الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حكومة وأهالي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من زمان وبين الحكومة والناس لعبة استغماية.. الحكومة تعطى الناس باليسار، وفى اليوم التالى تأخذ باليمين ما أعطته بالأمس، والناس يتفرجون ببلاهة أو هكذا يبدو الأمر.
لكنهم في الليل يختلسون من جيب الحكومة ما أخذته باليمين وفوقه زيادة.
وترتبك الحكومة، فالسارق مجهول، وهى لا تستطيع أن تشك في أحد بالذات -وذلك لأنها تشك في الجميع!- لذلك يكون قرارها أن تكرر اللعبة فتعطى الناس باليمين هذه المرة وتأخذه باليسار.
تعلن الحكومة وتبشر الموظف بأنها ستمنحه علاوة تصل إلى عشرين جنيها.
ويرد الموظف وأنا سأعطيك شغلا لمدة عشرين دقيقة.
تفرض الحكومة ضريبة مبيعات فيتوقف الناس عن الشراء.
ترفع الحكومة أسعار السلع، فيرفع الناس سعر ما يتقاضونه من إكراميات وهدايا وخلافه.
تنقص الحكومة ميزانية الخدمات، فيترك الناس صنابير الحكومة مفتوحة وأنوار مصابيحها مضاءة نهارا، فتزيد أعباء الحكومة.
تتجاهل الحكومة أحوال الناس وأوضاعهم، ويرد أطفال الناس بقذف القطارات بالطوب ورمى القمامة في عرض الطريق.
تتهم الحكومة الناس بالفوضى والقذارة وأنهم لا يستحقون عنايتها.
ويتهم الناس الحكومة بالكسل والإهمال وتجاهل مصالحهم.
الحداقه متبادلة.. والاستعباط كذلك.
وكل طرف يسبق الآخر ويشتكى.
الحكومة تصيح: الناس دول هيجننونى!
والناس تصرخ: الحكومة بتستعبطنا.. الحقونا!
واللعبة غير معلنة، بل تدور بأكملها في اللاشعور، ولذلك لا تتوقف.
في بلاد أخرى يسمى تصرف الحكومة في رفع الأسعار وزيادة الضرائب والخنصرة في نفقة الخدمات، تمسكا واستبدادا.
لكن شعبنا والحمد لله مؤدب ولا يستعمل هذه الألفاظ الهدامة وحكومتنا أيضا لا تحب أن تسمعها.
وفى بلاد أخرى يسمى إهمال الناس وتكاسلهم إضرابا عن العمل وتخريبا لمنشآت عامة وجريمة تهرب من الضرائب ورشوة واختلاس.. إلخ. لكنّ شعبنا المؤدب إذا سمع هذه الألفاظ أحمر وجهه واستعاذ بالله.
زمان كانت الحكومة غير الناس، الحكومة مماليك أجانب، والناس من الفلاحين الفقراء، ثم تغير الوضع وأصبح رجال الحكومة من المصريين الأعيان، ثم أصبح رجال الحكومة من الطبقة المتوسطة على الأقل قبل أن يصبحوا من الحكام.
ومعنى هذا أن جيب الحكومة وجيب الناس واحد، ولا معنى أن نأخذ من جيب لنضع في الجيب الآخر، وربما أننا لا نستطيع أن نضع أيدينا في جيب شعب آخر، فلا مفر أمامنا من أن نعمل معًا، حكومة وشعبا، ليزيد مقدار ما يدخل إلى جيوبنا.
الحق على الحكومة أم على الناس؟
ظنى أن الحكومة تعتقد أنها وريثة المماليك والباشوات. أو هي وجدت في الأوضاع السابقة ما ارتاحت إليه، فاستمرت تعامل الناس على أنهم رعايا.
وعموما الأمر يحتاج إلى لجنة من علماء علم النفس يحللون سلوك الناس وسلوك الحكومة.
الناس مصابون بعقدة اضطهاد والحكومة مصابة بداء جنون العظمة.
خواطر
* غيّروا تسمية ضريبة الملاهى وجعلوها ضريبة مسرح وسينما. وكان الأصح أن يغيروا كلمة ضريبة فتصبح التسمية «إتاوة مسرح» دون أن يتناقض ما جاء في الفقرة السابقة مع الواقع الذي يقول إن بعض العروض التي تشاهدها على خشبات المسارح تتمسح باسم الكوميديا بينما الأصح أن تسمى «ملاهى».
* اقرأ الفتاوى المتناقضة حول قتل فرج فودة.
مطلوب أيضا فتوى شرعية، ما حكم الذي يجاهر بأن الأرض كروية؟
* يسألنى البعض بغلاسة: لماذا لا تكتب كل «ما تراه»؟
هيكون ليه؟ العتب على.. النظر طبعًا.
*****
هل لاحظت شيئا غريبا في هذه السطور السابقة؟.عن نفسى لم أجد فيه أي جديد.
وأظن أن القراء لن يروا فيه جديدا، مع أنى كتبته في مقال في مجلة الأهرام الرياضى بتاريخ ١١ أغسطس عام ١٩٩٣، أي من ٢٢ عاما بالتمام والكمال، ولم أغيّر فيه حرفا، فما الجديد؟ بالأمس قتلوا فرج فودة، وبالأمس أيضا قتلوا النائب العام محامى الشعب، ولن يكون الأخير، بينما يسقط ضباطنا جنودا وشرطة وقضاتنا ومارة أبرياء، وفى نفس الوقت نجد من يتهم إسلام بحيرى بازدراء الأديان كأنه سيفجر الدين، كما اتهموا وحكموا على فرج فودة ونجيب محفوظ وغيرهم، وما زالت الناس تتسول وتعانى الغلاء والمرض والإهمال ومن البلطجية واللصوص، ورغم كل الإيجابيات التي حدثت منذ عام، فما زلنا نعيش في العصور الوسطى.