الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

شروخ لا شيوخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين الكلمة “,” اللُغم“,” والكلمة “,” السنبلة “,” تحلق الأفكار فى سماوات الدنيا ، فتزرع مدنا وتحرق أخرى ، لذا فإن الارهاب “,” كلمة “,” قبل أن يكون رصاصة جاهلة أو خنجر مسموم أو ديناميت قاتل . من هنا فإن أى مواجهة للارهاب تستسهل الحل الأمنى وحده هى مواجهة منقوصة أو تأجيل ملفق لمعركة دامية بين مجتمع وخارجين عليه.
منذ صاح عبد الرحمن بن ملجم فى وجه على بن أبى طالب وهو يقتله غدرا “,” لا حكم الا لله “,” ، والقتل والعنف والارهاب باسم الدين يسكب دوارق القبح على أوطاننا .
تكررت العبارة في أزمنة مختلفة ، واستخدمت مقولة الحق في سبيل أباطيل عديدة ، وأطل عبد الرحمن بن ملجم فى ثياب أخرى وبأقنعة متنوعة ، لنشهد سيد قطب يكفّر المجتمع الذى تأثر بثقافة الغرب ، ونعرف شكري مصطفى يعتبر أنصاره وحدهم المسلمين وهو إمامهم ، ونرى محمد عبد السلام فرج يفتى بقتل الرئيس السادات لأنه يحكم بغير ما أنزل الله .
سُفحت الدماء ، واحترقت سنابل القمح فى مصر والجزائر واليمن والعراق والسودان باسم نصرة الدين . سقط الابرياء وهربت البسمات من فوق الشفاه ، وفرت أسراب السنونو من بلادنا التائهة . وانطلق رصاص التكفير يقتل ضحاياه فى سادية وخسة معنويا بعد أن تمتد أيدى الجهلة لرقابهم ظلما وعدوانا .
الارهاب فكرة ، لا يمكن تفكيكها ودحضها بالمواجهة الأمنية ، والسجن ، والقانون ، والمصادرة ، والمنع فقط . لابد من فكر دينى مضاد يرد الكلمة بالكلمة ، والحجة بالحجة ، ويمسح القذى عن أعين من لا يبصرون سماحة ودعة ونضارة وتحضر الاسلام .
لا باقة ورد ، ولا قنديل نور ، ولا لمسة محبة ، وكأن الاسلام دين السيف فقط .. وكأنه رسالة تمييز ضد الانسانية .. وكأنه لم يأمر بالمعروف ولم يحض على الرفق ، ولم يدعو إلى العفو والتسامح .
منذ عقود طويلة لم يرسم لنا أحد مشايخنا صور بديعة للمسلمين الأوائل عندما كانوا يعلّمون الدنيا معنى التحضر . منذ خالد محمد خالد لم يصدر كتاب حول انتصار الاسلام للحرية سواء العقائدية أو الشخصية . منذ كتاب “,”حياة محمد“,” البديع لم يخط لنا أحد مخطوطا عن سمات الرسول الفذة في أخلاقه، وأفكاره ، ومعاملاته . منذ نهج البردة لم نسمع قصائد ممتعة تبهر سامعيها عن عظمة وجمال وجلال هذا الدين . كل ما نقرأه ونشاهده و نسمعه حول الاسلام يحض على الكراهية والعنف والارهاب .
وبين من يحسبون الدين جهلا ، ومن يسمون الجهل دينا نقف حيرى عطشى لمدد عالم أو فكر مفكر يصدح بالحق ويرشدنا الى فهم رشيد للاسلام .
والأزهر مدان في كل هذا ، وخريجوه الذين تسلفنوا وتوهبوا وحادوا عن الوسطية نفّروا الناس من الاسلام أكثر من أعدائه ، ولولا ضعفهم وهوانهم وقلة حيلتهم ما فتح الاخوان فما ، وما سرت مقولات التكفير فى جسد الأمة ككرات الدم البيضاء بسرعة ونشاط .
قبل سنوات عندما كنت أتناول العشاء مع المفكر الاسلامى المعتدل الدكتور أحمد صبحى منصور فى منزل أحد الاصدقاء في واشنطن ، وحدثني الرجل بأسى عن شيوخ الأزهر وعلمائه وضعفهم الذى منح الارهاب صك التأييد . يومها قال لى أن بعضهم أكثر “,” قطبية “,” من سيد قطب نفسه ، وأن أغلبهم لا يعرفون كيف يردون على مقولة “,” لا حكم الا لله “,” فيهزون روؤسهم وهم يتمتمون : “,”ونعمى بالله “,” .
حزنت وترحمت على زمان كان فيه رجل يمشى على الأرض اسمه محمد عبده .