تضرب العسكرية- المصرية- اللحظة الراهنة مثالًا وضاءً فى الفداء والإيثار، والانحياز لفكرة رمزية أو معنوية اسمها الوطن وناس ذلك الوطن.
ولقد سبق لى أن شرحت مطولًا فى برنامج (عازم وللامعزوم) على موجة البرنامج العام قبل عملية يناير ٢٠١١ بعامين، رؤيتى لدور الجيش فى الحياة العامة وفى الحياة السياسية كذلك، وبدا الحديث غريبًا على السياق العام فى ذلك الوقت، ولكننى مضيت فيه مدفوعًا برؤية صغتها فى أن مصر تحتاج الآن (كان ذلك عام ٢٠٠٨) إلى (إدارة الجيش) لا (إدارة رجال الأعمال) لأن أهل البيزنيس يبحثون عن الخلاص الفردى أو الربح الشخصى، أما رجال القوات المسلحة فهم يبحثون عن الخلاص الوطنى.
ولقد كررت نفس الفكرة عدة مرات فى مقالات (الشوارعيزم) التى كنت أكتبها فى «الأهرام»، وكذلك فى إحدى حلقات برنامجى التليفزيونى «حالة حوار» وكانت تحت عنوان: (الجيش والسياسة)..وكنت أنطلق دائمًا من أننا نعد رجل القوات المسلحة من أجل لحظة نقول له فيها: اذهب لتموت، فيموت، أما رجل الأعمال- وبالذات من النوعية التى تتصدر المشهد الآن- فهو يعد نفسه من أجل لحظة يضع فيها الوطن فى حقيبته السامسونيت ويهرب.
رجال الأعمال المصريون - فى معظمهم- «كومبرادور» يعنى أصحاب كيانات تابعة للشركات الأم وراء البحر، وهى غالبًا متعددة الجنسيات، والسادة فى تلك الشركات الأم يأمرون أتباعهم فى مصر لينفذوا رغباتهم وأوامرهم التى تتجاوز معنى (الوطنية) على كل الأوجه.. يعنى فى تلك النقطة بالذات يلتقى رجال الأعمال والإخوان المسلمون، لأن عقيدة كل منهما لا تحفل - كثيرا- بفكرة الوطنية، فالإخوان يرون الوطن - كما علمهم سيد قطب - حفنة من تراب عفن، ومعظم رجال الأعمال يتجاوزون بارتباطاتهم مصالح ومطالب الوطن، وهم مشدودون من رموشهم إلى قادتهم فى الشركات الأم يتابعون أخبار لوبى البترول فى تكساس أو لوبى صناعة الاتصالات فى أوروبا وأمريكا أو غير ذلك، وغنى عن البيان هنا أن الكثير من تلك الشركات الدولية متعددة الجنسيات هى مؤسسات واجهة (Front Organization) للمخابرات الدولية وعلى رأسها (CIA) وهذه معلومات موجودة علانية على عدد من مواقع تلك الشركات الإلكترونية أو على موقع المخابرات المركزية الأمريكية ذاته، ومن ثم فإن التوجيه الذى يتلقاه رجال الأعمال المصريون أصحاب مثل تلك الارتباطات، هو - فى حقيقته تكليف بتلبية احتياج ربما يكون مخابراتيًا، ومن ناحية أخرى فإن تلك الشركات العملاقة وأجهزة المخابرات خلفها، خلقت تعبيرات سياسية عن مصالحها الاقتصادية والأمنية تمثلت فى وسائل إعلام أو منظمات أهلية أو مجموعات داخل أحزاب، وهى تقوم بواسطة مندوبيها (رجال أعمال مصريين) بإدارة هذه الشبكة أوركستراليًا على نحو شديد التعقيد والدقة.
