فى إبريل ١٩٧٥ وبينما كان الفريق طيار حسنى مبارك جالسا داخل مكتبه بقيادة القوات الجوية دق جرس الهاتف، وكان على الجانب الآخر للمكالمة السيد فوزى عبد الحافظ سكرتير الرئيس السادات حيث أخبره بأن الرئيس السادات قد حدد موعدا لمقابلته فى صباح الغد، وتحديدا فى العاشرة صباحا، وذلك فى استراحته بالقناطر، أدرك مبارك أن الرئيس سيسأله حتما عن القوات الجوية من أفراد وطائرات قتالية وطائرات تدريب ومطارات ومخابئ..إلخ، وربما يتطرق سؤاله إلى أشياء فنية تتعلق بأنواع طائرات جديدة أو طراز معين تحتاجه قواتنا الجوية فجمع مبارك رجاله داخل مقر القيادة وطالبهم بعدم العودة إلى منازلهم والبقاء معه لعمل تقرير كفاءة قتالية ودراسة ما قد يسأله فيه الرئيس السادات ووضع الإجابات النموذجية لكل سؤال، وظل مبارك ساهرا طوال الليل مع رجاله وقد عقد العزم على السفر صباحا بسيارة القيادة إلى القناطر ولكنه فوجئ باتصال آخر قرب الفجر من فوزى عبدالحافظ يبلغه فيه بأن الرئيس السادات سيقابله مرتديا الجلباب، ومن ثم يجب أن يأتى مبارك ببذلة مدنية وليست عسكرية وهنا اضطر مبارك للعودة إلى شقته بمصر الجديدة فى السادسة صباحا لخلع بذلته العسكرية التى كان بها فى مكتبه وارتداء ملابس مدنية ثم التحرك إلى القناطر وعندما عاد إلى بيته وجد جمال وعلاء يستعدان للنزول إلى المدرسة وكانا فى المرحلة الثانوية، وأثناء حديثه معهما اكتشف جمال أن والده لا يعرف فى أى سنة دراسية هو، وكأى زوجة فى أى بيت غضبت سوزان ورددت نفس كلمات أى امرأة مكانها «طبعا ما أنت مش عايش معانا ولا عارف ولادك وصلوا لفين..مافيش فى دماغك غير الجيش وبس».
واستقل مبارك سيارة القيادة متجها بها إلى استراحة السادات بالقناطر وطوال الطريق كان يعاتب نفسه على الموقف الذى فضح عدم اهتمامه بأمور بيت، وخاف أن يؤثر ذلك سلبا على ولديه وبينما هو ينظر إلى كُمي بذلته المدنية جالت بخاطره فكرة خلعه للزى العسكرى، فالرئيس السادات سيجالسه مرتديا الجلباب، وهذا يعنى أن اللقاء سيخرج عن الرسمية وربما يجد مبارك لحظة مناسبة ليفاتحه فى أمر تركه لقيادة القوات الجوية وتعيينه فى وظيفة مدنية يقضى بها ما تبقى من سنوات خدمته ولتكن الوظيفة هى رئيس شركة مصر للطيران أو سفيرا فى إحدى الدول الأوروبية وحبذا لو كانت لندن، لأنه يحب هذه البلدة ويطلق عليها (بلد إكسلانسات) ولو وافق الرئيس السادات على طلبه هذا سيصطحب أسرته إلى هناك ويبقى معهم أطول مدة ممكنة تعويضا عن سنوات غيابه، وعقد مبارك العزم على محادثة السادات فى هذا الأمر وبمجرد وصول مبارك إلى استراحة القناطر، قادوه إلى القاعة التى يجلس بها السادات فوجده يتناول إفطاره المكون من فطير ومش وعسل وسأله السادات: فطرت يا حسنى؟ فرد مبارك: الحمد لله يا فندم..فأشار له السادات بيده وهو يردد: تعالى تعالى.. دا فطير معمولى مخصوص، أقعد كُل معايا وجلس مبارك على مائدة السادات الذى طلب من حارسه الخاص عدم الإزعاج نهائيا وألا يدخل عليهما أحد اللهم إلا عامل البوفيه الذى سيحضر لهما الشاى على رأس كل ساعة، وبدأ السادات حديثه لمبارك متسائلا: عارف زى الأيام دى يا حسنى من ١٧٠ سنة إيه اللى حصل؟..احتار مبارك ولم يجد إجابة فاستطرد السادات سريعا: زى الأيام دى المصريين ثاروا على الوالى العثمانى خورشيد باشا وبعتوا للسلطان قرارهم بتولى محمد على حكم مصر..عارف إزاى دا تم؟ صمت مبارك ولم يجبه بحرف، فالسادات كان مثقفا وأتاحت له سنوات السجن والاعتقال قراءة عشرات الكتب، وفى فترة رئاسته لتحرير جريدة الجمهورية كتب مئات المقالات، ومن ثم فهو يعلم الكثير عن خبايا التاريخ، كما أنه يملك رؤية لتفسير بعض الأحداث ومن بينها اختيار أعيان وأشراف مصر للقائد الألبانى محمد على ليكون حاكما.. وللحديث بقية.
