الجمعة 25 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

ملفات نساء الإخوان والسلفيين في محكمة الأسرة

آخر صيحات الطلاق السياسى

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى أوائل شهر فبراير الماضى من عام 2014، أطلق الشيخ مظهر شاهين، إمام مسجد عمر مكرم، فتوى دعا فيها الأزواج المصريين إلى تطليق زوجاتهم الإخوانيات، لأنهن «قنبلة موقوتة فى غرفة نومك»، حسب وصفه، فيما تبرأت دار الإفتاء ووزارة الأوقاف ومؤسسة الأزهر من تلك الفتوى.
الجدل السياسى الدائر منذ يوم الثالث من يوليو عام 2013، وعزل جماعة الإخوان الإرهابية، وصل إلى داخل المنازل، وجعل محاكم الأسرة تستقبل حالات خلع أو طلاق لخلافات سياسية، فمنها الذى تزوجت من إخوانى وأفتى بتكفيرها، وأخرى زوجها شارك فى اعتصام النهضة وهارب حتى الآن، والثالثة زوجها السلفى تزوجها طمعًا فى ثروتها وحاول إجبارها على ارتداء النقاب، وتستعرض «البوابة» عددًا من تلك الحالات التى شهدتها محكمة الأسرة.
اعتصام النهضة
انتظرت «هدى» السيدة الثلاثينية، موعد جلستها فى مكتب تسوية المُنازعات بمحكمة الجيزة للأسرة، حتى تتمكن من إقامة دعوى طلاق للضرر على زوجها، وقالت: «زوجى هارب منذ فض اعتصام النهضة، ولم أستطع الوصول إليه حتى الآن، ولكن هناك بعض الأخبار التى تصلنى منه عن طريق أحد المعارف».
وتابعت حديثها قائلة: «أنا أم لأربعة أولاد أنجبتهم خلال زواج دام لمدة ١٠ أعوام، لم يكن زوجى خلال تلك الفترة ينتمى إلى جماعة الإخوان على الإطلاق، ولم تكن له أى علاقة بأى حزب سياسى أو دينى، ولكن بعد عزل محمد مرسى من الحكم، واعتصام عناصر الإخوان فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة، فوجئت بزوجى الذى كان عاملًا بإحدى الشركات بالجيزة، ينضم إلى اعتصام النهضة، وقام بإطلاق لحيته وأمرنى بارتداء النقاب وهددنى بالطلاق إذا رفضت، حاولت إبعاده عن هذا الطريق، ولكنه كان يقول لى «الإخوان مظلومين ولازم الرئيس يرجع».
وتابعت السيدة حديثها: «كان يغيب عن المنزل بالأيام، حيث كان يقيم فى الاعتصام، ويأتى إلى المنزل لقضاء بعض أغراضه الشخصية فقط ثم يرحل، مضى أكثر من شهر وهو على هذه الحال، حتى جاءت اللحظة ولم أره إلا قبل الفض بيومين فقط».
وأضافت: «ومنذ شهر أغسطس عام ٢٠١٣ وزوجى هارب، حتى أنه تم فصله من عمله بسبب تغيبه، ولكنه يرسل لى كل فترة بعض الأخبار عن طريق أحد المعارف، ولكننى لم أعرف مكانه الحقيقى حتى الآن، وقد أبلغت الوسيط الذى بيننا أنى أرغب فى الانفصال عنه إذا لم يعد لى، ولكن تم إبلاغى برفضه الشديد، فقررت إقامة دعوى طلاق للضرر فى المحكمة حتى أحصل على حريتى منه، خاصة أن هذا الوضع غير مُبرر على الإطلاق، فأنا لست متزوجة أو مطلقة، ولا أعرف متى سيعود، ولا أعرف حتى سبب هروبه منذ أكثر من عام».
الخلاف السياسي
داخل قاعة المداولة بمحكمة زنانيرى للأسرة، انتظرت «ر. م» القاضى حتى تسمع القرار النهائى فى دعوى «الطلاق للضرر» التى أقامتها ضد زوجها الإخوانى، حيث التقت «البوابة» بها أثناء انتظارها للقرار، وقالت «تزوجت بطريقة تقليدية عن طريق أحد أقاربى، وتوسمت فى زوجى حُسن الخلق والتدين وأخلاق النبى، حيث إنه يعمل واعظًا دينيًا فى مجمع البحوث الإسلامية وإمام مسجد، وقد تزوجنا فى غضون شهر واحد فقط، على الرغم من إننى كنت أعلم أنه كان متزوجًا بأخرى ولديه طفلة، إلا أننى اهتممت بأخلاقه وتدينه فقط».
