الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المؤامرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الغريب بل من العجيب أن بعض الناس حتى الآن يتشدقون بكلمات جوفاء، لتحسبهم من المثقفين حين يقول أحدهم (أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة).. هكذا أصبح المتحدث ذا كيان ورأى، فهو لا يؤمن بنظرية المؤامرة لأنه صاحب رؤية خاصة به أو فلسفة منفتحة على العالم، وهو يعتقد أن جميع أهل الأرض يحبون بعضهم البعض، وأن هذه الصراعات التي حولنا هي من صنع الإعلام، فالإعلام فقط هو المتآمر، وحين تسرد له الوقائع الدالة على وجود مؤامرة على المنطقة العربية، يعارضك بقوله إن المؤامرة من داخلنا نحن، أما الغرب فهم لا يفكرون فينا ولا يشغلون بالهم بنا، وأظن هؤلاء جميعا من العميان، فمن لا يرى من ثقوب (الغربال) فهو أعمى وهو لا يطلع على الصحافة الغربية أو مذكرات بعض القادة والزعماء الذين يعترفون بوجود المؤامرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تحدثنا في مقال سابق عن كتاب «نصر بلا حرب» للرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون، الذي يتحدث في فصل منه صراحة عن أمن إسرائيل والذي لن يتحقق من وجهة نظره، إلا بوصول التيارات الأصولية في المنطقة إلى الحكم، وقد يظن البعض أن هذا الأمر يخالف المنطق، فمن المفترض أن أصحاب هذه التيارات من المتشددين يناصبون العداء لإسرائيل، ولكن الحقيقة كما يرى نيكسون أو كما أخبره وزير خارجيته الثعلب هنرى كيسنجر، أن المتشدد دائما هو أسهل في الانقياد من الوسطى أو المعتدل الذي يرى الأمور بمقياس العقل.. فالمتعصبون والمتشددون يمكنك وبسهولة اختراقهم بإشعال نيران الفتنة بينهم من خلال أفكارهم ومعتقداتهم، ومن السهل مثلا أن تشعل حربا بين السنى والشيعى، وبين السلفى والإخوانى وبين الصوفى والسلفي، وعلى هذا فلابد من تأجيج الاختلافات، وتربية الصغار على كراهية الآخر وعلى ما اسموه فقه الأولويات، وذلك حين يتحول قتال جيش مصر العظيم ليكون أهم وأولى من قتال جيش إسرائيل، وحين يصبح الشعار أن تحرير القدس لن يتم إلا بتحرير القاهرة أولا، والسؤال الذي يحيرنى: ممن سيتم تحريرها يا ترى؟ هل من أهلها الذين يعشقون ترابها أم من رجال جيشها البواسل، وحين تتحدث كونداليزا رايس ٢٠٠٦ عن رياح التغيير التي ستهب على المنطقة العربية مع نهاية ٢٠١٠ وأن فوضى ستعم المنطقة بأسرها لتخلق نظما ودولا جديدة، ولذا فهى فوضى خلاقة، ثم يرفض السيد عمرو موسى وقتها هذا الرأى، ويؤكد أن السيدة وزيرة الخارجية الأمريكية لا تعى حقيقة الشعوب العربية، وأن الأنظمة فيها مبنية على العصبيات بالدرجة الأولى، ولكن يبدو يا أستاذ عمرو أنك لم تكن تفطن إلى وجود مؤامرة يتم التحضير لها، ويتم صرف المليارات لتحقيق أهدافها، وكنا مثله لا نعرف أن بعض الشباب يتدرب في صربيا على قلب نظام الحكم وكيفية استغلال الواقع الأليم لإقناع الناس بحتمية التغيير، وكانوا يتعلمون في محاضرات كيفية التأثير في الناس عن طريق الإنترنت ولاسيما مواقع التواصل الاجتماعى وعلى ترديد شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) وكيفية تحطيم هيبة الدولة، وذلك لتعم الفوضى من أجل إعادة تقسيم المنطقة من جديد إلى دويلات صغيرة متجاورة، ولكنها متحاربة بسبب الخلافات المذهبية أو العصبية أو القبلية، وطالما وجد الخلاف سهلت السيطرة، فالكل يريد الحماية من الدولة الأولى في ظل عدم وجود قوى أخرى عالمية بعد انهيار الاتحاد السوفييتى بمؤامرة تحدث عنها نيكسون في نفس هذا الكتاب، والذي أتوقف أمامه طويلا، لأنه يعترف صراحة بوجود مؤامرة بدأ التفكير فيها عقب نصر أكتوبر ٧٣، إنهم لا يريدون تكرار ما حدث من هزيمة للجيش الإسرائيلى الذي يحارب بسلاح أمريكى، واليوم وعلى صفحات الإنترنت الكثير من الفيديوهات للمسئولين في أجهزة المخابرات الأمريكية والذين يقولون صراحة نحن متآمرون عليكم ولكننا نثق أنكم لن تصدقونا.