لتلك الأسباب ولحزمة طويلة عريضة أخرى من المبررات ترافعت - طويلًا- عن فكرة (إدارة الجيش) بدلًا من (إدارة رجال الأعمال)، ولذلك فقد كان ترحيبى بالتغيير الذى حدث فى ٢٨ يناير ٢٠١١، هو فى حقيقته ترحيبًا بتولى الجيش المسئولية، وقد جاءت مقالاتى الثلاث الأولى فى الأهرام بعد ذلك التغيير، تؤكد ذلك المعنى تحت عناوين: (الجيش) و(المؤسسة العسكرية) و(القوات المسلحة).
هذه - فقط - الزاوية التى نظرت بها إلى تغيير يناير، وهى الوحيدة التى دفعتنى إلى قبوله.
ومررنا - جمعيًا- بعد ذلك بتطورات متلاحقة تضاغطت فيها مع المجلس العسكرى جماعات تدعى الثورية، اكتشفنا بالوثائق والتسجيلات مدى خيانتها وعمالتها وجاسوسيتها، وظهر لنا ارتباطها العضوى بأجهزة مخابرات تركية وقطرية وحمساوية وإيرانية وأوروبية وأمريكية، وقد أوصلنا ضغط تلك الجماعات وقدرتها (فى ذلك التوقيت) على إثارة الشارع وتحريكه والضغط على مطالبه (الاجتماعية بالذات) إلى قفز الإخوان الإرهابيين وجماعات السلفيين على مقعد الحكم فى مصر تحت شعارات ساقطة من طراز (عصير الليمون) وغيرها..والمتأمل لقائمة أسماء المنضوين تحت لواء تلك الكتيبة يعرف أنهم - جميعًا- من كتبة ومذيعي وسائل إعلام رجال الأعمال، الذين خاضوا معنا الحرب ضد الإخوان، لأن مصالح رجال الأعمال تعرضت للخطر فى عهد الإخوان، والآن يدعى أولئك الإعلاميون والصحفيون أنهم أصحاب ٣٠ يونيو.
انحاز الجيش للشعب فى ٣ يوليو وبدأت حقبة مصر الجديدة التى أربكتها كثيرًا إدارة (عدلى منصور- البرادعي- الببلاوي- مصطفى حجازي) فى البداية إلى أن اعتدل الأمر بوصول السيسى للحكم مشمولًا بتأييد شعبى غلاب.
وكان فض اعتصام رابعة والنهضة فى ١٤ أغسطس بداية حقبة جديدة أعلنت فيها جماعة الإخوان الإرهابية وعصابات الجهاد التكفيرى الحرب على الدولة والجيش، وهى ما يخوض فيها أبطالنا معارك بطولية مضحين بأرواحهم فى سبيلنا.
ولكن الجيش والشرطة يبدوان وحدهما فى تلك المعركة..لا تظهر جبهة داخلية تساندهما أو تشد من أزرهما، لا بل على العكس فإن كل مؤسسات الدولة تمتلئ بعناصر الطابور الخامس وهم نفس الكتائب التى عملت من قبل بتوجيه رهط من رجال الأعمال.
هم يعوقون مسيرة السيسى ومسار مصر الجديدة، ويخلقون بيئة صديقة للإرهاب، وينفذون بنود الخطة الجديدة من المؤامرة الكبرى على مصر، ولا يملون من المناداة بدمج الإخوان الإرهابيين فى الحياة السياسية، ويتبنون كل الشائعات التى تطلقها أجهزة الحرب النفسية علينا، ويحاولون إعاقة صدور قوانين توقع عقوبات رادعة على من ينشر أخبارًا كاذبة تؤثر فى معنويات الجنود.
أولئك هم طليعة العدو الذى نواجهه، وأولئك هم الذين يجب أن ندخل معهم (معركة وجود) لتصفية حضورهم العام ولحسابهم على ما اقترفوا من جرائم، وأولئك هم الذين يمنعون ظهور جبهة داخلية قوية تقف خلف بواسل القوات المسلحة كما كانت جبهتنا الداخلية عام ١٩٦٩ أيام حرب الاستنزاف وبناء حائط الصواريخ.
