الخوف لا يمنع من الموت، وإنما يمنع من الحياة، كما يقول مبدعنا العظيم نجيب محفوظ، وما يريده الإرهابيون هو إشاعة الخوف بين الناس، طلبا للتوتر وإعاقة التنمية.
الخائفون لا يصنعون مجدا، يتوارون طلبا للأمان، وينسحبون أملا فى السلامة، لذا فإن ما جرى فى شبرا الخيمة يجب أن يدفعنا إلى مزيد من الجسارة والإقدام، وإلى اليقين بأننا نخوض معركة الحضارة ضد جحافل الظلام وكتائب الموت.
لا ينبغى أن يتسرب الخوف إلى قلوبنا للحظة، لا مجال للتردد ولا فرصة للحياد، الصمت موت والسكوت جريمة، واللامبالاة خيانة لأناس طيبين وشعب علّم العالم الفنون والحضارة.
هُم يريدوننا أن نتبلبل، نترجرج، نتورط فى الفزع طالبين الهُدنة، ناشدين المصالحة التى يخرج وسطاؤهم بين الفينة والفينة طارحينها كمعبّر لتيار متأسلم أساء للدين والوطن وفقد شرعية وجوده بين الناس.
سذاجة أن يتصور أحد أن بث الفزع أداة دفع، ووسيلة ضغط، وغباء أن يردد آخرون مُبادرات حول تسوية، لا تسوية مع قتلة، ولا هُدنة مع إجرام، وكُل كلمة يراد بها فك أسر السفاحين أو إفلات المجرمين من قصاص الدنيا هو عدوان على هذا الشعب، واستهتار بأولئك الغلابة الذين يسألون الله سترا وحياة.
إننا لا يجب أن نلتفت لبيانات أجنبية تهاجم إصدار قانون مصرى لمكافحة الإرهاب، خاصة فى ظل تشريعات كسيحة حولت العدالة الناجزة إلى عدالة عاجزة لا تردع ولا تمنع، وإنما تُطبطب وتُدلل القتلة وتجذب كاميرات الفضائيات ووسائل الإعلام لهم كأنهم أبطال.
فى ١١٧ دولة بالعالم توجد قوانين إرهاب تُصفى كُل مَن يُنشىء تنظيما أو خلية ضارة بالأمن القومى، وفى الولايات المتحدة نفسها (لاحظ أنها متخوفة من قانون مكافحة الإرهاب فى مصر) تشريع صارم يتدخل فى حياة الناس، ويسمح بالتنصت على حيواتهم واستجوابهم لمصلحة الأمن القومى.
وجميعنا يتذكر كيف قتل رجال المارينز أسامة بن لادن بدم بارد فى الليل على أرض دولة أخرى، وهو أعزل ودون مُحاكمة لأنه متهم لديها بالقتل والإرهاب.
إن مُهمة الحاكم فى أى دولة هى حفظ الأمن والاستقرار، ولاشك أن المسئولين فى هذا الوطن سيسألون يوم القيامة عما قدموا لترسيخ الأمن للناس، كيف منحوهم الطمأنينة والثقة؟ وكيف شجعوا العمال أن يعملوا أكثر، والمُبتكرين أن يبتكروا أكثر والمُبدعين أن يُبدعوا أكثر!
هذه بلادنا، ليست فى معزل عن العالم، لكن ذلك لا يعنى أن نستجيب لضغوط دولة أو نلتفت لتوصيات أخرى. نحن أدرى بشئوننا، لا نتهم أحدا بالتآمر ولا نظن بالآخرين الكراهية والتخطيط للخراب، لكننا وحدنا الأعلم بما يجابهنا.
كان الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت يقول دائما لشعبه: «إن أكثر ما أخاف عليكم هو الخوف نفسه»، ونحن لا نخاف الخوف، لأن المصريين لا يخافون.
والله أعلم.