الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

شوارعنا.. داخل على التلاتين

مزيكا دمها خفيف

شوارعنا بعدسة نانو
شوارعنا بعدسة نانو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"يعني إيه بيرق صوتي لما باجي أكلمك، فجأة بلقى نفسي روميو أو سي عبدالمطلب".. من المؤكد والمفروغ منه أن وقعت أذنيك ولو بمحض الصدفة على هذه الكلمات، ومن البديهي أيضًا أن تكون قد قرأتها بنفس الأداء الساخر المصحوب بخفة الدم، وأكملت بشكل تلقائي "ببقى بسكوتة خالص دايبة في شاي بلبن"، تلك الكلمات البسيطة كانت بمثابة اولى خطواتهم نحو النجومية، حفروا لنفسهم "شارعًا" جانبيًا بعيدًا كل البعد عن الحواري المعتادة في المزيكا وعالم الفن المستقل.

شوارعنا الباند الإسكندراني "أبو دم خفيف"، انطلق من قلب العاصمة الثانية، مرتويًا بهواء البحر "المنعش"، ليتحول عشقه للمزيكا إلى "نعنشة" غير تقليدية، تحولت بشكل تلقائي إلى "بهجة" لا إرادية تخرج بين سطور كلماتهم البعيدة تمامًا عن أي تصنيف "واقعي" أو "شعري"، أو حتى غنائي، على سبيل المثال لا الترجمة "همبهولا"، اتخذوها اسما لأغنية، مصحوبة بجملة "قولوا دادادا ديجي ديجي هوبا اديلوو"، والتي أصبحت هتافًا جماهيريًا يتردد في الحفلات، دون الحاجة حتى إلى فهم معناها، لكن خفتها وطريقتها "اللذيذة" جعلت منها صانعة للابتسامة، والكوميديا الارتجالية صنعوا منها مسارًا أدائيًا في الغناء، الممزوج بطابع الأداء المسرحي الساخر تارة، والـ ستاند أب تارة أخرى، فمن الصعب عليك أن تسمع لهم أغنية أو تحضر لهم حفلة دون أن "ترقص" على ألحانها وتضحك على محتواها.


شوارعنا ذاع صيته وحاز نصيب الأسد من الشهرة والانتشار بين نظائره من الباندات الغنائية في وسط الأندرجرواند والفن المستقل بمشاركته المميزة والخاطفة للأبصار والآذان في برنامج المواهب العربية الأشهر "عرب جوت تالنت" بموسمه الثالث، والذي تمكن خلاله بأغنيتي "بيرق صوتي" و"لالالا هالة جامدة هالة"، من خطف تذكرة الصعود إلى النهائيات، ولم تفصله عن التتويج باللقب سوى خطوة واحدة في سلم النجومية، ومن وقتها حفر اسمه بشكل إجباري في أذهان الجمهور العربي عامة، والمصري بشكل خاص، ومرت الشهور والسنوات، بعد عشرات الحفلات، واتساع قاعدته الجماهيرية، ليصل أخيرًا إلى مرحلة جديدة في مشواره الفني بتجهيزه لإطلاق أول ألبوماته الغنائية "داخل على التلاتين"، ليلخص تجربة مشواره الذي بدأ بشكل فعلي في عام ثورة يناير، ويقدم به وجبة استماعية دسمة تتنوع بين الجدية وخفة الدم.


"الألبوم بيعبر عننا كشباب في أواخر العشرينات، وبيقدم الباند بشكل مختلف عن العادي"، هكذا لخص الباند رؤيته عن الألبوم الجديد بدون الدخول في تفاصيل، على لسان خالد نبيل، الفوكال الرئيسي للفريق، اختاروا اسم "داخل على التلاتين" معروف المقصود منه بدون الحاجة لتفكير طويل، محاولة غنائية موسيقية للتعبير عن أجيال شبابية كثيرة في العشرينيات من العمر، السن الذي يمثل المرحلة الأهم في حياة أي "بني آدم طبيعي"، يعد بمثابة مرحلة انتقالية يبني على أساسها حياته الباقية، سن "البهدلة" و"الكحرتة" و"تكوين الذات"، جيل "لسه متخرج" من الجامعة واصطدم بالواقع، من "شغل" و"وظيفة" لا تمت بالواقع الدراسي بصلة، ويدخل في عمر الثلاثين، كرجل راشد فكريًا "أو المفروض يعني"، من المفترض أن يكون وضع حجر أساس بناء "بيته" و"حياته الزوجية"، يعبر من وجهة نظر شوارعنا عن أعضاء الباند ممن اختاروا السير وراء حلمهم كـ "فنانين" مستقلين، غير عابئين بواقع كلمة "فنان" في مجتمعنا الشرقي، دون الاتكال على المشوار الحياتي الاعتيادي في السعي "ورا الجواز" أو الوظيفة.


