السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

اللي اختشوا ماتوا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر في حالة حرب، والعجيب أن هناك من لا يدرك تلك الحقيقة، والأعجب أن تجد من يتعمد تعكير الماء ثم يصطاد فيه، متجاهلا تماما ما نحن فيه وما تمر به البلاد، أجل قلنا يجب أن نواصل أمورنا الحياتية وكل شيء يجب أن يسير بصورة طبيعية، حتى لا ندع مجالا للإرهاب أن ينال منَّا أو يؤثر فينا، ولكن سأضرب مثالا لتقريب الصورة لما حدث مؤخرا، تخيلوا أن هناك مجموعة من البلطجية المجرمين يتربصون بمنزل ويحيطون به ويحاولون اقتحامه لتخريبه وهدمه، فمن المؤكد أن الأسرة التي تعيش بداخله ستدافع باستماتة عن منزلها وبكل قوتها، فما رأيكم إذا وجدتم فجأة فردا من هذه الأسرة يرتدى ملابسه ليذهب إلى شاطئ البحر أو إلى السينما ليلهو مع أصدقائه؟ فما هو رد الفعل الطبيعى في ذلك التوقيت الحرج، وما هو الشعور تجاه هذا الفرد؟ ذلك بالفعل ما حدث مؤخرا.
مصر تتصدى لإرهاب ومخططات خارجية وداخلية ومؤامرات تُحاك وأعداء بالخارج والداخل يتربصون بها وعمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات، ويسقط شهداء كل يوم، وفى ظل تلك الظروف الصعبة هناك حتمية لتوفير الغذاء والأمن، وكل متطلبات الشعب واحتياجاته، وفجأة تجد الشعب ينقسم إلى فريقين متناحرين، ويتم افتعال أزمة على مباراة كرة قدم، وتبدأ معركة من تبادل الاتهامات والسباب، وجمهور أحد الفريقين يقتحم الاستاد بعنف، وينزل إلى الملعب، ويشعل الشماريخ، وتحدث إصابات وحالات اختناق من التدافع، فتعود إلى أذهاننا صورة مذبحة بورسعيد التي راح ضحيتها شباب صغار فقدوا أرواحهم من أجل مباراة -وإلى الآن لم تبرد نارنا ولم نأت بحقهم- وندخل في صراعات جانبية ومعارك وتبادل اتهامات، حتى يصل الأمر لبلاغات يتم تقديمها إلى النائب العام، وتهديدات بالانسحاب والرجوع عنه، ويتدخل رئيس الوزراء ووزارة الداخلية لحل الأزمة.. بالله عليكم ماذا تفعلون؟ بالله عليكم هل مصر تستحق ذلك؟ وهل الوضع الراهن يتحمل؟ فبدلا من أن ينشغل رئيس الوزراء والنائب العام والداخلية بالأولويات ينشغلون بفض (خناقة) على مباراة؟ هل فكرتم أن هناك عدوا متربصا يخلق كل الفرص لكى يشعل الأزمات ويسقط الضحايا؟ فما بالكم وأنتم تعطونه ما يريد على طبق من ذهب؟
حسنا سوف أزيدكم من الشعر بيتا لعلكم تُدركون أو تَعْقلون...
