فرض الوصاية هو أبشع ما يمكن ممارسته من سلوك، وبمصر الآن تيار ينشط عكس الاتجاه فى معظم المناسبات التى تستحوذ على تأييد واسع من الشعب المصرى، من الممكن أن نقول عنهم إنه توافه ونمضى، ولكن أتوقف عندهم بسبب مفارقة مهمة، وهى أن هؤلاء هم أكثر الناس تحدثًا باسم الشعب، حيث لا يتوقف الواحد منهم عن مضغ كلمة الشعب يريد، وعندما يريد الشعب اختيار طريقه المخالف لذلك التيار نسمع من السُباب ما لا يليق، مع إصرار غريب على أن تلك القلة تملك الحقيقة المطلقة ولا يتركون لأنفسهم هامش «قولى صواب يحتمل الخطأ وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب» حتى هذا الاحتمال مرفوض من وجهة نظرهم وصار اليقين من أملاكهم كدواعش صغار.
أما الأكثر عجبا فى تلك المهزلة هى أن ترى البعض منهم يستخدم مصطلح الوطنية كتهمة وشتيمة لمن يختلف معه فضلًا عن نحت مصطلحات أخرى للتنابز مثل الدولجية وعبيد البيادة والمخطوفين ذهنيًا، لذلك من المهم التوقف ومحاولة فهم هذه الصرعة التى يدعى المصابون بها أنها معارضة، والمعارضة بشكل عام أمر مطلوب ومهم وحيوى للمجتمعات، ولكن عندما تتحول إلى مرض هيستيرى كالذى نراه من كثيرين، فليس أمامنا إلا واحد من تفسيرين، وهما إما أن تكون تلك المعارضة فى حاجة إلى تفسير من قبل مدارس الطب النفسى أو هى مجرد وظيفة لهذا المعترض يعيش عليها ويقتات منها وتجلب له ملايين الدولارات من التمويلات المشبوهة.
هذه الأصوات المحبطة، ليست خلايا إخوانية نائمة ولكنها خلايا تخريبية نشطة ويزيد الطين بلة عندما نعرف أن نشاط تلك الخلايا يتم فى كثير من الأحيان على نفقة الدولة، وبأموال دافعى الضرائب، فهل من المعقول لكوادر تتربع فى مؤسسات الدولة كالجامعات وما تسمى بالصحف القومية وكذلك المدعو ماسبيرو وهيئة قناة السويس وغيرها أن يصدر منهم كل هذا العبث ونشر كل ذلك الغُثاء، والذى لو حاولت فضائيات معادية صناعة مثيل لما ينتجون من عشوائيات فكرية ما نجحت مثلما يضرب ذلك السوس بدن الوطن.
لقد وصل الحال بأحدهم فبركة حساب على تويتر باسم رئيس الجمهورية ويغرد من خلاله ما يندى له الجبين إلى حد السخرية من الطفل عمر مريض السرطان الذى رفع العلم المصرى على يخت المحروسة مجاورًا للرئيس، ونعرف أن السخرية وخفة الدم التى اشتهر بها المصريون لم تتدن يومًا لمثل تلك السخائم التى يطالعها كثيرون، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن الأكثر خطرًا فى المجتمع المصرى الآن هل هم الإخوان أصحاب القنابل أم من مهدوا الطريق للقتل وشرعنوا الخراب، ويحاولون بكل ما أوتوا من صفاقة نشر روح الهزيمة وتسليم البلاد للدمار.
أتخيل صورة موظفى التثوير لو استمر نظام الإخوان، أراهم يهرولون فى الشوارع بملابسهم الداخلية، ومن خلفهم يهرول صاحب كرش ولحية يحاول اللحاق بهم لنزع ما تبقى من ملابسهم، ولذا يصبح العجب أمرًا واجبًا ويصبح التساؤل أمرًا مشرعًا من أين جاء هؤلاء بكل هذا الغل والتغابي؟ ومن قال لهم أن ينوبوا عن الشعب ويسخروا من فرحته؟ وما هى قوتهم لدى الشعب حتى نصمت عن إهاناتهم وتطاولهم؟.
نعرف جيدا أنه كلما خطونا خطوة للأمام، فإن المتربصين والخائفين على تمويلاتهم يموتون كمدًا لكن على الطرف الآخر نجد شعبًا يقول لهم: نعم نحن كشعب ودولة مشغولون بحربنا مع الإرهاب، ولكننا ونحن نحارب حفرنا القناة.