع، ولا نرى صاحب القطعة، والمتعامل معنا هو المقاول، ونحن نبيع مواد البناء، لأنها تأتى عن طريقنا فقط».
وقال الحاج سعيد، أحد المستفيدين بمشروع «ابنى بيتك»، إنه منذ شهر رمضان يعانى من انقطاع الكهرباء والمياه، إلا أن مشايخ العرب أنهوا الأزمة عن طريق توصيل كبل خارجى.
بينما أضاف أحد السكان -رفض ذكر اسمه: شركة المقاولون العرب هى السبب الرئيسى فى تضخم الأزمة، إذ تتعمد البطء فى الإجراءات لمصلحة الجهاز التنفيذى، وعليه نعانى من مشكلة كبيرة متعلقة بجودة المرافق العامة، وبخصوص العربان فهم يرأسهم كبير العربان الشيخ أشرف العمدة، والأخير نتوجه إليه لينهى أزماتنا، فالرجل لا يعنيه إلا المقابل المادى لحراستنا فقط.
واستطرد الشيخ فرج مسئول المنطقة السابعة «ه»: مجلس العربان، يجرى مزادا بين كبار المشايخ، وكل منهم يقدم مبلغ ٣٠ ألف جنيه، مقابل حراسة قطعة معينة، وبعدها يدفع المبلغ شهريا لكبير العربان الشيخ أشرف العمدة، كبير منطقة طريق الواحات والشيخ على مبارك، وزير الدفاع المنطقة، على حد وصفهم.
ومن المنطقة السابعة إلى المنطقة الثانية، الأخيرة تتعرض لمشاكل عدة أبرزها أن العربان يتبعون مع الأهالى سياسة «فرق تسد»، عن طريق الفتنة بين السكان لإبعادهم عن أى مشاركات إيجابية لصالح المنطقة، إذ نجحوا فى «تطفيش» سكان المناطق الخمس الأولى بهذه الطريقة، إذ يفرضون فى البداية حظر تجوال على الأهالى والعمال بعد السادسة مساء، ومن يخالف التعليمات يتهم بالسرقة، وكذا استعانوا ببعض السكان لمعرفة من باع أو اشترى فى المنطقة لفرضة إتاوة بيع وشراء تصل إلى ٥ آلاف جنيه، بينما تصل إتاوة المنزل لقرابة الـ ٢٤٠٠ جنيه عن العام الواحد.
وفى زمن الانفلات الأمنى بعد الثورة، استعانت شركات المرافق الحكومية والخاصة، فى «ابنى بيتك» بالعربان كشركات حراسة لحماية المعدات والمواسير والكابلات والطرق بعقود رسمية، علما بأنهم يتقاضون رواتبهم الشهرية بـ«الشيكات»، مما أعطاهم الشكل الشرعى والقانونى لممارسة البلطجة على السكان والأهالى.
عبد الناصر محمد، من المتضررين ومقيم بالمنطقة الثانية يقول: العربان سرقوا منزلى بالكامل، وكذا تعرض علاء جارى لحادث سرقة نقل على إثره إلى المستشفى بعد سرقة الأجهزة المنزلية بالكامل، وتهديد هؤلاء العربان لا يتوقف عند حد الكلام فقط، وإنما يتم إطلاق النيران، وذلك لإرهاب المواطنين، وإجبارهم على دفع الإتاوات، بعدما رفض عدد كثير منهم الدفع، وللعلم هذه الإتاوات يتم تحديدها بناء على ما سينفذ من المشروع، فبناء الأساسات يختلف عن بناء السقف، وتكلفة الحفر تبلغ ٥٠٠ جنيه، أما بناء الأساسات فيدفع المستفيد ٦٠٠ جنيه، وبناء الأعمدة يتكلف ٥٠٠ جنيه، أما بناء السقف فيبلغ ١٠٠٠ جنيه ووضع أساسات الدور الثانى ١٦٠٠ جنيه، وهذا القانون فى الإتاوات يتم فرضه على جميع المستفيدين بهذا المشروع، والذى يصل عددهم قرابة ١٦ ألف شاب، ومن لم يدفع الإتاوة يتم تهديده بأن حياته ستكون الثمن، الأمر الذى جعل كل الشباب مجبرين على دفعها، خصوصا أن الشرطة ينطبق عليها المثل القائل «لا حياة لمن تنادى»، على الرغم أن جميع أسماء هؤلاء العرب معروفة لدى جميع أقسام الشرطة.
وطالب جميع المسئولين عن مشروع ابنى بيتك بضرورة عمل بوابات حراسة وأمن، حول جميع مداخل المشروع لمنع دخول أى بدوى وإنقاذ جميع الشباب من أن يكونوا تحت رحمة هؤلاء البدو، بينما قال أحد العربان: لا نسرق أحدا، عملنا هو حراسة السكان، وما نجمعه من إتاوات مقابل حمايتهم.
وأضاف «م. ه»، أحد مستفيدى المنطقة الثانية بمشروع ابنى بيتك بأكتوبر- هناك حوادث كثيرة وقعت خلال الشهور الماضية بالمنطقة الثانية من المشروع، وذلك عندما جاء مجموعة من العرب لفرض إتاوات، ووجدوا مجموعة أخرى من العرب موجودة هناك، ونتج عن ذلك اشتباكات بالأسلحة النارية، الأمر الذى أدى إلى حرق الكافتيريا الموجودة بالمنطقة الثانية، وهؤلاء العرب قاموا بتقسيم مناطق المشروع، ليرأس كل قائد عددا من البلطجية، ويقومون على الفور بتحصيل الإتاوات من كل منطقة على حدة، ولعل أبرز هؤلاء، الشيخ جبريل، والريس فايز، وعبد الله العرباوى، ومحمد الجن، ويسرى السويسى، والشيخ عيد الصاروخ، وصبحى الجن، وعندما يشتعل الخلاف بين هؤلاء العربان على الإتاوات تشتعل بينهم الاشتباكات، وسرعان ما تأتى الشرطة إلى المكان للمعاينة، فتقوم بعدها بالقبض على عمال البناء بالمشروع، الذين ليس لهم أى ذنب بل هم الضحايا ولا تقوم على الإطلاق بالقبض على هؤلاء العربان. وشهد مشروع «ابنى بيتك»، فى الفترة الماضية، الكثير من عمليات السرقة والتهديد للأهالى والشروع فى قتلهم، جاءت آخر القضايا اغتصاب ابن فايز الشهبانى «زعيم العربان» فى المشروع، الطفل «يوسف. ا» الذى لم يتجاوز عمره السنوات الثمانى، وناشد سكان المنطقة كثيرًا توفير الأمن وإنشاء كمائن شرطة ثابتة ومتحركة.