الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عثمان عبدالرحيم القميحي (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحن الآن أمام فكرة أو منهج جديد تمامًا، فالكتاب عنوانه «تطبيق مفاهيم الجودة الشاملة على منظومة الدعوة الإسلامية» والمؤلف د. عثمان عبد الرحيم القميحي- الأمين العام للهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة وتقييم الأداء» (سنابل للكتاب- ٢٠١٥) وابتداءً أقرر أنها المرة الأولى التي أسمع فيها عن وجود هيئة عالمية تضطلع، وتحاول بهذه المهمة، وأقرر أنه يبدو غريبًا أن يكون مقر هذه الهيئة أو على الأقل مقر رئيسها د. عادل عبد الله الفلاح في بلجيكا. 
وعلى أية حال العنوان شديد الإغراء وهو بذاته دعوة للتجديد مصحوبة بدعوة للتجديد والخروج من مأزق التكرار الممل والالتزام المذل لأفكار تراثية عفى عليها الزمن ويرفضها العقل والعلم، وذلك كله لأن البعض من التراثيين والمتمسكين بكل قديم يزعمون أن «المعرفة الدينية» لا يمكن تجديدها لأنها تختلف عن غيرها من المعارف فهم يزعمون «أن المعرفة الدينية قد اكتملت على يدى جيل الصحابة والتابعين الذين أتوا بالمعرفة الكاملة والتامة في شئون العقيدة، وأن التمسك بهذه المعرفة هو العاصم من الدلل، بمعنى أن المعرفة الدينية غير أية معرفة أخرى، فهى غير قابلة للتجديد أو المراجعة « يتمسكون بذلك متناسين الآية الكريمة «وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا» (الأحزاب-٦٧) وآية أخرى » «أفلا يتبدرون القرآن أم على قلوب أقفالها» (محمد/٢٤) وحديث رواه أبو هريرة « أن الله يبعث على رأس كل مائة من السنين لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها» وقول ابن القيم «من أفتى الناس بمجرد النقل من الكتب برغم اختلاف أعرافهم وعوائدهم وأزمنتهم وأحوالهم فقد ضل وأضل وكانت جنايته على الدين» (إعلام الموقعني- الجزء الثالث- ص٧٨). 
ونعود إلى الكتاب تطبيق مفاهيم الجودة الشاملة على منظومة الدعوة الإسلامية»، وكانت هذه المقدمة ضرورية لأنه لا يمكن بحث مفاهيم الجودة أو تجديدها أو صحتها منهجا علميا دون سند من المقدمة السابقة، ونقرأ في المقدمة « تعانى الدعوة الإسلامية من إشكاليات متعددة، ويعتبر التفكير في إدخال مفاهيم الإدارة الحديثة والجودة الشاملة في المنظومة الدعوية نقلة في تطوير الأداء الدعوة، وتجديد الخطاب الإسلامي، من خلال التأسيس لمنهج علمى في قياس وتقييم وتطوير المنظومة الدعوية. لأن فلسفة الجودة الشاملة تعنى أنها وببساطة منظومة للقياس والتقويم والارتقاء بتحقق من خلالها مبدأ الاتقان والتطوير المستمر والتجديد المتواصل» (ص٤) وتحت عنوان «إشكالية البحث» تأكيد على هذا البحث يتسم بالحداثة والجودة وانعدام الدراسات والبحوث التي تناولت تطبيق الجودة الشاملة في الدعوة الإسلامية بالاستناد إلى إدارة الجودة باعتبارها إحدى الفلسفات الإدارية الحديثة» ثم يؤكد المؤلف «أنه لا مكان للعشوائية في مهمة يرتبط بها مصير الناس عامة في الدنيا والآخرة ولها ارتباط كبير بتشكيل صورة الإسلام لدى المتلقين سواء أكانوا مسلمين أو غيرهم.. ولأن الإسلام أكد على اتقان العمل والجودة كقيم إسلامية فإن اتقان الدعوة وتجديدها ومن ثم تجديدها أصبح ضروريًا. ولكنه يلاحظ أن الحديث عن الدعوة كعلم مستقل شأنه شأن بقية العلوم المستقرة كعلم الأصول والفقه ومصطلح الحديث تواجهه صعوبة شديدة ذلك أن علمية «علم» الدعوة لم تكتمل» (ص٩). ويمايز بين الكاتب بين معطيات محددة، ويجد أن التراث الإسلامى يحيل على مخاطبة المسلم لغير المسلم داعيًا إياه للإسلام»، بينما انحسر مصطلح «الدعوة» في فعل «الوعظ». 
وما فيه من خطاب أيا كان أسلوبه أو ما فيه من محتوى، وهكذا تحولت «الدعوة» من كونها عملية تجديد إلى عملية جزئية مرتبطة بالمهارات الخطابية. ويتداخل المفهومان «الدعوة» والوعظ» بما يؤدى إلى قدر من الاضطراب في تعريف علم «الدعوة». ثم يقول «واستحضارًا للمعنى اللغوى مع المعنى الشرعى نرى أن «الدعوة» يمكن تعريفها بأنها عملية إنسانية منظمة تجمع بن الداعية والمدعو. تدعو غير المسلم إلى حقيقة الإسلام، وتقوم بتجديد فهم الإسلام لدى المسلم. لدعوته نحو مقصد معين. وهنا يدعونا المؤلف إلى التوقف أمام عدة عبارات «فالدعوة إلى حقيقة الإسلام بمعنى الابتعاد بالمسلم وبالإسلام عما هو من غير الإسلام من مفاهيم وانحرافات وعقائد وتصورات تبتعد عن جوهر الإسلام شكلتها تراكمات تاريخية وقناعات ذاتية، كما يراد به بيان جوهر الإسلام القطعى أو الشرع المنزل ووجوب تمييز عما يلتبس لما يلتبس؟» أما عبارة وتجدوه في حياة المسلم فهى عمل تجديدى إيحائى بمعانى الدين من خلال تجديد القديم إذ أن التجديد سنة ماضية من سنن الإسلام. والتجديد في معناه اللغوى يبعث في الذهن تصورًا تجتمع فيه ثلاثة معانٍ متصلة لا يمكن فصل أحدها عن الآخر ويستلزم كل منها الآخر. أولها أن الشيء المجرد قد كان في أول الأمر موجودًا وقائمًا وللناس به عهد.
وثانيًا أن هذا الشيء أتت عليه الأيام فأصابه البلى وصار قديمًا، والثالث أن ذلك الشيء بتجديده يعود إلى أصل جوهره.
ونواصل