ولقد سبق لى أن شرحت مطولًا فى برنامج (عازم وللامعزوم) على موجة البرنامج العام قبل عملية يناير ٢٠١١ بعامين، رؤيتى لدور الجيش فى الحياة العامة وفى الحياة السياسية كذلك، وبدا الحديث غريبًا على السياق العام فى ذلك الوقت، ولكننى مضيت فيه مدفوعًا برؤية صغتها فى أن مصر تحتاج الآن (كان ذلك عام ٢٠٠٨) إلى (إدارة الجيش) لا (إدارة رجال الأعمال) لأن أهل البيزنيس يبحثون عن الخلاص الفردى أو الربح الشخصى، أما رجال القوات المسلحة فهم يبحثون عن الخلاص الوطنى.
ولقد كررت نفس الفكرة عدة مرات فى مقالات (الشوارعيزم) التى كنت أكتبها فى «الأهرام»، وكذلك فى إحدى حلقات برنامجى التليفزيونى «حالة حوار» وكانت تحت عنوان: (الجيش والسياسة)..وكنت أنطلق دائمًا من أننا نعد رجل القوات المسلحة من أجل لحظة نقول له فيها: اذهب لتموت، فيموت، أما رجل الأعمال- وبالذات من النوعية التى تتصدر المشهد الآن- فهو يعد نفسه من أجل لحظة يضع فيها الوطن فى حقيبته السامسونيت ويهرب.
رجال الأعمال المصريون - فى معظمهم- «كومبرادور» يعنى أصحاب كيانات تابعة للشركات الأم وراء البحر، وهى غالبًا متعددة الجنسيات، والسادة فى تلك الشركات الأم يأمرون أتباعهم فى مصر لينفذوا رغباتهم وأوامرهم التى تتجاوز معنى (الوطنية) على كل الأوجه.. يعنى فى تلك النقطة بالذات يلتقى رجال الأعمال والإخوان المسلمون، لأن عقيدة كل منهما لا تحفل - كثيرا- بفكرة الوطنية، فالإخوان يرون الوطن - كما علمهم سيد قطب - حفنة من تراب عفن، ومعظم رجال الأعمال يتجاوزون بارتباطاتهم مصالح ومطالب الوطن، وهم مشدودون من رموشهم إلى قادتهم فى الشركات الأم يتابعون أخبار لوبى البترول فى تكساس أو لوبى صناعة الاتصالات فى أوروبا وأمريكا أو غير ذلك، وغنى عن البيان هنا أن الكثير من تلك الشركات الدولية متعددة الجنسيات هى مؤسسات واجهة (Front Organization) للمخابرات الدولية وعلى رأسها (CIA) وهذه معلومات موجودة علانية على عدد من مواقع تلك الشركات الإلكترونية أو على موقع المخابرات المركزية الأمريكية ذاته، ومن ثم فإن التوجيه الذى يتلقاه رجال الأعمال المصريون أصحاب مثل تلك الارتباطات، هو - فى حقيقته تكليف بتلبية احتياج ربما يكون مخابراتيًا، ومن ناحية أخرى فإن تلك الشركات العملاقة وأجهزة المخابرات خلفها، خلقت تعبيرات سياسية عن مصالحها الاقتصادية والأمنية تمثلت فى وسائل إعلام أو منظمات أهلية أو مجموعات داخل أحزاب، وهى تقوم بواسطة مندوبيها (رجال أعمال مصريين) بإدارة هذه الشبكة أوركستراليًا على نحو شديد التعقيد والدقة.
