الاهتمام الصحفى والإعلامى المصرى برحيل القيادى ورئيس شورى الجماعة الإسلامية وصاحب التاريخ الأسود فى عالم الإرهاب وحليف جماعة الإخوان الإرهابية فاق كل تصور، وتفوقت رحلة جثمان الراحل عصام دربالة على أى رحلة أخرى للأحياء من المشاهير، حيث تسابقت المواقع الإلكترونية على نقل أخبار رحلة الجثمان منذ وفاته داخل السجن ثم نقله إلى المشرحة ثم إلى مسقط رأسه ثم تشييعه والصلاة عليه فى مسقط رأسه ثم دفنه، بل وصل الأمر إلى أن أحد المواقع كتب خبرا عن بدء عملية تغسيل وتكفين جثمان الراحل.
ولأن الاهتمام الإعلامي المتزايد والغريب وغير المسبوق برحلة جثمان القيادي الإخواني عصام دربالة وصل إلى هذا الحد والتسابق من جانب المواقع الإلكترونية فقد تصورت أن السباق سيمتد بعد دفنه أيضا وسنجد خبراً عن الانفراد ببدء محاسبة الراحل عصام دربالة داخل قبره الآن ونشر الأسئلة التى وجهت إليه.
فليس معقولا أن تكسر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية مقولة «الحي أبقى من الميت» ليصبح شعارها مع متابعة أخبار الإخوان الراحلين عن الحياة أن «الميت الإخواني أبقى من الحي» وتتابع رحلة الجثمان من لحظة الوفاة والرحيل حتى لحظة دفنه، وربما تزيد بعد ذلك لكي تنفرد بما يحدث بعد لحظات الدفن داخل المقابر، وهذا الأمر لم يحدث مثلا مع الشهداء الأبرار الذين استشهدوا برصاص الإرهاب الإخوانى.
وإذا كان هذا الاهتمام حدث مع الراحل عصام دربالة فما هو الحال مثلا إذا رحل مرشد هذه الجماعة الإرهابية وكيف سيتعامل الإعلام مع هذا الحدث ورحلة جثمان المرشد فهل يتساوى المرشد المقدس الذى تنحني أمامه رؤوس الإخوان سمعا وطاعة مع الراحل عصام دربالة؟ وهل يكون نصيبه من الأخبار على المواقع الإلكترونية ٣٠ خبراً متتاليا على مدار ٢٤ ساعة أم يكون نصيب المرشد ٣٠٠ خبر متتالٍ، وتعرف وقتها لون وشكل الكفن.
فقصة الإعلام مع رحيل القيادى الإخوانى عصام دربالة كشفت لنا بوضوح وجلاء الدور الغريب الذى يلعبه الإعلام لصالح هذه الجماعة وحلفائها حتى بعد رحيلهم فهم أصحاب الخبر الأبرز والأهم وأن رحلة الجثمان الإخوانى ومتابعتها لحظة بلحظة واجب مقدس على بعض المواقع الإلكترونية والإعلام وتقدم خدمة جليلة لجماعة الإخوان الإرهابية تسعى إليها من خلال هذا الإعلام.
والأغرب من ذلك أن الراحل العظيم الدكتور عبدالقادر حاتم وزير الإعلام الأسبق ومؤسس التليفزيون المصري ورائد الإعلام المصرى عندما رحل منذ أسابيع قليلة لم يحظ خبر رحيله بهذا الاهتمام ورحلة جثمانه من لحظة الوفاة حتى لحظة دفنه فى المقابر وتم الاكتفاء بخبر أو خبرين لا ثالث لهما بعكس رحيل القيادي الإخوانى عصام دربالة حليف الإرهاب..
فبعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية تصنع من «الحبة قبة» كما يقول المثل الشائع فى التعامل مع أخبار وبيانات جماعة الإخوان الإرهابية ووصل الأمر إلى أخبار الراحلين منها وهذا ما تريده تلك الجماعة أن تصبح موجودة، وتمثل مشهد الصدارة فى الإعلام المصرى على الدوام حتى بعد أن تموت أيضا ويرحل من يرحل من أعضائها وتريد أن تقول إن الإخوان أحياء حتى وهم موتى.
فبعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية المصرية ما زالت تقع فى الفخ الإخوانى المنصوب لها وتبرز أخباراً لا تستحق إبرازها وتحقق للجماعة الإرهابية كل أمانيها فى التواجد والظهور الإعلامى وأن رحلة جثمان عصام دربالة لدى بعض المواقع الإعلامية كانت أهم من رحلة نقل رجلى شرطة أصيبا بعبوة ناسفة إخوانية فى محيط محكمة مصر الجديدة للمستشفى أثناء متابعة رحلة جثمان دربالة.
إن خبر رحلة جثمان القيادى عصام دربالة يستحق أن يدرس لطلبة أولى إعلام من جانب أساتذة الإعلام كنموذج لأسوأ خبر يمكن نشره وتداوله بل ومعاقبة المسئول عن نشر أخبار رحلة الجثمان على المواقع الإلكترونية وعدم استكمال الرحلة حتى لحظة الحساب داخل القبر والأسئلة التى وجهت إليه داخل قبره عما فعل فى حياته وحتى لحظة مماته.
وعلى الإعلام المصرى وبعض المواقع الإلكترونية أن تعلم أن أخبار الإخوان الأحياء والأموات على السواء لم تعد تحظى باهتمام الشعب المصرى والشعوب العربية لأن جماعة الإخوان الإرهابية أصبحت ماضياً أسود يسعى الجميع لنسيان هذا الماضى، وأن تلك الجماعة قد ماتت ولا وجود لها ولن يكون لها أى وجود، وأن رحلة جثامين الإخوان الراحلين وحلفائهم هى الرحلة الأخيرة، وعلى جميع قيادات وعناصر الإخوان الاستعداد لها بالتوبة والمغفرة وليس بالنشر الصحفى والإعلامى.