قبل تلك الأزمة بيومين تم الهجوم على كمين (الرفاعي) بمنطقة الشيخ زويد بشمال سيناء، وتصدى أفراد الكمين للإرهابيين بكل شجاعة، وقامت قوات الجيش بعمليات هجومية للبؤر الإجرامية والتصفية والقبض على العناصر الإرهابية، ودارت اشتباكات عنيفة، وسقط من أبناء القوات المسلحة من فلذات أكبادنا ٧ شهداء، إضافة إلى المصابين، أي أن هناك بيوتا استقبلت العيد بخبر استشهاد أبنائها، وخرجت قرى بأكملها لتودعهم في جنازات حاشدة، وعندما ننظر لصورة جماعية لأبطال الأرض عرسان السماء التقطوها عشية العيد، ولم يدركوا حينئذ أنها ستكون آخر صورة لهم، وأنهم سيكونون شهداء بعد ساعات، بالله عليكم أخبرونى ما هو شعوركم؟ وعندما تنظرون لوالد شهيد المنصورة مصطفى عبد الغنى (٢٢ سنة) الذي لم يكسره فقدان ابنه، وتمنى أن يكون كل أبنائه شهداء، ويتحدث عنه قائلا: «كان دايما ساكت كان بيحب مصر وبيتمنى الشهادة وربنا كتبهاله، وآخر كلمات بيننا كانت عقب صلاة العيد، مصطفى قال لى ادعوا لى إحنا بنحارب عشانكم وعشان مصر»، وأثناء الجنازة ومرور جثمان الشهيد تنطلق زغرودة مجلجلة تقشعر لها الأبدان، ويكون مصدرها والدة الشهيد التي تصرخ قائلة: «ألف مبروك يا عريس نزفَّك للجنة مع السلامة يا مصطفى يا بطل مع السلامة يا حبيبى في الجنة يا نور عينى أنا أم البطل أنا أم البطل».
وعندما يعثر زملاء شهيد آخر من أفراد الكمين في جيب بدلته الميرى على رسالة إلى والدته يقول لها: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إزيك يا أمى عامله إيه، لو قدر ليكى تشوفى رسالتى دا معناه إنى استشهدت، وإن أصحابى لقوها في جيب الأفرول بتاعى، يا أمى زى ما أبويا قرر يدخلنى الجيش بعد الثورة، وخرجت منه ملازم قد الدنيا كان لازم أحمى أم الدنيا وعلشان كده بصراحة أنا اللى كان عندى إصرار إنى أروح أخدم في سيناء، قولى يا حاجَّة لأحمد أخويا إن في حرب بجد فيها سلاح ثقيل وفيها أسلحة متطورة، وفيه أعداء منهم ناس بتضحك في وشنا الصبح، ولما الليل بييجى ويبدأ ضرب النار ونرد عليهم بنروح نشوف اللى مات ونلاقى جثة لواحد كان الصبح بيفطر معانا، من كام يوم جاء القائد العام الفريق صدقى صبحى، ورئيس الأركان الفريق محمود حجازى، واتغدينا كلنا معاه، وسأل الفريق صبحى عن واحد من زمايلنا اتكرَّم من شهور بسبب تضحيته في الدفاع عن زمايله، فقالوا له إنه استشهد لقينا الفريق وقف الأكل، وأمر بمقابلة أهله أول ما يرجع للقاهرة، لما تشوفى جثتى يا أمى اوعى تبكى أو تضعفى عايزك تقولى لكل الدنيا وانتى لابسه أبيض في أبيض إنك أم الشهيد وأم البطل، وعايز أقول لشعب مصر ما تخافوش إحنا واقفين ناخد الرصاص في صدورنا بدالكم).
ما رأيك يا شعب مصر في تلك اللمحة وتلك الرسالة؟ ألم تهتز مشاعركم؟ ألم تدمع أعينكم؟ ألم يعتصر قلبكم وجعا؟ ألم تخجلوا من أنفسكم؟ هناك من يحملون أكفانهم ويضحون بحياتهم من أجل مصر، ومن أجل أن تنعموا بالأمن والأمان، وبدلًا من أن تقفوا يدا واحدة على قلب رجل واحد خلف بلدكم وقيادتكم وجيشكم وشرطتكم لتحيا مصر وتنتصر... تتصارعون وتنقسمون من أجل مباراة!!
مصر هي الأهم وفوق كل شيء
مصر هي الأهم يا مصريين
مصر تحتاج منكم الإخلاص والتضحية، كونوا يدًا واحدة تهزم الأعداء وملعون أي شيء يفرقكم
الشهيد بيقولكم ماتخافوش يا شعب مصر إحنا واقفين ناخد الرصاص في صدورنا بدالكم
هما بيموتوا عشانكم وانتم بتتخانقوا على مباراة
حقا عار عليكم
عار عليكم
عار عليكم
فعلا اللى اختشوا ماتوا.