المشروعات الكبرى المنجزة على الأرض وحدها القادرة على صياغة نسق قيمى حديث، ومن ثم نسج خطاب مجتمعى داعم للتطور.
التاريخ هو من يحدثنا بهذه الحقيقة، ولنرجع إلى الوراء مائتى عام فقط.
لم تجد قيم التنوير وخطاب الوعى طريقها فى المجتمع المصري، إلا بعد أن نجح محمد على باشا فى بناء الجيش المصرى على أسس حديثة، إلى جانب إرسال البعثات العلمية للخارج، وإنشاء أول مطبعة مصرية- والتى عُرفت فيما بعد بالمطابع الأميرية- وأصدرت أول صحيفة عرفها المصريون «الوقائع المصرية».
كان التعليم وبناء الجيش أهم مشروعين قوميين أُسست على قواعدهما أركان الدولة المصرية الحديثة، وبتطورهما نشأت منظومة قيمية وثقافية وسياسية واقتصادية، بفضلها عرفت مصر أول برلمان عام ١٨٦٦ فى عهد الخديو إسماعيل، وشهدت حفر قناة السويس، وبروز مدافعين عن قيم التنوير مثل رفاعة الطهطاوى ومحمد عبده.
مشروع قناة السويس الجديدة، وما سيلحقه من تنمية اقتصادية، فى حد ذاته متغير سيدفع نحو صياغة منظومة قيمية جديدة، ينتج عنها خطاب سياسى واقتصادى وإعلامى ودينى مختلف تماماً عن الخطاب الدائر الآن.
وأتصور أن أول تغير يجب أن يطرأ كنتيجة مباشرة لافتتاح القناة، يرتبط بالخطاب السياسي؛ فليس من المقبول أن يستمر هذا الخطاب المُشكك دائماً فى نوايا الدولة تجاه مواطنيها، والذى يجعلها دائماً متهمة بسوء القصد، ويبرز حالة من انعدام الثقة بين المواطنين من ناحية والدولة من ناحية أخرى.
مشروع القناة قدم نموذجاً للثقة المتبادلة؛ فقد وثق الرئيس فى استجابة شعبه لدعوته بتمويل عمليات حفر القناة الجديدة، ووثق المصريون فى رئيسهم ودولتهم؛ فقدموا له ٦٤ مليار جنيه فى ستة أيام، ومع افتتاح القناة تستوى العلاقة بين الدولة والمواطن على عرش الثقة؛ فقد صدقت وعدها، وينبغى التأسيس على هذه العلاقة والكف عن استخدام الخطاب المتشائم المتشكك غير الواثق فى قدرة الدولة.
غير أن الدولة مُطالبة هى الأخرى باستثمار هذا الإعجاز، لترجمة طريقة الإدارة التى أتُبعت فى تنفيذ المشروع إلى خطاب اقتصادى وقانونى وإدارى يسود المجال العام، ويساعد فى عملية إدارة البيروقراطية المكونة من ستة ملايين موظف وتنظيم العلاقة معها، بحيث يخلق هذا الخطاب الجديد قيماً دافعة للمزيد من بذل الجهد المنظم والتنافس من أجل الإنجاز.
لن تكون قناة السويس المعجزة الوحيدة التى يحققها المصريون تحت مظلة دولتهم الحديثة؛ فثمة مشروعات زراعية وصناعية كبرى فى الطريق.
التاريخ هو من يحدثنا بهذه الحقيقة، ولنرجع إلى الوراء مائتى عام فقط.
لم تجد قيم التنوير وخطاب الوعى طريقها فى المجتمع المصري، إلا بعد أن نجح محمد على باشا فى بناء الجيش المصرى على أسس حديثة، إلى جانب إرسال البعثات العلمية للخارج، وإنشاء أول مطبعة مصرية- والتى عُرفت فيما بعد بالمطابع الأميرية- وأصدرت أول صحيفة عرفها المصريون «الوقائع المصرية».
كان التعليم وبناء الجيش أهم مشروعين قوميين أُسست على قواعدهما أركان الدولة المصرية الحديثة، وبتطورهما نشأت منظومة قيمية وثقافية وسياسية واقتصادية، بفضلها عرفت مصر أول برلمان عام ١٨٦٦ فى عهد الخديو إسماعيل، وشهدت حفر قناة السويس، وبروز مدافعين عن قيم التنوير مثل رفاعة الطهطاوى ومحمد عبده.
مشروع قناة السويس الجديدة، وما سيلحقه من تنمية اقتصادية، فى حد ذاته متغير سيدفع نحو صياغة منظومة قيمية جديدة، ينتج عنها خطاب سياسى واقتصادى وإعلامى ودينى مختلف تماماً عن الخطاب الدائر الآن.
وأتصور أن أول تغير يجب أن يطرأ كنتيجة مباشرة لافتتاح القناة، يرتبط بالخطاب السياسي؛ فليس من المقبول أن يستمر هذا الخطاب المُشكك دائماً فى نوايا الدولة تجاه مواطنيها، والذى يجعلها دائماً متهمة بسوء القصد، ويبرز حالة من انعدام الثقة بين المواطنين من ناحية والدولة من ناحية أخرى.
مشروع القناة قدم نموذجاً للثقة المتبادلة؛ فقد وثق الرئيس فى استجابة شعبه لدعوته بتمويل عمليات حفر القناة الجديدة، ووثق المصريون فى رئيسهم ودولتهم؛ فقدموا له ٦٤ مليار جنيه فى ستة أيام، ومع افتتاح القناة تستوى العلاقة بين الدولة والمواطن على عرش الثقة؛ فقد صدقت وعدها، وينبغى التأسيس على هذه العلاقة والكف عن استخدام الخطاب المتشائم المتشكك غير الواثق فى قدرة الدولة.
غير أن الدولة مُطالبة هى الأخرى باستثمار هذا الإعجاز، لترجمة طريقة الإدارة التى أتُبعت فى تنفيذ المشروع إلى خطاب اقتصادى وقانونى وإدارى يسود المجال العام، ويساعد فى عملية إدارة البيروقراطية المكونة من ستة ملايين موظف وتنظيم العلاقة معها، بحيث يخلق هذا الخطاب الجديد قيماً دافعة للمزيد من بذل الجهد المنظم والتنافس من أجل الإنجاز.
لن تكون قناة السويس المعجزة الوحيدة التى يحققها المصريون تحت مظلة دولتهم الحديثة؛ فثمة مشروعات زراعية وصناعية كبرى فى الطريق.