وتابعت الزوجة العشرينية حديثها قائلة: «بعد الزواج تبدلت أخلاق الإسلام وظهر رجل الدين على حقيقته، فقد كان يرفض الإنفاق علىّ واكتشفت «بُخله» وعدم تحمله للمسئولية، فلم أتزوجه سوى ١٠ شهور فقط، أنجبت خلالها بنتى الوحيدة «ريتاج»، والغريب أنه عندما علم من الطبيب المعالج أننى سأضع طفلتى بالطريقة «القيصرية» رفض وقال لى «هتولدى عند داية أحسن» رافضًا دفع أى مصاريف للولادة، ولكن أمى رفضت حفاظًا على حياتى وطلبت منى العودة إلى القاهرة وترك منزل زوجى فى مدينته «المنيا»، ومنذ يوم ولادتى كانت القطيعة بينى وبينه حيث إنه كان يتمنى أن أنجب له «ولد» رافضًا أن يكون له بنت أخرى، وقال لشقيقى عندما أبلغه أننى قد دخلت المستشفى «أنا عندى خطبة فى الجامع مش هينفع أحضر الولادة».
وأضافت: «كان يتمتع بشخصية متناقضة، حيث أمام الجيران وأقاربى كان يظهر شخصية الرجل المتدين، ولكن فى تعامله معى ومع عائلتى كان يضربنى ويسيء لى ويرفض الإنفاق علىّ، ويكره إنجاب الإناث، لدرجة أنه كان يكفرنى أنا وعائلتى فى وقت انتخابات الرئاسة فى عام ٢٠١٣، لأننا قمنا بانتخاب الفريق أحمد شفيق وهو انتخب محمد مرسى، واعتدى علىّ بالضرب وقال لي: «اللى ينتخب شفيق يبقى كافر.. حسبى الله ونعم الوكيل فيكي».
وتستطرد حديثها: «أثناء فترة انفصالنا قبل أن أطلب منه الطلاق رسميًا، علمت بالصدفة من أحد الجيران أنه يخلى منزلى فى القاهرة فى محاولة لسرقة أثاث الشقة، ولكننى لحقت به وتشاجرت معه وأخذت ممتلكاتى قبل أن يسرقها».
وتابعت: «الحياة معه كانت شبه مستحيلة، وبعد أن تركنى بعد الولادة لم يسأل عنى حتى الآن، ولم ير ملامح وجه طفلته ولا مرة، وتركنى وسافر إلى مكان عمله الجديد الذى انتدب إليه من مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة إلى محافظة البحر الأحمر، فطلبت منه الانفصال وديًا إلا أنه رفض حتى لا يدفع أى نفقات للطلاق أو نفقة للطفلة، خاصة بعد أن علمت أنه قد عاد إلى زوجته الأولى وأنجب طفلة أخرى منه، ومنذ عام ونصف العام وأنا فى دوامة المحاكم حتى أحصل على حكم الطلاق منه، واليوم أنتظر قرار الفصل فيها».
أجبرها على ارتداء النقاب
عرفها عن طريق «فيس بوك»، حتى عندما قال لها لأول مرة كلمة «بحبك» كانت عبر الرسائل «الإنبوكس»، ولم يرها شخصيًا سوى بعد عام واحد، ولكن عندما تمت خطبتهما لمدة عامين وثلاثة شهور أخرى، قرر الشيخ السلفى أن يتقمص دور الرجل الحنون والعطوف والطيب أحيانًا، أما بعد الزواج فتحولت تلك الشخصية إلى «سى السيد»، ولكن بطريقة هذا الجيل، الذى يريد أن تنفق زوجته عليه ويمتلك شقتها وأثاث منزلها التى عانت حتى تشتريه، وفى آخر الليل يجدها أنثى تُمتعه وتنسيه هموم الحياة».
كانت هذه مأساة السيدة العشرينية التى تعمل موظفة فى محافظة القاهرة، حيث التقت «البوابة» بها، وبوجه أسمر، شاحب يسكنه الأسى، ولكن يمتلك تفاصيله ضحكة باهتة، وجسد نحيل، حاولت «دعاء. ن» إنهاء أوراق قضية «الخلع» التى أقامتها ضد زوجها الشيخ السلفى و«الطماع» الذى أراد أن يعيش على عاتقها ويُحملها أعباء الحياة وحدها، دون أن يتكبد عناء أى عقبة تواجه أى زوجين، روت حكايتها قائلة «كنت لازم أعرف أن الحب على فيس بوك مش هى الحياة الحقيقية بين أى راجل وست وإن الحياة ليها طبيعة أخرى».
