الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مأساة الإنسان المصري المعاصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الشعب المصرى ذكى نابه.. ولذلك هو من أكثر شعوب العالم استخداماً للتكنولوجيا بكل صورها وبأحدث منتجاتها باستمرار.. أما لماذا لا ينتجها؟.. فالسبب والذنب، ليس سببه وذنبه!.. وإنما هو المناخ العام الفاسد والتعليم الخرب والإعلام البالى والثقافة المتردية.. إلخ. ولذلك أيضاً فهذا الإنسان المصري، متى انتقل إلى عيش الحياة فى دولة متقدمة.. ترعى العلوم والمعارف وتحظى بمناخ صحى جاد مشجع.. سرعان ما يلاحظ أن هذا المصرى فى مثل ذاك المناخ الصالح والظرف المواتي: يزدهر وينتعش، يتقدم ويقدم، يبدع ويخترع.. يعطى للحياة والإنسانية أروع الثمار والنتائج.
نعم هذه مأساة الإنسان المصرى المعاصر.. أو بلغة الإبداع تراجيديا هذا الإنسان.. أنه قادر لكنه محاصر!.. أنه ذكى لماح، مرهف ماهر، يستطيع أن ينجز ويتفوق ويبرع.. لكن ما يكبله كثير مروع!.
هذه مأساة الإنسان المصرى فى مجمل التاريخ الحديث والمعاصر.. وأزمته الكبرى القاسية المخيفة.
ولا يوجد ما يستثنى على القاعدة والحالة العامة، وفى خضم ودوامات التراجيديا والأزمة المخيمة.. خلال أحقاب التاريخ الحديث للإنسان المصري: إلا ثلاثة مواقف أو لحظات ضوء وعهود نهوض: (محمد على مروراً بإسماعيل إلى عبدالناصر).. على اختلاف شديد وتباين مؤكد بيَّن، فيما بين تلك العهود والظروف والرموز.. إلخ. بل لعله اختلاف فى كل شىء، عدا: (فكرة النهوض وبناء قوة ذاتية حقيقية للوطن).
معنى ذلك أننا عدنا إلى القاع والترديات بقوة واطراد وقسوة، على مدار أربعة عقود، بل منذ (١٩٧٤) الأسود الكارثى على التحديد.
إن ذلك كله ليس غريباً فى التاريخ الإنسانى.. وبالنسبة لكل شعب من شعوب الإنسانية: أى المرور بمراحل نهوض وخطى إلى الأمام.. وبأحقاب اضمحلال أو انحطاط أو خراب.
المهم باستمرار، أن نسأل، مستهدفين الاستفاقة والتجاوز:
ما الذى أوصلنا إلى هنا؟.. وكيف؟.. وما بالدقة مسئولية كل ما، ومن، أدى إلى المأساة أو التراجيديا وأفضى إلى الأزمة؟
وما حدود وطبيعة مسئولية هذا الإنسان المصرى نفسه، فى كل ما جرى له، وما لا يزال يجري؟.. (وإذن كيف يوصف ويقيم كل من «الظرف الذاتي» و«الظرف الموضوعي»، فى القصة والحالة؟..).
ثم كيف التجاوز، والنهوض بعد عثرة.. بل ترديات مضطردة، متفاقمة؟.
ثم ما دور ومهام كل منا..؟
لأن النهوض من جديد، دوماً، ممكن.
والحركة والانطلاقة ممكنة.
بل ينبغى أن يكون ذلك هو الهدف على التحديد.
والعمل كله والتخطيط والتجهيز والاجتياز، يكون من أجل إنجاز هذا الهدف والمراد، بالتفصيلى الدقيق القريب على الطريق إليه، وبالاستراتيجى البعيد.
وبعد، إن فى «شخصية مصر» بحق عبقرية مكان.
وأيضاً للحق عبقرية الإنسان.
وهو إنسان بطبيعته وفطرته وملكاته، منذ دولته القديمة تحت ملوكه الفراعنة، مروراً بكل ما مر به وإلى الآن: إنسان يحمل بين جوانحه طبيعة مبدع فنان، مستعد دوماً للبناء والعمران، قادر بالتأكيد على النزال والقتال الصعب المرير للدفاع عن صروحه وصناعاته ومزارعه.. (وعن قيثارته).
وفى شخصية الشعب المصرى أيضاً، ككل شعب من شعوب الأرض، نقاط ضعف إلى جانب المزايا.
وعلى الباحثين الدارسين لشخصية مصر: عبقرية المكان.. وكذا عبقرية الإنسان، وطبائعه وخصاله وخصائصه.. أن يرشدوه إلى مواطن ومشكلات الضعف ليتجاوزها.
وإلى مواضع القوة والمنعة والعبقرية.. لتتأكد.
وهذا بعض دور النخبة.. أو الصفوة.. أو المثقفين، أياً كان التعبير.
ويظل الهدف نصب أعين الجميع: أن ينهض الإنسان المصرى بعد تعثر، وأن يتقدم بعد تراجع طال.
وأن تستخلص الفرصة، والمنحة، من قلب المحنة.. ومأساة الإنسان المصرى المعاصر.
وأن تجتاز (شخصية مصر: عبقرية المكان) ظرفاً.. وتنجز (شخصية مصر: عبقرية الإنسان) هدفاً.