لتلك الأسباب ولحزمة طويلة عريضة أخرى من المبررات ترافعت - طويلًا- عن فكرة (إدارة الجيش) بدلًا من (إدارة رجال الأعمال)، ولذلك فقد كان ترحيبى بالتغيير الذى حدث فى ٢٨ يناير ٢٠١١، هو فى حقيقته ترحيبًا بتولى الجيش المسئولية، وقد جاءت مقالاتى الثلاث الأولى فى الأهرام بعد ذلك التغيير، تؤكد ذلك المعنى تحت عناوين: (الجيش) و(المؤسسة العسكرية) و(القوات المسلحة).
هذه - فقط - الزاوية التى نظرت بها إلى تغيير يناير، وهى الوحيدة التى دفعتنى إلى قبوله.
ومررنا - جمعيًا- بعد ذلك بتطورات متلاحقة تضاغطت فيها مع المجلس العسكرى جماعات تدعى الثورية، اكتشفنا بالوثائق والتسجيلات مدى خيانتها وعمالتها وجاسوسيتها، وظهر لنا ارتباطها العضوى بأجهزة مخابرات تركية وقطرية وحمساوية وإيرانية وأوروبية وأمريكية، وقد أوصلنا ضغط تلك الجماعات وقدرتها (فى ذلك التوقيت) على إثارة الشارع وتحريكه والضغط على مطالبه (الاجتماعية بالذات) إلى قفز الإخوان الإرهابيين وجماعات السلفيين على مقعد الحكم فى مصر تحت شعارات ساقطة من طراز (عصير الليمون) وغيرها..والمتأمل لقائمة أسماء المنضوين تحت لواء تلك الكتيبة يعرف أنهم - جميعًا- من كتبة ومذيعي وسائل إعلام رجال الأعمال، الذين خاضوا معنا الحرب ضد الإخوان، لأن مصالح رجال الأعمال تعرضت للخطر فى عهد الإخوان، والآن يدعى أولئك الإعلاميون والصحفيون أنهم أصحاب ٣٠ يونيو.
انحاز الجيش للشعب فى ٣ يوليو وبدأت حقبة مصر الجديدة التى أربكتها كثيرًا إدارة (عدلى منصور- البرادعي- الببلاوي- مصطفى حجازي) فى البداية إلى أن اعتدل الأمر بوصول السيسى للحكم مشمولًا بتأييد شعبى غلاب.
وكان فض اعتصام رابعة والنهضة فى ١٤ أغسطس بداية حقبة جديدة أعلنت فيها جماعة الإخوان الإرهابية وعصابات الجهاد التكفيرى الحرب على الدولة والجيش، وهى ما يخوض فيها أبطالنا معارك بطولية مضحين بأرواحهم فى سبيلنا.
ولكن الجيش والشرطة يبدوان وحدهما فى تلك المعركة..لا تظهر جبهة داخلية تساندهما أو تشد من أزرهما، لا بل على العكس فإن كل مؤسسات الدولة تمتلئ بعناصر الطابور الخامس وهم نفس الكتائب التى عملت من قبل بتوجيه رهط من رجال الأعمال.
هم يعوقون مسيرة السيسى ومسار مصر الجديدة، ويخلقون بيئة صديقة للإرهاب، وينفذون بنود الخطة الجديدة من المؤامرة الكبرى على مصر، ولا يملون من المناداة بدمج الإخوان الإرهابيين فى الحياة السياسية، ويتبنون كل الشائعات التى تطلقها أجهزة الحرب النفسية علينا، ويحاولون إعاقة صدور قوانين توقع عقوبات رادعة على من ينشر أخبارًا كاذبة تؤثر فى معنويات الجنود.
أولئك هم طليعة العدو الذى نواجهه، وأولئك هم الذين يجب أن ندخل معهم (معركة وجود) لتصفية حضورهم العام ولحسابهم على ما اقترفوا من جرائم، وأولئك هم الذين يمنعون ظهور جبهة داخلية قوية تقف خلف بواسل القوات المسلحة كما كانت جبهتنا الداخلية عام ١٩٦٩ أيام حرب الاستنزاف وبناء حائط الصواريخ.