وواصلت حديثها قائلة: «الشيخ السلفى الذى أخفى عنى انتماءه السياسى قبل زواجنا، بدأ يتحكم فى نوع ملابسى وطلب منى ارتداء النقاب، والامتناع عن وضع مساحيق تجميل، وأى نوع معطر، فرفضت بالطبع لأننى امرأة عاملة، ولابد أن أعتنى بمظهرى الشخصى، ولا يجوز أن أرتدى النقاب لأنه لا يناسب وضع عملى، فبدأ يتهمنى بأننى غير منتمية للإسلام وأن علاقتى به مجرد كلمة «لا إله إلا الله» فقط.
وتضيف وهى تسيطر عليها حالة من الاندهاش: «لقد تعرفت على زوجى عن طريق الفيس بوك، كان وقتها يبحث عن حب يملأ فراغه العاطفى، واستمرت علاقتى به على الإنترنت لمدة عام كامل، حتى عاد من السعودية إلى القاهرة، والتقينا وقررنا الزواج وتقدم لخطبتى ووافقت أمى عليه، واستمرت فترة خطوبتنا لمدة عامين وثلاثة شهور، وعندما قرر أن يبحث عن شقة نسكن فيها، اقترحت أمى عليه أن نستقر فى منزل العائلة، بدلًا أن يستأجر شقة بعيدًا عنها، وبالفعل وافق على الاقتراح، وقرر أن يدفع إيجارًا شهريًا، مثله مثل أى مستأجر، ولكن تراجع فى كلامه وطلب من أمى تخفيض قيمة الإيجار الشهرى، وبالفعل وافقت أمى حتى تتم الزيجة، وقبل الزواج طلب منى أن أساعده فى تكوين المنزل، بحجة أنه ترك عمله فى السعودية من أجل الاستقرار معى فى القاهرة، وأنه لن يستطيع أن يتحمل تكاليف الزواج، وقد تحملت جزءًا كبيرًا من شراء أثاث واحتياجات المنزل، ووافقت لأننى أحبه، وكنت لا أريد أن أخسره، وتزوجنا فى منزل والدتى، ولكن بعد شهر واحد فقط بعد عودتنا من شهر العسل، بدأ يتضح لى الوجه الآخر له، فقال لوالدتى فور عودتنا إلى القاهرة «أنا مش هقدر أدفع إيجار تانى»، مما أثار غضب والدتى، كما منعها من زيارتى فى منزلى رغم أننا نسكن فى منزل واحد، ومن هنا بدأت تنشب الخلافات بيننا، ولكن حاولت أن أصبر عليه وعلى إهانته المستمرة لى كل يوم».
وأضافت قائلة: «كله كوم واللى عمله مع أمى كوم تانى، ففى يوم وجدته غير مفاتيح الشقة واحتفظ بها، وقال لى «الشقة دى بتاعتنا وبس»، لم أتمالك أعصابى وقتها إلا وأنا أتشاجر معه وأطلب منه الطلاق، فرفض وقال لى «هتدفعى كام؟»، فاستغلت والدتى عدم وجوده فى الشقة وقمنا بتغيير مفاتيح مدخل المنزل ومفاتيح الشقة، وجمعنا ملابسه ومتعلقاته وطردناه من الشقة، لم أكن أتوقع أن حبيبى وزوجى رجل «طماع»، وبعد مفاوضات عائلية عديدة حاولنا فيها الصلح، إلا أنه كان مصممًا على تصرفاته معى، وأن الشقة وراتبى من حقه، متاجرًا بكلام الله ورسوله من أجل الوصول لأهدافه، فقررت الطلاق نهائيًا، ولكنه رفض أيضًا وطلب منى التنازل عن كل شيء وأدفع له مبلغًا ماليًا مقابل الطلاق، إلا أننى قررت «خلعه» والخلاص منه للأبد.
شيماء إسماعيل الخبيرة فى العلاقات الأسرية، أكدت أن الخلاف السياسى أصبح داءً يصيب معظم البيوت المصرية، خاصة مستوى التعليم والثقافة الذى يؤثر بشكل سلبى على تلك الخلافات ونوعها، مؤكدة على ضرورة خلق نوع من القبول والتفهم لأيديولوجيات الآخر حتى نستطيع استيعاب تلك الأفكار، ولا تتحول إلى خلاف أسرى يستوجب اللجوء إلى محكمة الأسرة.