الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إرهابيون ضد الإرهاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الأسبوع الماضى دشّن حزب النور حملة إعلامية بعنوان «مصر ضد الإرهاب» في عدد من محافظات الجمهورية، برفع لافتات رفض واستهجان وتنديد بالعنف والإرهاب، محاولًا تحسين صورته في سبيل الاستعداد للانتخابات البرلمانية.
والواقعة تُذكرنى بتلك البيانات الإنشائية العصماء التي كانت جماعة الإخوان تُصدرها في تسعينيات القرن الماضى للتنديد بالإرهاب والعنف، لتتبرأ من تاريخ دموى ومن أداء فاشى اقترن بالجماعة مُنذ تأسيسها.
المعين واحد، والبئر ذاتها التي أخرجت لنا جماعات تغييب الوعى الوطنى وإعدام القومية المصرية باسم الدين هي منطلق حزب النور القائم على أساس دينى بحت. يتجلى أحيانًا ويستتر أحيانًا أُخرى لكنه لصيق بأساس التكوين الحزبى.
لا شىء تغيّر سوى أن الإخوان أسقطوا بعد وصولهم إلى الحُكم جميع أستار التورية وشطبوا خطط «التقية» وأظهروا المعدن الحقيقى للمتأسلم الأُحادى الكاره للآخر المُكفّر للمُختلف، والمُحتكر للحق والهُدى. الآن حزب النور يُكرر التجرُبة مُرتديًا قناع الوعظ، مُحاولًا تجميل صورته، باعتباره ضد الإرهاب وضد العُنف وضد استغلال الدين.
كيف لنا أن نُصدق أن مُختطفى الدين وتُجاره يستبشعون العُنف ويرفضون الإرهاب؟ كيف نقتنع بذلك وكلام سادتهم ومشايخهم وقادتهم لا يختلف كثيرا عن كلام سمعناه مرارا من قادة الإخوان؟ كيف نُصدق أنّ مَن رفض السلام الجمهورى، وسمّى المواطن المصرى المسيحى ذميًا، وكرر مرارا أن الديمقراطية خروج واضح على الشريعة من المُمكن أن يقف معنا في الخندق ذاته المواجه للإرهاب الدينى؟ كيف نرضى لهؤلاء الذين يناصبون المرأة العداء، ويعتبرون الثقافة والفنون والحضارة آثامًا ابتليت بها مصر أن يخدعونا للمرة المليون بأنهم أرق وأسمح وأطيب وأنسب الكائنات للعمل السياسي؟
في ظنى وليس كُل الظن إثمًا أن المتسلفنين أكثر عنفا وتشددا ومخاصمة للحياة من الإخوان. كُل مُتسلفّن يؤمن بالوهابية ويُقدس ابن تيمية هو مشروع إرهابى خطير. الفارق الوحيد بينهم وبين الإخوان أنهم لم يُختبروا بعد، لكن يبدو أنهم يسيرون في الطريق ذاته.
احذروهم بنى وطنى، ولا تنخدعوا ببريق كلام ولا بابتسامات خادعة. إن أرادوا منع الإرهاب عليهم تحويل حزبهم إلى حزب مدنى يسمح برئاسة غير المسلم والمرأة وينفض عن قياداته الوجوه العابسة التي تخلط الدين بالسياسة وتتخذ الإسلام سلما لتحقيق أغراض ومكاسب حياتية.
تُذكرنى لافتات الحزب لمواجهة الإرهاب بشعر طريف لأمير الشعراء أحمد شوقى يقول فيه:
برز الثعلبُ يومًا / في شعار الواعظينا / فمشى في الأرض يهذى / ويسبُ الماكرينا. ويقول الحمد ُ لله إله العالمينا / يا عباد الله توبوا / فهو كهف التائبينا / وازهدوا في الطيرِ / إن العيش عيش الزاهدينا/واطلبوا الديك يؤذن / لصلاة الصبح فينا/فأتى الديكُ رسول/ من إمام الناسكينا / عرض الأمرُ عليه / وهو يرجو أن يلينا / فأجاب الديك: عذرا / يا أضل المهتدينا / بلغ الثعلبَ / عن جدودى الصالحينا / عن ذوى التيجان ممن / دخل البطن اللعينا/مخطئ مَن ظنَّ يومًا / أن للثعلبِ دينا».
والله أعلم.