داخل على التلاتين يضم في جعبته حوالي 13 أغنية مختلفة، تسلط كل منها الضوء على موضوع مغاير عن الآخر، يخرج فيه شوارعنا قليلًا عن الإطار التقليدي لأغنياته ذات الطابع الساخر والكوميدي، ليضيف عليه هذه المرة تنوعًا في المحتوى، بين الجدية والرومانسية وحتى الواقعية والمشاكل الاجتماعية، وبعيدًا عن الأجواء السياسية و"النكد"، وكل ذلك دون البعد عن طابع خفة الدم المعتادة عن الباند، ولكنها تظهر بشكل أكثر احترافية، في التوزيعات واختيار الكلمات، ألبوم دخل شوارعنا في بروفات تحضيره لأكثر من 8 أشهر، تتنوع التراكات بين القديمة والجديدة، ووضع من ضمنها حوالي أربعة أغنيات من أبرز أغانيه المعروفة مثل "شوارعنا"، و"أول ماجت" و"فاكر لما"، وطبعا "بيرق صوتي"، وذلك باختيار الجمهور، بعدما فتح الباند باب التصويت لاختيار أكثر أغانيه محبة بالنسبة إليهم ليتم إضافتها إلى الأعمال الجديدة، كما ينوي إلى إطلاق عدد من الكليبات المصورة الجديدة بشكل دوري.


شوارعنا من الباندات القليلة التي تدخلك في حالة من البهجة بشكل عفوي دون اجتهاد أو محاولات "استخفاف"، مزيكا ربما تكون بسيطة لكنها تقدم "جرعة مسرحية" أكثر منها مجرد تراكات، يخلط فيه الباند الأداء المسرحي والـ "ريأكشنات" لتوصيف الحالة، يكفي مثلًا أن تبحر في عالم "متقولش بكرة لسه جاي، بكرة لسه مش أكيد"، و"قاعد مزنوق في الامتحان، لا غش نافع ولا برشام"، مرورًا بـ "بنت مرووشة ومنكوشة ماشية بترقص في الشارع، ولد سكران وبيتطوح وفيه غيره عين طالع"، وصولًا إلى "بتسأليني عاللي فات مالوقت عدى جاية بتسأليني ليه، بتسأليني عاللي راح، جاية النهاردة لسه تفكريني بيه"، ستجد بالتأكيد ما يعبر عن "مودك" وما يجعلك تبتسم وتعيد التراك أكثر من مرة. 


الألبوم الأول في مشوار أحد أكثر الفرق المستقلة في مصر خفة وبساطة، الباند الذي يسعى عن قصد أو بدون لرسم البهجة في وجوه من يسمعه، يضيف لمسة غنائية خفيفة على تابوهات "الحياة المملة" والروتين المجتمعي والسياسي الداعي إلى "النكد والزهق"، يطلق شوارعنا الألبوم بشكل رسمي عبر إحدى أكبر حفلاته الغنائية، والتي يطل من خلالها على جمهوره السكندري عبر مسرح مكتبة الإسكندرية، وذلك مساء الإثنين 24 أغسطس، والتي تحمل العديد من المفاجآت، ومن ثم يشد الرحال من العاصمة الثانية إلى القاهرة، محتفلًا وسط جماهيره بحفل آخر بعده بأربعة أيام في ساقية الصاوي، مرحلة جديدة يدخل إليها الباند "أبو دم خفيف" يعود لعشاقه بشكل جديد ومختلف، وبمحتوى أكثر جمالًا، يتلوه بعديد المفاجآت الغنائية والحفلات المتواصلة في المستقبل القريب.