واستقل مبارك سيارة القيادة متجها بها إلى استراحة السادات بالقناطر وطوال الطريق كان يعاتب نفسه على الموقف الذى فضح عدم اهتمامه بأمور بيت، وخاف أن يؤثر ذلك سلبا على ولديه وبينما هو ينظر إلى كُمي بذلته المدنية جالت بخاطره فكرة خلعه للزى العسكرى، فالرئيس السادات سيجالسه مرتديا الجلباب، وهذا يعنى أن اللقاء سيخرج عن الرسمية وربما يجد مبارك لحظة مناسبة ليفاتحه فى أمر تركه لقيادة القوات الجوية وتعيينه فى وظيفة مدنية يقضى بها ما تبقى من سنوات خدمته ولتكن الوظيفة هى رئيس شركة مصر للطيران أو سفيرا فى إحدى الدول الأوروبية وحبذا لو كانت لندن، لأنه يحب هذه البلدة ويطلق عليها (بلد إكسلانسات) ولو وافق الرئيس السادات على طلبه هذا سيصطحب أسرته إلى هناك ويبقى معهم أطول مدة ممكنة تعويضا عن سنوات غيابه، وعقد مبارك العزم على محادثة السادات فى هذا الأمر وبمجرد وصول مبارك إلى استراحة القناطر، قادوه إلى القاعة التى يجلس بها السادات فوجده يتناول إفطاره المكون من فطير ومش وعسل وسأله السادات: فطرت يا حسنى؟ فرد مبارك: الحمد لله يا فندم..فأشار له السادات بيده وهو يردد: تعالى تعالى.. دا فطير معمولى مخصوص، أقعد كُل معايا وجلس مبارك على مائدة السادات الذى طلب من حارسه الخاص عدم الإزعاج نهائيا وألا يدخل عليهما أحد اللهم إلا عامل البوفيه الذى سيحضر لهما الشاى على رأس كل ساعة، وبدأ السادات حديثه لمبارك متسائلا: عارف زى الأيام دى يا حسنى من ١٧٠ سنة إيه اللى حصل؟..احتار مبارك ولم يجد إجابة فاستطرد السادات سريعا: زى الأيام دى المصريين ثاروا على الوالى العثمانى خورشيد باشا وبعتوا للسلطان قرارهم بتولى محمد على حكم مصر..عارف إزاى دا تم؟ صمت مبارك ولم يجبه بحرف، فالسادات كان مثقفا وأتاحت له سنوات السجن والاعتقال قراءة عشرات الكتب، وفى فترة رئاسته لتحرير جريدة الجمهورية كتب مئات المقالات، ومن ثم فهو يعلم الكثير عن خبايا التاريخ، كما أنه يملك رؤية لتفسير بعض الأحداث ومن بينها اختيار أعيان وأشراف مصر للقائد الألبانى محمد على ليكون حاكما.. وللحديث بقية.